عرض مشاركة واحدة
قديم 03-03-2012, 10:04 PM
المشاركة 12
طارق الأحمدي
أديــب وقاص تونسي
  • غير موجود
افتراضي


"عظيمة هذه الثورة
إنها ليست بندقية .. فلو كانت بندقية لكانت قاطعة طريق
ولكنها نبض شاعر
وريشة فنان
قلم كاتب
ومبضعة جراح
إبرة لفتاة تخيط قميص فدائيها وزوجها"
رائعة هذه اللوحة ..
إنها ليست نقلا للشخوص ..إنها سفرة إلى ما وراء الأحداث .. رحلة في مسيرة قائد .. مسيرة نضال طويلة حاول الفنان
" سائد ريان " أن يختصرها من خلال توزيع الألوان والتدرّج بها حسب الحالة وحسب الضرورة الفنية .. عمل جاهدا أن يجمع تناقضات الرحلة وصعابها وآمالها وخيباتها من خلال الرموز
- التي سنـأتي عليها لاحقا - التي شكّلت وجه الزعيم الراحل
" ياسر عرفات "..
لقد استطاع " سائد ريان " أن يجمع حاضر فلسطين في وجه
" أبي عمار " .. ويستشرف مستقبلها في رأسه ..
فالخطوط المتقاطعة التي تغطي الوجه توحي للناظر بقضبان السجن التي تعيق تحرر الجاثمين خلفها وتكبّل حريتهم .. كذلك هي فلسطين تقبع تحت ربقة الاستعمار الغاشم الذي يصبغ نهارها بليل الظلم البهيم ويزيد من عذابات شعبها الذي يحاول جاهدا أن يكسر حاجز الظلم .. ونستقرؤ ذلك من خلال اللون الأسود المنتشر في أسفل اللوحة الذي يزيد من عتمة العذاب اليومي للإنسان الفلسطيني .. لكن في المقابل نلحظ تلك المقاومة الشرسة من اللون الأبيض , لون الحق والانعتاق الذي ينشده كل حر .. إني ألمح الأيادي ممدودة تحاول كسر قضبان الاحتلال .. إنها تحاول وتحاول .. ورغم بقائها في الأسر إلا أننا يمكن أن نلمح نجاح البعض - في الجانب الأيمن من الرسم - ينجحون في تحطيم الأغلال وينطلقون إلى المستقبل لتحرير فلسطين .. لقد تغيّر اتجاه الأيدي المستغيثة خلف القضبان إلى أيدي مرفوعة مستعدة للذود عن الوطن والانطلاق نحو غد أفضل ..
وبالفعل - وبحرفية فنان - تدرّج بنا " سائد ريان " من اللون الأسود إلى اللون الأزرق صعودا .. وبإمكان القارىء أن يلحظ مسيرة النضال الفلسطيني في جانب اللوحة واضحا وجليا .. بل إني أعتقد أن فناننا تعمّد السير بنا في جانب الرسم ليؤكّد أن الثورة المسلحة لم تبدأ بصدام مباشر مع العدو ..
يبدأ اللون الأسود في الذبول رويدا رويدا حتى يبزغ اللون الأزرق , لون السماء , لون الانطلاق والحرية .. مع امتداد الأفق الرحب تتحطم الأغلال وتنطلق الهمم دفعة واحدة لتكوّن اتحادا ولحمة وإصرارا على التحرر ..
هذا الجزء ابتدعه الفنان في رأس الزعيم " ياسر عرفات " .. في عقله .. في أمانيه التي تقفز في ذاكرته الشاسعة والمنهكة والمتعبة والآملة دوما بمستقبل أخضر ممتد ..

في الجزء العلوي من الرسم تظهر بداية تحطّم الأغلال .. يظهر إصرار الفلسطينيين على التوحد والمقاومة ..
من تلك الفجوة الظاهرة بين القضبان - في أعلى الصورة - يمكن أن نلمح روح الشهيد " أبو عمار " وهي تردد " شهيدا .. شهيدا .. " لتجمع تحت صمودها وحدة الفلسطينيين ..

فناننا المبدع : سائد ريان

أتقنت في جمع أحلام فلسطين في صورة زعيمها الراحل .. وأبدعت لما تركت موهبتك ترسم فلسطين كما تراها ريشتك ..
وها إني حاولت قراءتها كما هي أوحت لي بذلك ..
فاعذرني إن قصرت أو جانبت الصواب .. أو تجنيت على رسمتك ..
سلمت وسلمت رشتك
ودمت مبدعا .