الموضوع: معزوفة قديمة
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-06-2021, 06:34 PM
المشاركة 4
ابتسام السيد
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: معزوفة قديمة
معزوفة قديمةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
وقف على ناصية ذكرياتهِ يجتر الأيام الخوالي بعدما أنهكتهُ سرعة الحضارة و الركض وراء التقدم و الحصول على أعلى المناصب أخذ يلتقط أنفاسهُ التي شك أن تكون الأخيرة قادة بصرهُ بنظرات مصوبة على الشهادات ودروع الشكر التي حصل عليها بشتى الطرق السليمة و المنحرفة المهم أنه ُكان في النهاية يحصل على ما يريد .
وضع أخر تذكار تسلمهُ بحفل تقاعدهِ كانت يدهُ ترتجف إلا أنهُ تماسك قبل أن يُسقط تاريخهُ على الأرض .
توجه إلى النافذة سمع أصوات كأنها شهب اخترقت قلبهُ دعوة تلك العجوز التي كانت تعبر الشارع وهي تدعُ لولدها العاق بالصلاح و أن يعود إلى رشدهِ فقد غرتهُ الدنيا إلى أن قسى قلبهُ فتجبر .
فتح الباب منطلقاً إلى الشارع بحث عن تلك العجوز التي عبر طيفها أما ناظريه كان المكان خالي من الناس عاد أدراجهُ كأنهُ طفل أضاع وصيته أمهُ فرجع منكسر الجناح وزاد وجعهُ عندما لم يجد حضن دافئ يرتمي به من ويلات الأيام .
قادتهُ قدميهِ إلى المخزن الذي كان خلف البيت فتح الباب بحث عن مفتاح الإنارة بملامسة الجداران في الظلام داس عليهِ بإصبعهِ كانت الإنارة خافت بسبب الإهمال استطاع أن يبصر الصندوق الخشبي القديم الذي جمع بداخلهَ قبل سنوات ما تبقى من ذكريات حياتهِ القروية البائسة بعد وفات والديه فكانت التركة التي لا يشاطرهُ بها أحد بعدما توفت أختهُ الكبرى بعد معاناة مع المرض و سفر أخيه إلى الخارج ليجدهُ غارق في دمهِ على أحد شواطئ البحر و رغم البحث و التحري و التقصي و تتبع خطوات الدماء التي وصلت إلى شقة لم يعرف هوية صاحبها عاد جثمانهُ إلى أرض الوطن و القضية قيدت ضد مجهول بعدما أثبت التحاليل أن جسمه ملوث بجميع صنوف المخدرات التي قد تكون هي المحرض الأول على الانتحار!
فتح صندوق حياتهِ الأسود وجد ثوبه الذي حضر به من القرية عندما أخذ يمشى في المدينة التي ابتلعتهُ بكثرة أضواء الإغراء إلى أن وقع في خلية فساد كبرى .
لف ثوبهُ حضنهُ و ظل يبكي و هو يتذكر الصدقات التي كان ينفقها على روح والديهِ من الأموال الحرام التي كان يحصل عليها من عمليات التهريب و الغش و التزوير رمى ثوبهُ بعيداً عاود البحث في الصندوق ليجد دفاترهُ القديمة لمادة التعبير أخذ يتصفح العناوين التي كان قلبهُ يعتصر عندما كان يقرئها ( الصدق ــ حب الوطن ـــ بر الوالدين ـ الأمانة)
وضعها جانباً بعدما أمسك بنظارة أبيهِ و مصباح أمهِ التي كانت تنظفه بقطعة قماش ثم تعلقهُ في زاوية الحجرة ما أن يحل المساء حتى تقوم على إشعال فتيل المصباح ليضيء المكان حتى يتسنى لنا الأكل و الشرب و تبادل الأحاديث و مذاكرة الدروس تساقطت دموعهُ و هو يعيد جذور تاريخهُ إلى الصندوق.
من ضل عن جذوره سيُقاسي كثيراً
طيب ما قرأت
تحيتي وتقديري