عرض مشاركة واحدة
قديم 01-03-2016, 11:08 AM
المشاركة 4
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

تعريف الفوائت الظنية: الفوائت الظنية ألفاظ أو دلالات خلت منها المعاجم ووجدناها في لهجاتنا الفصاح المعاصرة ذات العمقين التاريخي والجغرافي، وتحققت فيها معايير الفوائت (سيأتي ذكرها) فاحتملت بذلك أن تكون من الفوائت أو من المولد الصحيح، وليس لدينا دليل قطعي على أحد الأمرين، فوصفناها بوصف غير قطعي إذ يحتمل الوجهين القِدَم والتوليد، وقولنا إنها فوائت ظنية أسلم في الحكم من إنكارها، لأن الإنكار حكم قاطع جازم جائر، والقول بالظنية حكم يحتمل الوجهين فهو أقرب إلى حالها، فهي في مرتبة بين الفائت القطعي وبين المولد الصحيح, ولم تلحق بالفائت القطعي لافتقارها للدليل, ولم تُرد في المولد لأنها أوثق عرى بالعربية منه لخضوعها لضوابط المولد وزيادة حيث تزيد عليه بالضابط الجغرافي كما سيأتي. فكان من حقها أن يكون لها مصطلح بين النوعين واختير لها مصطلح الفائت الظني, فوصفت بالفائت احترازا من المولد وبالظني احترازاً من القطعي. وقد سمعت بعضهم يقول: ما الدليل على أن تلك الكلمات من الفوائت الظنية؟ فأقول الدليل تحقق المعايير اللغوية (ستأتي) فاستحقت أن توصف بأنها فائت ظني، لا قطعي، وهذا حكم في طياته محترزاته، ولي أن أسأله سؤالا مضادا فأقول: ما دليلك على أنكارها فائتا ظنيأ؟ فإن قال دليلي خلو المعاجم منها سأقول له: وكم من الألفاظ الجاهلية خلت منها المعاجم باعترافهم؟ ألا تكون هذه مما فات المعاجم؟ فيقول: أنت تدخل في لغتنا ما ليس منها: فأقول: أنا أدخل في معجمنا ما فاته مما قالته العرب وصح بالقياس، وتحققت معاييره، وأدخله بوصفه المصطلحي كما دخل المولد بوصفه المصطلحي, ولما كان أوثق من المولد كان أولى بدخول المعجم منه. وأفرق بين الفائت الظني والفائت القطعي، والفرق جليّ بينهما. والفوائت الظنية جديره لسلامتها في اللغة أن تدون وتروى بوصفها (فائتًا ظنيًّا) ليعرف القارئ حالها ومكانتها في اللغة وقد يجد الباحثون في قادم الأيام مصدرا قديما يرفعها إلى درجة القطع مما يُكشف عنه من مخطوطاتنا المفقودة، فالأمل في نقلها إلى الفوائت القطعية قائم، حين نجد مصدرا قديما يؤكد ذلك، وبعض فوائتنا الظنية وُجد في مصادفاتٍ سعيدة ما يدعمها وينقلها من الفائت الظني إلى القطعي، والأمر متروك للاجتهاد بعد توفيق الله وليس للتواكل والنوم على (مخدّة لسان العرب) التي صنعها لنا أسلافنا العراقيون رضي الله عنهم. وستحمد لنا الأجيال القادمة أننا حفظنا لهم شيئا من لغتهم ولهجاتهم الفصاح وأخرجناه من تحت الركام، وأتحنا لهم الفرصة للاطلاع عليه والمشاركة في تأصيله بطريقتهم ووسائلهم التي قد تكون أحسن من وسائلنا.. إن الفوائت الظنية عربية صحيحة يؤكدها القياس وسائر المعايير، ويظهر لمن يتدبر المصطلحَ حسنُه واعتدالُه وإنصافُه وتفريقه بين المقطوع به والظني، ولن نقبل من أنفسنا أو من غيرنا أن يلحق الظلم والحيف بلهجاتنا التي وجدناها في منابع الفصاحة باقيةً في أرضها وعلى لسان أهلها أحفاد العرب الأولين، فلتكن لدينا الحكمة والقدرة على استثمار ما نراه صحيحا فصيحا ونظنه فائتا من لهجاتنا بمعاييرنا، ولنخرجه ونميزه من العامية التي تخالطه، وكم نبذنا واطرحنا من العاميات في سبيل نقاء لغتنا ولهجاتها؟! وخلاصة هذا المصطلح (الفوائت الظنية): أنها تحتمل أن تكون فائتا قطعيا أو تكون مولدة صحيحة فصيحة بقوة القياس والاستعمال والمكان. وفي الحالتين هي عربية ومن حقها التدوين في معاجمنا المتأخرة ولكن بوصفها الدقيق وهو أنها فائت ظني لا قطعي، يحتمل الوجهين إما الفوات أو التوليد الصحيح، وهذا غاية ما نطمح إليه، وهو مما يضاف إلى مكاسب لغتنا ومعجمها، ومن الظلم والجور أن يصفه من لا فقه له باللغة بأنه عامّيّ،فليس ما تحققت في الشروط بالعامي، ولكنه متردد بين الفوات والتوليد كما تقدم. وذكرت هذا مرارا في تغريدات سابقة، وكذلك في محاضرة خميسية حمد الجاسر.










وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا