عرض مشاركة واحدة
قديم 10-21-2013, 10:14 AM
المشاركة 31
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حمزة شحاتة (3)
والمعروف عن حمزة شحاتة أنه أديب عزوف يحفل بنشر إنتاجه شعراً كان أم نثراً.. ولا يرغب المشاركة في أي مجال من مجالات النشر، ولهذا فهو يغضب ويتأثر كثيراً بما ينشر عنه خصوصاً المديح والثناء.. وكثيراً ما تصدى للمادحين بالعتاب واللوم والنقد في كثير من الحالات.
وإن من أبرز صفات حمزة شحاتة أنه يدعو دائماً إلى الفضيلة والإصلاح الاجتماعي، كما يدعو إلى التجديد والابتكار في الأدب، والصراحة في القول، والرجولة، واقتفاء الآثار الحيوية المنتجة.. ويمتاز كذلك بحضور البديهة وسرعة الخاطر، والتحدث عن شتى الفنون، ومناقشة من يريد المناقشة حتى أنه يستطيع أن يبحث ويناقش أكثر من عشر ساعات إلى أن يتبع جو النقاش بحثاً وتعليقاً واستنتاجاً.. وإذا حدث استفز العواطف، وأيقظ المشاعر وملأ جو الحياة شعوراً وأملاً جديداً.
وإلى جانب ذلك كان ناقداً جبار الحجاج، قوي الحجة غزير المادة لا يغير من أمر التفكير شيء يثني من عزمه كأدب عملاق.
ولم يكتف الشاعر بأن يكون واحداً من المعدودين في الحجاز بالبراعة النادرة في العزف على العود، وإنما عكف على دراسة الموسيقى العربية، مقامات وأنغاماً ومصادر هذه المقامات والأنغام وتاريخها عند الفرس، وفي الأندلس، وعند الأتراك، وفي حلب، وما يتولد من هذه المقامات، وكيف تتعانق وأين تتنافر، وما يقال عن علاقة بعضها بالساعة من الليل أو النهار.. ثم... الموسيقى: (صوت)، فلا بد من دراسة علم الصوت في مصادره من كتب الطبيعة في مستوى المراجع، وليس في مستوى الكتب المدرسية، كيف يحدث.. وكيف يتردد، وهل يفنى أم لا يفنى ولماذا يفنى، والدليل أو الأدلة على كل ذلك.
ولو أراد حمزة أن يكون في عداد كبار الملحنين في مصر، لما أعجزه ذلك وقد بلغ في الموسيقى مستوى العلماء، وما زلت أذكر كيف كان يقع على الأخطاء في تلحين كبار الموسيقيين في مصر، ويذهب في نقدها وتسقط التوائها، أو في اكتشاف السرقة أو التأثر بالشيخ سيد درويش أو بمن يعرفهم من أئمة الموسيقى التركية القديمة إلى حد التصحيح بعزف اللحن كما ينبغي أن يكون، وتشعر أن اللحن قد استقام فعلاً بما يبعثه من الارتياح والانسجام، ثم يقول بعد ذلك: (ما أشد ما يخسر الصوت القوي من أصالته وقدرته على الأداء بما يجنيه الملحنون على المطربات والمطربين).
وكان حمزة شحاتة أستاذاً في الحوار وفي الحديث فليس من يمكن أن يكون شبيهاً له، ولا يعرف له نظير في ذلك.
كان يدير الحديث عن موضوع فكري بحت، يمكن أن يفهمه المثقفون من أصدقاء حمزة شحاتة، يشد الأسماع، حتى ولو كان بين جلسائه أشخاص من عوام الناس، ممن لا يمكن أن تكون لهم أدنى صلة أو علاقة بالموضوع.. وكان يملأ جو الجلسة حركة وحيوية ومرحاً بما يتتابع في حديثه من نوادر وطرائف ونكسات وتعليقات، ولا يعفي نفسه من التمثيل أحياناً بحركة في العينين أو الأنف، حين لا يجد بداً من تجسيد الصورة الساخرة للفكرة أو للرجل الذي يتحدث عنه.. وهذا فيما يشبه تدفق مياه السدود قوة وانطلاقاً وحفولاً بما يشبه الموسوعة من أخبار القدماء والمحدثين، وليس في الأدب والفلسفة أو الشعر فحسب، وإنما في التاريخ والسياسة والمبادئ وأنظمة الحكم، في التاريخ العربي أو الإسلامي بل والتاريخ القديم والحديث.
ويتساءل عزيز ضياء في كتابه عن حمزة شحاتة عن هذه الموهبة فيقول:
"وإني لأتساءل متى؟؟ وكيف أتيح له أن يبلغ هذه المرتبة التي نفترض أنه بلغها في العشرين.. ومن المفروغ منه أنه لم يكن الوحيد الذي تخرج من مدرسة الفلاح، ولم يكن أيضاً الوحيد الذي ابتعث إلى الهند، كما لم يكن الوحيد الذي قرأ ما قرأناه وظللنا نقرؤه من مصادر الثقافة وينابيع الفكر.
على أن حمزة شحاتة -رحمه الله- لم يمارس كتابة القصة أو الرواية أو المسرحية، وهذا هو الأرجح بعد أن أُتيح لي استعراض تراثه.
والذي نشر من شعر حمزة شحاتة، ليس أقل القليل فحسب، وإنما هو قطرة من بحر، والذي لم ينشر وتفرق لدى بعض أصدقائه، لا سبيل للوصول إليه.

[1] المصدر: حمزة شحاتة شاعراً إسلامياً، رسالة ماجستير للأستاذ فايز طلعت وفا -1405هـ 1985م.
[2] في الصفحة الأخيرة من غلاف كتاب "إلى ابنتي شيرين" ط1980م أنه توفي في القاهرة في 12/12/1390هـ، وفي كتاب "حمزة شحاتة لعزيز ضياء" إنه توفي في 12/12/1392هـ.
[3] راجع ص25 "حمزة شحاتة قمة" لعزيز ضياء.
[4] الطبعة الأولى -دار تهامة -1400هـ1980م -ص29.
[5] (216 إلى ابنتي شيرين)..
[6] ص11 حمزة شحاتة -عزيز ضياء- المكتبة الصغيرة.
[7] 313 دراسات فكرية.
[8] 314 دراسات فكرية.
[9] صفحة 327 دراسات فكرية..
[10] نشرت بديوان العواد كذلك.
[11] نشرت مقالة حمزة شحاتة بصوت الحجاز 6 رجب 1355-20 سبتمبر 1936 وجمعت في كتاب "حمار حمزة شحاتة" ص22 منشورات دار المريخ بالرياض.
[12] 47 العواد -قمة وموقف، القاهرة 1980 -نشر مشخص وباعشن.
[13] ص19 من الكتاب..
[14] جريدة المدينة المنورة -عدد 16 من ذي الحجة 1391هـ.
[15] حمزة شحاتة: لعزيز ضياء.
[16] الأستاذ عبد الله عبد الجبار مقدمة الكتاب -ص5.
[17] ص6 من الكتاب..
[18] ص180-182، 262 وما بعدها -الشعر والتجديد- طبعة القاهرة 1958م.
[19] يذكر المؤلف أن الشاعر ولد في مكة المكرمة عام 1328هـ، وأنه توفي عام 1391هـ.
[20] ص20 أعلام الحجاز..
[21] المصدر السابق نفسه.
[22] ص25 المرجع نفسه.
[23] ص157 من المرجع نفسه.
[24] ص16-20 حمزة شحاتة -لعزيز ضياء.
[25] ص16-20 حمزة شحاتة -لعزيز ضياء.
[26] من مقدمة "غادة بولاق".
[27] من مطبوعات المكتبة الصغيرة لصاحبها الأديب الكبير عبد العزيز الرفاعي.
[28] ص7: إلى ابنتي شيرين.
[29] ص15 إلى ابنتي شيرين.
[30] يؤيد ذلك عزيز ضياء في كتابه "حمزة شحاتة قمة قد عرفت ولم تكتشف" ص8.
[31] ص96 إلى ابنتي شيرين.
[32] 112، 118 المرجع نفسه.
[33] ص76 حمار حمزة شحاتة.
[34] ص14 المرجع نفسه.
[35] ص76 حمار حمزة شحاتة.
[36] ص14 المرجع نفسه.
[37] 17 حمزة شحاتة -لعزيز ضياء.
[38] المصدر السابق نفسه.
[39] ص32 وما بعدها -حمزة شحاتة- لعزيز ضياء.
[40] ص26 وما بعدها من المرجع نفسه.
[41] ص34 من المرجع نفسه. ) أ.هـ

قلتُ: و شحاتة شاعر تكاد قصائده تغني نفسها لموسيقاها الباهرة، و لا غرو أن تغنى بقصائده فنانو العرب و على رأسهم
فنان العرب محمد عبده ففما غنى :
قصيدة(مالي أراها) و قصيدة (سطوة الحسن)
من أعمال حمزة شحاتة:
1.قصيدة (ما لي أراها):


مــالــي أراهــــا لا تـــــرد ســلامـــي
هــل حـرّمـت عـنــد الـلـقـاء كـلامــي
أم ذاك شـــأن الـغـيـد يـبـديـن الـجـفـا
و فـؤادهــن مــــن الـصـبـابـة دامــــي
يـــا قـلــب ويـحــك إن مـــن علـقـتـهـا
رأت الـوفـا فــي الـحـب غـيـر لـزام ِ
هـــي لا تـبـادلـك الــغــرام فـنـاجـنـي
لـمـا أنـــت فـــي أحضـانـهـا مـتـرامـي
مـا كـان يبكـي يـومـه كــي تضحـكـي
مـــا كـــان يـسـهــر لـيـلــه لـتـنـامـي
بل كـان ينشـد فـي هـواك سعـادة
فجعلتـهـا حلـمـا مـــن الأحـلا م ِ
يـــا ربّـــة الـطــرف الكـحـيـل تـذكــري
عهـدي وخافـي الله فـي استسلامـي
لـــولا رجـائــي فــــي ودادك و الــوفــا
لكرهـت عيشـي فـي الهـوى ومقـامـي
أصـبـحــت عــبــدا فــــي هـــــواك
و إنني لسليل قوم ماجدين كرام ِ
روحــي فـداك إذا ملـكـتـي تـرفـقـي
لا تـتـركـيـنـي فــريــســة الــلــوّام ِ


2.قصيدة (سطوة الحُسن):
بعد صفو الهوى وطيب الوفاق
عز حتى السلام عند التلاقي
يا معافى من داء قلبي وحزني
وسليماً من حرقتي واشتياقي!
هل تمثلت ثورة اليأس في وجــهي
وهول الشقاءة في إطراقي؟
أي سهم به اخترقت فؤادي
حين سددتها إلى أعماقي؟
مسرعاً في المسير، تنتهب الخطــو،
فهل كنت مشفقاً من لحاقي؟
إذ تهاديت مبدلاً نظرة العطـ
ـف بأخرى قليلة الأشواق
وتهيأت للسلام، ولم تفـ
ـعل، فأغريت فضول رفاقي
هبك أهملت واجبي، صلفاً منـ
ـك، فما ذنب واجب الأخلاق؟
واعترى قلبك الملال، فأعرضـ
ـت، فهلا انتظرت يوم الفراق؟
لا أداجيك، والكرامة معنى
تتجلى في صحة الميثاق
قد يطاق الصدود، يوجبه الذنـ
ـب، وصد الملال غير مطاق
سطوة الحسن حلّلت لك ما كا
ن حراماً، فافتن في إرهاقي
أنت حر، والحسن لا يعرف القيـ
ـد، فصادر حريتي وانطلاقي
ـفك، لو أنني طليق الوثاق .

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا