عرض مشاركة واحدة
قديم 09-12-2017, 01:17 PM
المشاركة 238
زهرة الروسان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الجندي المجهول
بينما كانت الأم تحضر الطعام لولديها سمعتهما يتناقشان في امر بدا جادا جدا مما اثار فضولها. فسألتهما عما يدور بينهما فرد الابن الأكبر : نتحدث عن ماهية الجندي المجهول .
الأم: وهل تعرفان من يكون؟
الابن الأصفر :نعلم أنه أسم يطلق على الجنود مجهولي الهوية الذين قضوا في ساحة المعركة.
الأم : و ما الذي أثار الجدل بينكما ؟
الابن الأصغر: لقد طلب المعلم موضوعا حول هذا الجندي و سألنا عن رأينا في الأمر .
الابن الأكبر : المشكلة أن المعلم لم يظهر أي اهتمام حول هذه الإجابة وعاد ليطلب موضوعا حول الأمر .
الأم للأصغر : ماذا تحمل في يدك؟
الأبن الأصغر : مجموعة قصصية بعنوان بسطاء و قلوب بيضاء ، أعطانا إياها المعلم الأسبوع الماضي .
الأم : وهل قرأتها ؟
الابن الأصغر : بالطبع فعلت .
الأم : هل لي أن أراها ؟ عن ماذا تتحدث ؟
الابن الأصغر : هي مجموعة من القصص القصيرة تدور أحداث كل واحدة منها عن أحد الأشخاص البسطاء و تظهر نقاء قلوبهم و أسلوبهم في تربية أولادهم ليكونوا أذكياء و أنقياء .
تفحصت الأم الكتاب و قالت : إذن عليك أن تدرك حقيقة الجندي المجهول التي يبحث عنها المعلم .
بعد تناول الطعام ، ذهب الأولاد الى غرفهم و شرع الفتى في كتابة موضوعه على شكل قصة ... كتب ما دار بينه وبين أسرته من حوار مضيفا ما فهمه حول الجندي المجهول ، ونثر في طيات قصته أحلى الصور : " ...يا بني ، الجندي المجهول هو تصوير لأسمى صور التضحية . كما أسلفت... لكنه لا ينحصر في المحارب وحسب .انظر من حولك ماذا ستجد ؟ سترى الطبيب المحترف و القاضي العادل و المهندس البارع ... سترى الشوارع نظيفة وستذكر المسئولين الكبار و تنسى العامل البسيط الذي يعمل بجد وهو راض لأنه يخدم بلده . ترى الطبيب أو القاضي فتقول اجتهد ووصل وتنسى المعلم الذي أفنى عمره في تخريج أجيال راقية مثقفة ، وتراه راض بالقليل مقابل أن ينشئ هذا الجيل . ترى البناء الشاهق و تمدح المهندس البارع وتنسى عامل البناء الذي يعرض حياته للخطر حتى يقوم البناء ، وتذكر هذا وذاك و تنسى الأبوين اللذان يدفعان عمرهما لتربية اولادهما ... جميعهم جندي مجهول ؛ كل مزارع يفلح في أرضه كل عامل يعمل بضمير … كل معلم ، كل خباز وحائك كل من يرسم ابتسامة على وجوه البؤساء . من جعل من نفسه جسرا ليعبر عليه الآخرون أو شمعة تنصهر لتضيء طريق الضالين ، كل من يسهم في حفر حروف وطنه على قمم الجبال ليظل شامخا بأبنائه... هم الجندي المجهول".
بعد أن قرأ الأخ الأكبر ما كتبه أخاه قال في نفسه : أظنني سأقرأ ذلك الكتاب .