عرض مشاركة واحدة
قديم 09-23-2020, 10:31 PM
المشاركة 67
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: ابتسامة مُبكيـــَـــة !
قرش واحد .. غرامة مالية على من قتل ( 49) إنساناً فلسطينياً
كتب: د. عمار الدويك

في سنة 1956، وتحديدا في 29 اكتوبر، فتح جنود حرس الحدود الاسرائيليون النار على مجموعة من الفلسطينيين العزل في قرية كفر قاسم، فقتلوا تسعة عشر رجلًا، وستة نساء، وثلاثة وعشرين طفلًا (المجموع 49 شهيدا). جاء في حيثيات قرار المحكمة العسكرية التي حاكمت الجنود العشرة المتهمين، بأنهم قتلوا المواطنين العرب بدم بارد وعن سبق إصرار، وانهم حاولوا اخفاء الجريمة من خلال تجميع الجثث والقائها بعيدا عن مكان المجزرة.

كانت مذبحة كفر قاسم أول اختبار للمنظومة القضائية الإسرائيلية في مواجهة الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين. في البداية أصدرت المحكمة العسكرية أحكاما على المتهمين تراوحت بين 7 إلى 17 سنة سجن. لكن في الاستئناف خففت الاحكام، ومن ثم تم تخفيضها من قبل رئيس الاركان، ثم خففت من قبل رئيس الدولة، الى ان وصلت اقصى عقوبة الى 5 سنوات، تم تخفيف ثلث المحكومية بسبب "حسن السيرة والسلوك" وصدر عفو عن بعض الجنود بعد مرور فترة وجيزة على سجنهم، ولم تتجاوز أعلى عقوبة فعلية على هذه الجريمة الثلاث سنوات.

ثارت انتقادات في الرأي العام الإسرائيلي على اقتصار المحاكمة على صغار الجنود واستبعاد كبار الضباط. وتحت ضغط الرأي العام تمت محاكمة الكولونيل ييسكا شادمي، وهو أعلى رتبة تمت محاكمتها على خلفية المجزرة. رغم أن الجنود المدانين ذكروا في افاداتهم امام المحكمة بان الكولونيل شادمي، والذي كان مسؤولا عن الكتيبة المكلفة بتأمين منطقة المثلث الفلسطيني، قد اخبرهم بان عليهم اطلاق النار على كل من يخالف تعليمات منع التجول، الا ان المحكمة وبعد شهور طويلة حكمت عليه بعقوبة التوبيخ وبدفع غرامة قيمتها قرش. ومنذ ذلك الوقت أصبح مصطلح "ٌقرش شادمي" يستخدم كعبارة ترمز للمحاكمات والعقوبات الصورية في المحاكم العسكرية الإسرائيلية.

حتى هذه اللحظة لم تنته الحكاية. عاش شادمي بعد المجزرة حياة مديدة قضاها في خدمة العسكرية الاسرائيلية وقتل الفلسطينيين. قبل وفاته في سنة 2018 عن عمر يناهز 96 سنة، وفي لحظة صحوة ضمير، اعترف شادمي بأن محاكمته الصورية كانت من أجل حماية النخبة العسكرية والسياسية الاسرائيلية وللتغطية على خطة تطهير عرقي كانت مرسومة لبث الذعر في قلوب فلسطينيي المثلث ودفعهم إلى الهجرة.

التاريخ يعيد نفسه مع محاكمة قتلة عائلة الدوابشة وقتلة عائشة الرابي. محاكمات صورية على طريقة "قرش شادمي". لكن هل سيكشف التاريخ بان جرائم احراق عائلة الدوابشة وقتل عائشة الرابي كانت ضمن خطة أكبر مرسومة لتطهير مناطق "ج" من السكان الفلسطينيين. ؟؟