عرض مشاركة واحدة
قديم 01-12-2014, 10:38 PM
المشاركة 74
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وبعد فترة يسيرة من جريان المعاملة في القنوات الرسمية منح الجـنـسـية ، وكان الذي بشره بذلك الشيخ أحمد بن مسفر الذي كان حينذاك مديراً لأحد المدارس ، فأتصل به أخوه من الرضاعة الشيخ ( محمد بن حسن الشهراني ) مأمور الجـنـسـية وأخبره بأنهم تبلّغوا بمنحه الجـنـسـية ، فأتاه مسرعاً وبشره بالأمر .

التحاقة بالتدريس بجامعة الإمام
وبعد ذلك تم له الالتحاق عام 1396هـ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية معلماً للقرآن الكريم في المعهد العلمي في أبها بطلب من مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ( آنذاك ) الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي ، وأمضى في المعهد العلمي أثني عشر سنة ثم أنتقل إلى كلية الشريعة عام 1408هـ فبقي فيها معلماً للقرآن الكريم إلى سنة 1414هـ إذ طلب الانتقال من أبها إلى المدينة المنورة .

وقفات من حياته
وكان ذا علاقة وطيدة بالشيخ عبد الله بن يوسف الوابل ، وكان الشيخ يحبه وفي أية مناسبة يحضرها كان يأخذه إلى جانبه . كذلك كان الشيخ إبراهيم الحديثي يفعل وكذا ابنه الشيخ محمد جميعاً يقدمونه ويجعلونه في صدر المجلس ، لأنه جدير وأهل لهذا ، لما له من الوقار والسمت واحترامه للمتحدث وبحثه عن الحق .

ولم تقتصر محبته على الكبار ، بل أحبه الشباب حباً منقطع النظير ، فلا تراه إلا بينهم يُفتيهم ويوجههم ويجيب عن تساؤلاتهم ويحل مشاكلهم ، وكان يذهب معهم إلى القرى والأرياف يزورهم ويشاركهم أفراحهم وأحزانهم ولا يضيع شيئاً من الوقت .

وكان يعقد لطلابه المسابقات العلمية ويشاركهم بنفسه في بعض فنون الرياضة كالجري والقفز وحمل الأثقال والرمي بالحجر .
وكان يغلبهم في كل ذلك لأنه كان يتمتع إذا ذاك بالحيوية وقوة البنية والنشاط .

وكان إلى جانب تدريسه للقرآن الكريم يقوم بالإمامة والخطابة ، فقد أم الناس في عدة مساجد ، ومن آخرها جامع ( مشيّع ) الذي استقر خطيباً فيه إلى حين انتقاله إلى المدينة المنورة ، إلى جانب قيامه بخطابة العيدين والاستسقاء في ( مصلى المنهل ) .

وكان مهيب الطلعة ، ظاهر السمت ، يوثّر في كل من رآه تكسوه هالةُ الإيمان ونوره .
إذا وقف على المنبر تتعجب منه ومن منظره ، ومن صدقه في كلامه وفصاحته رغم أنه أعجمي . وانتفع الناس بتوجيهاته لما يرون من صدقه وإخلاصه في دعوتهم ونصحهم .

وجميع الذين درسوا عليه مسددون وقراءتهم محكمة ، ومن مزاياه في التلقين أنه يصبر لكبار السن الذين يعانون الثقل في اللسان فممن تعلم على يديه من كبار السن وأتقن القراءة الشيخ ( عبد الله بن يحي الرضيفي ) جلس عنده فترة طويلة وكان أمياً وفي لسانه ثِقل بحيث أنه ما كان يحسن الفاتحة فصبر عليه الشيخ حتى تعلم .

ومن أبرز تلاميذه الداعية الفاضل الشيخ سليمان بن فائع العسيري والشيخ سعيد بن مسفر القحطاني والشيخ أحمد بن عبد الله بن ناصر قاضي محكمة أبها سابقاً وهو الآن عضو مجلس منطقة أبها . والدكتور عوض القرني والدكتور مناع القرني والدكتور عائض القرني .

وعنده سعة صدر عجيبة لا ترى عليه أثراً للكآبة والملل عليه !! الطالب الأخير كأنه الأول ، ولا يمكن أن يقدم طالباً على آخر مهما كان إلا يأذن له من قبله .

وقد ترك أثراً بالغاً في مسيرة الدعوة في هذه المنطقة بما خلّف فيها من تلاميذ ودعاه ، جاوزوا بدعوتهم وجهودهم حدود هذه المنطقة إلى شتى مناطق المملكة ، بل بلغت دعوتهم وجهادهم جميع أصقاع المعمورة .
ومما يميز الشيخ حسن الخلق وسلامة الصدر ولا تسمع منه كلمة نابية اللهم إلا إذا غلب عليه شيء قال ( الله يكفينا شرك ) وقد أصبحت هذه الكلمة معروفه عنه .

يعتم بعمامة بيضاء يكورها ولا يدعها ، حتى أنه عند منحه الجـنـسـية وأرادوا تصويره قالوا: لو غيرت هذه العمامة ولبست غترة لغرض التصوير فقط لكان أحسن فرفض وقال : هذه سنة وأنا لا استطيع أن أغيرها وقد الفتها طوال عمري .

إنتقاله إلى المدينة المنورة
وهكذا استمر الشيخ في عمله الرسمي بالجامعة وقيامه بجميع هذه المهمات طيلة مقامه في أبها .
وبعد أن أحس بكبر سنه وضعف قواه عاوده الحنين والشوق إلى المجاورة بأحد الحرمين ، فأراد أن يختم حياته في المدينة المنورة لشرفها ولفضل الإقامة فيها ، فطلب الانتقال لفرع جامعة الإمام معلماً للقرآن الكريم في كلية الدعوة والإعلام .

فكان أن ودع الشيخ عبيدالله الأفغاني أبها ، وودعه أهلها كباراً وصغاراً بالدموع ، وخلّف وراءه ذكريات لا تُنسى ، عن أهل تلك البلاد الذين كانوا له الأهل والعشيرة ، وأنزلوه سُويداء قلوبهم ، وأكرموه غاية الإكرام ، وكانوا أعواناً له لنشر رسالته في تعليم كتاب الله عز وجل ، وتبليغ أمانة الدعوة إلى الله وسعوا في منحه الجـنـسـية ووفروا له السكن وساعدوه على مصاعب الحياة ، فتفرغ لما وقف له نفسه من العلم والتعليم.)
توفي في يوم الثلاثاء الرابع من محرم لعام 1433للهجرة بعد صلاة المغرب في مدينة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و دُفن في يوم الأربعاء بعد صلاة العصر.
و كان الشيخ قد طوّف كثيرا من بلاد المسلمين قبل وصوله للبلد الحرمين فقد زار الكويت و بلاد الشام و سواحل الخليج العربي وله أخبار في أسفاره كثيرة يطول .
و سبب قدومه للديار السعودية ما ذكره الشيخ عائض بن عبدالله القرني و أظنه أخذها من كتاب ( العالم الرباني الشيخ عبيدالله الأفغاني ) الذي ألفه الدكتور / يحي بن عبدالله البكري الشهري و الذي عماد ترجمتي للأفغاني عليه :
قال الشيخ الأفغاني:
رايت في ليلة من ليالي الجمعة ، رايت أن أستخير الله في أمر السَّفر ، فصليت ركعتين و استخرت الله داعيا دُعاء الاستخارة ،و رقدت في المسجد نفسه ، على يميني مستقبلا القبلة ، و الطلاب في الغُرف ،فرأيت في المنام في السماء ( مكان الهلال ) يداً يُمنى إلي الرسغ تشع نوراً مفتوحة الأصابع ، و الناس ينظرون غليها و يقولون هذه يد الرسول الله صلى الله عليه و سلم ،
و هي ذهبية تتلألأ في موضع القمر و انا أنظر غليها فقلت في نفسي : إذا ذهبت هذه اليد إلي الغرب فسأرحل إلي الغرب حيث بلاد العرب غربي بلاد الأفغان ، و إذا ذهبت إلي الشرق فسأرحل إلي الشرق ، و فعلاً اتجهت اليد نحو الغرب فرحل لمكة المكرمة.
قال عنه الشيخ عائض بن عبدالله القرني في محضر من الشيخ الدكتور سعيد بن مسفر القحطاني :
إذا دخل الشيخ عبيدالله السوق ضجَّ أهله بالتكبير و التحميد فالرجل يذكرك بسمت رسول الله صلى الله عليه و سلم و صحابته الكرام.
و كان يدرس في التوسعة العثمانية القديمة بمسجد رسول الله ، و حين أحس بدنو أجله أكثر الجلوس في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم و كان يأتي إلى المسجد مدفوعا على عربية ، ويجلس على مخدة لينة ويضع على رجليه لحافا صغيراً، ويخلع عمامته إذا جلس غالباً ويوضع له حاملا مصاحف خشبيين يتكيء عليهما على العمود الذي خلفه ، وبجانبه طيب يطيب به طلابه ومن يسلم عليه . و كانت الناس تتلمسه و تجلس إليه طلباً للعلم و التطبع بسمته . رحم الله الشيخ عبيدالله الأفغاني و أسكنه فسيح جناته و ألحقنا به على خير و هدى.آمين!
_____________

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا