عرض مشاركة واحدة
قديم 08-14-2010, 06:13 PM
المشاركة 3
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
( 3 ) الجزء الثالث

وشيئاً فشيئاً انتشرت البرامج التخصصية لكل المجالات وكل العلوم . .
وصارت في متناول الجميع . . صاحبنا لديه أخت أصغر كانت تتمنى لو تتعلم ركوب الخيل ، فأهداها أخوها برنامجاً صنعه خصيصاً لها يحوي كل ما يلزم لركوب الخيل وخلال نصف ساعة لا أكثر أصبحت الفتاة الصغيرة خبيرة بكل ما يتعلق بعالم الخيول أما مكاتب التوظيف فقد اختلفت طريقة عملها اختلافاً جذرياً ، فهي تمتلك البرامج الخاصة بجميع التخصصات ، ويسجل الراغبون في العمل أسماءهم ، ثم يبدأ التدريب في - مركز برمجة الموظف الجديد - ،ويستغرق ذلك من نصف ساعة إلى ساعة واحدة ، ثم يرسل (الإنتاج) – حسب الطلب – إلى الشركة الطالبة بالعدد المطلوب والخبرة المرغوبة تماماً .
أما الراتب الشهري فهو في مجمله تحقيق متطلبات وميزات تعطى وليس نقوداً بالمرة لأن النقود قد انتفت الحاجة إليها تماماً.
فقدت المدارس والجامعات كذلك ، الحاجة إلى وجودها ، وبدأت المجمعات التجارية بالضمور واختفى عدد كبير منها . . وظهر بدلاً عنها أكشاك للبيع تحوي برامج الكمبيوتر وحبوب التغذية . .

أما باقي الأراضي داخل المدينة . . فقد صارت حدائق وبساتين . . وتغير شكل المدينة إلى الأبد . صارت البيئة في المدينة نظيفة ، وشيئاً فشيئاً فقد انتفت الأسباب الداعية لفعل أي شيء . . مكث الناس في بيوتهم وعاشوا خلف أجهزتهم. . مع برامجهم المختارة . .
هدأت الحياة . . وخف نبضها . . خلت الشوارع والطرقات من السيارات ووسائل المواصلات والمارة . . فكل شيء يتم تنفيذه من البيت . . وبحالة من الاسترخاء الكامل . .
حتى الزواج ومفهوم السعادة وتكوين الأسرة فقد تغير هذه المفاهيم، لأن أي شعور يرغب به رجل أو إمرأة يمكن تخليقه و تأمينه من خلال البرامج الخاصة .
حتى التلفاز . . الذي كان حتى وقت قريب جزءاً لا يتجزأ من حياة كل فرد فقد أصبح في خبر كان . . لا لزوم له . . أنت تختار ما تريد . . وتستلقي مرتاحاً وبدلاً من أن تذهب للحصول على المعلومة ولذة معرفتها وتخسر بذلك وقتاً طويلاً . . فالمعلومة تأتي إليك . . وبدون وقت . . وتجدها مخزنة بشكل آني في ذاكرتك . .
أما الطعام بجميع أصنافه . . فقد اختلف مبدأ تحضيره ووجوده . . ومبدأ صنعه . . وكذلك مبدأ تناوله . .
الآن هنالك المجسات التي تبلغك ماذا يحتاج جسمك من مواد أو فيتامينات أو غيرها . . وتحدد لك الكبسولة المناسبة . . ليس لها طعم . . وليس لها رائحة . . ولكنها كبسولات قابلة للبرمجة . . وكل شخص يبرمجها بنوع الطعام والطعم الذي يحبه والتوابل التي يرغبها . . ويقوم بتقديمها لنفسه كوجبة عادية . .أو كوليمة . . في البيت . . أو في قصر . . على شاطئ البحر . . أو في الغابات . . وهو في كل الحالات . . لم يغادر مقعده .

* يتبع *