عرض مشاركة واحدة
قديم 11-01-2014, 05:32 PM
المشاركة 1243
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
وإلان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 69- النخاس صلاح الدين بوجاه تونس

- صدرت عن دار الحوار في اللاذقية الطبعة الأولى من روايةالنخاس للكاتب التونسي صلاح الدين بوجاه وهي تتألف من مجموعة فصول وتقع في 220 صفحة من القطع المتوسط.

- في روايته الجديدة يجمع بوجاه صور الحلم، من خلال الانفتاح على الاساليب السردية الروائيةالقادمة من التراث العربي ،و لاسيما تراث الف ليلة وليلة.

- ففي الرواية الواحدة تتداخل الاحداث والحكايات لتطرح اسئلة وافرة وذكية ومثيرة يمكن ادراجها كموقف حياتي وجمالي وثقافي، يساعد على الاستمرار في الحياة الراهنة رغم كل الغربة والمرارة والانكسارالذي يلف الواقع اليومي المصاب بلعنة الحروب المتواصلة والمتفتجرة دون مبالاة.

- جاء في الكلمة المنشورة على الصفحة الاخيرة: ليست النخاسة في هذه الرواية بيع الرقيق،بل ولوج حياة الآخرين، وشرح صدورهم والنظر في دخيلة امرهم ومكنون صمتهم، ثم رتق وجودهم الغبي الصامت المنكفيء على مافيه.

- والنخاسة ايضاً كما تجلوها هذه الرواية هي،تجارة اسرار وفيض خوارق حكايات واحداث مما ترك إلاولون، وقائع واوهام، وبالتالي فالنخاس هو الرحالة الذي لايستقر ،والشاعر نخاس وهم وهو يرسل الظاهر على الباطن والباطن على الظاهر ويدرك الجهر بالسر،و النحات نخاس صخر وطين،والنخاس ايضاً هو كل من اقبل ذهنه او يده على تحويل الشيء من حالة الى اخرى.

-بهذا المفهوم ينسج الكاتب الحكايات التي ترسم حيوات واحداث سفر المسافرين في السفينة من تونس الى ايطاليا،حيث تشتبك اسئلة الشمال والجنوب ،ووعي الذات والعالم، والطبيعة والروح والجسد والكتابة.

- وحيث يتلاقى فن التوريق (الارابيسك) والتاريخ والتراث السردي، كما تتلامح الف ليلة وليلة في مغامرة جديدة وفاتنة من مغامرات صلاح الدين بوجاه الابداعية.‏

- تدور الأحداث فى رواية " النخّاس " على ظهر السفينة الايطالية " الكابو – بلا " حيث يسافر الكاتب الأديب " تاج الدين فرحات " سندباد القيروان وأديبها، والحالم بأوراق العمر، والعاشق لرائحة الورق والحبر والجلد، والباحث عن الحقيقة المضنية، والذى يعالج الكتابة ويعشق الخلوة ويطيل السهر ويمنى نفسه بجائزة حياته الأدبية . يسافر من مدينته القيروان إلى جنوا آملا الحصول على مبتغاه .

- وفى الطريق تبدو السفينة وكأنها مثقلة بالأسرار وحافلة بالغرائب ومليئة بشخوص وإن بدت قليلة على ظهر السفينة إلا إن وجودها وسط هذه البحر الغامض المتلاطم رمز إلى الحياة باستيهاماتها ومواطن الضعف فيها والقوة .

- ويتجول تاج الدين داخل هذا العالم الملغز العائم فوق المتوسط باحثا ومنقبا، فيصطدم أول ما يصطدم بالمرأة حين دخل المرقص وجدها أمامه عفية باهرة : " لبث برهة منجذبا مثل مريد فى الحضرة، ثم أخذ يدنو من المرقص .

- رآها .. أنثى سمراء رائقة تهتز، تسطو على لهفة الرجال المتوثبين، تثير صلف النساء، تدعو، ترتد إلى ذاتها، وعيناها جمرتان " (7) .

- ولأن لعبة المعرفة كانت لعبته المفضلة فقد إنجذب ناحيتها، وبدأ فى قراءتها قراءة متأنية عله يصل من خلالها إلى ما يشفى غليله أو يرضى بواعث فضوله : " لعبة المعرفة والألم تغويه، تثير فطنته وغباءه وتشحذ جنونه، وهذه الراقصة يعرفها، هل صادفها فى بعض مغاور الرهبان فى جبال كريت، أم سقته لبنا أبيض فى بعض مغاور مضارب الرحل فى الصحراء الليبية، أم أمسكت يوما بذراعه فى صلف رومانى وقادته إلى والدها ليبارك بعض انتصاراتهما المتبادلة فوق هذه الأرض أو تلك ! " (8) .

- وللمرأة مع تاج الدين فرحات جولات وصولات، فالذى علمته " النخّاسة " كانت امرأة اسبانيولية من بائعات الحرير و " الدنتيل " ومشابك الصدف، تعرف عليها فداورته وتركته تائها فى خضم الحياة بعد أن ألجمته معنى النخّاسة وبواطن أمورها، كما سبق له أن تعرف على امرأة فى صباه كانت تسكن بيتا واطئا من بيوت نهج خلف الجامع الكبير، علمته فنون الغنج والمداورة، وكانت تهتف له قائلة وهى تتثنى راقصة فى " : أطوار حياتنا هذه، ألا ترى الدنيا بيتا مرصودا كالمتاهة داخله مفقود والخارج منه مولود ؟ ". (9) .

- إن هذه المتاهة التى حدثتها عنه هذه المرأة تشبه إلى حد كبير " متاهة بورخيس " حيث تتوالد حكاياتها وتتناسل خرافاتها وأوهامها وملاحمها وكأن بينها وبين " نخّاس " النص تماثلا وتقابلا فى المعنى والمبنى، وكان للنساء فى نفسه مكانة لا تبارى جاء ذلك من خلال وصفه للفتاة " لورا " أبنة القبطان " غابريللو " ضمن الذين وصفوا فتنتها وجمالها، عندما مرت أمامهم لتنزل القارب إلى الماء ولعل ذلك كان هو المعبر عما يجيش به صدره نحو هذه الفاتنة اللعوب ونحو كل النساء اللائى على شاكلتها : " ليس الخبر مثل العيان ! صغيرتى بيضاء حبيبة رائقة مثل مرجان الخرافة، شعرها من ذهب الحكايات القديمة، وعيناها مثل يمامتين على حافة الجدول . ليس الخبر مثل العيان ! خدّاها مرسلان فى زعفران المدى ولبن الأنهار المعبقة، حبيبتى صغيرة لدنة مطواع، وليس الخبر مثل العيان ! فاذا ما وضعت أفضل ثيابها وهى تتهيأ للخروج مساء فى العاصفة والنوء، مضى عطرها يفوح كالسيف، فالعاصفة تجعله أقوى وأكثر نفاذا، والعاصفة تشحذ غلمة الأنف، وليس الخبر كالعيان ! " (10) .

- ويبدأ الصدام الحتمى بين " النخّاس " تاج الدين فرحات وبقية شخوص النص على ظهر السفينة خاصة القبطان " غابريلو كافينالى " هذا الرجل العجائبى المخاتل الذى ترك مهنة طب الأسنان وتعلم فنون البحر والمخاتلة والسحر والشعوذة ، وأبنته لورا الفتاة اللعوب التى تحاول بشتى الطرق فك الألغاز التى تحيط بالسفينة خاصة ما كان يخبئه أبيها فى غرفة القيادة وغرفة المومياء المحنطة والغرف السبعة الأخرى المغلقة على أسرارها، وعبدون القبايلى تاجر الحرير، والأمير عبد الله الغريب، وشريفة الزواغى القيروانية التى هى فى الأصل الجارة " زينب " التى كانت تجاور أبو محمد عبد الوهاب والتى نبشت تابوت المومياء وأغوت خدم المطبخ داخل السفينة، والتى كان يحوم حولها الأمير عبد الله الغريب، كذلك جرجس القبطى، والناصر التيجانى جزار السفينة، والراقصة لولا الفاسية التى ولدت بفاس وعاشت فى باريس وتزوجت قبرصيا من الإسكندرية .

- وتتوالى الفصول والحكايات مع نسيج النص وكأننا مع شهرزاد فى ألف ليلة وليلة تعمل فينا عملها الحكائى المثير للدهشة والأبهار . فى لغة لها من قوة المفردات وتأثيرها التراثى الفعال ما يعّول على قوة الشكل السردى مما يجعل أصالة المعنى يمتزج بنسيج حداثة الفن الروائى ليكّونا لنا كما قال الشاعر منصف الوهايبى فى مقدمة الرواية نصا معقدا معنى ومبنى : " هذا النص متراكبا مبنى ومعنى ومغنى يصنعه صاحبه، مؤلفا وساردا . وقد يتلاشى الصنيعان حتى ليستعصى تمييز الفروق الدقيقة بينهما ... أو إظهار ثوابت فعل كل منهما " (11) .

- فما يكاد الفصل يثير فينا غريزة البحث والإثارة والترقب حتى ننتقل إلى فصل جديد يبدأ بحكاية أخرى تاركة أيانا مع الفصل الأول فى حيرة من أمرنا، لا نكاد نفرغ من الأثارة والتشويق فى موضع من النص حتى نفاجأ بمعالم جديدة وشخوص أخرى غريبة، ونسيج سردى يحمل داخله أمرا جديدا محيرا .

- وهى سمات البنية التراثية التى تواجدت فى العديد من النصوص القديمة ذات الأبعاد الشعبية والصوفية والتى استحضرها الكاتب ليضئ بها معالم الطريق السردى داخل هذا النص .

- وهو فى حكاياته المتواترة يعتمد على العديد من الفصول المهيئة لتحميلها بحكايات الشخوص والمواقف والصعاب والأهوال التى قابلتها شخصيات النص عبر مواقفها المختلفة واللعنات التى صاحبت شخصيات تاج الدين فرحات والقبطان ولورا وارتطامهم ببعض فى أكثر من موقف ، وموقف البحر وعواصفه وسمك القرش الذى كان مصاحبا للسفينة فى سيرها مما كان يثير الكثير من التساؤلات الغريبة، وطير النوء ودلالات تواجدها فى محيط المكان دائما وسيرها تجاه وجهة السفينة ، والفهرست الأول الموضوع لأخبار النخاسين من المحدثين والغابرين ممن عرفوا طريق الماء والبحر، ومواقف تاج الدين المتلصصة وسرقة أدواته ومخطوطاته منه ثم عثوره عليها مرة أخرى، وكثير من المواقف التى تعرضت لها الشخصيات ، وقد لخص الكاتب فى نهاية النص هذه المطاردات التى مرت بكل الشخصيات فى مواقفها مع نفسها وتجاه الآخرين معبرا بذلك عن مضمون النص ومعادله الموضوعى : " مطاردات جمة تنشأ داخل المركب وخارجه : " لورا " تطارد والدها التائه المقبل على الهلاك، تاج الدين يطارد مخطوطات رواياته وكشاكيله ومسودات فهارسه التى اختلسها غابريال يوم كان مولعا بأخبار الوهم وحكايات الغابرين، المسافرون يطاردون تاج الدين بحثا عما تحويه مصنفاته من حكمة يمكن أن تنير سبيل الضارب هذا الماء المعتق فى متاهة ضياع ليس لها قاع، طير البحر يطارد القرش، والقرش يطارد سمك " الاربيان " الصغيرة اللامعة ! الكواكب السيارة بعضها يطارد البعض، وقليلها يغوى كثيرها، وشرها يكافئ خيرها، ومخالبها تنشب فى اطرافها، وقديمها يدرك محدثها ... ! " (12) .

- لقد كان واحد من هذه الشخصيات المطاردة والمطارده يحاول أن يجلو موقف أو يثير فضول شئ ما هو مغرم به وهو معنى قريب من معنى " النخّاسة " إن لم تكن هى النخّاسة الحقيقة فى هذا النص الذى اعتمد على الغرائبية فى المضمون والبطولة فى اللغة والتجريب فى الشكل الحداثى للرواية .

- ولا شك أن البناء الفنى للنص والمتحلق حول اللغة التى استخدمها الكاتب يكاد يتكأ
69- النخاس صلاح الدين بوجاه تونس مجنون معرفة ، إنها تلك المعرفة التى تطوحنى بعيدا فى ذهن الآخرين أو فى أجسادهم .

-ولعل " الغرفة السابعة " التى جاء ذكرها فى الرواية كانت هى الكتب والنساء والشواطئ البعيدة والنزل الخالية التى شاءت الحكاية القديمة أن تتركها موصدة .. لأحكام الغواية ولمزيد من الإغراء لحدوث التوقف والصبوة والمعرفة (15)أساسا على معطيات الأشياء المسرودة داخل المعالم التراثية الموجودة فى إطار المدونات والمخطوطات المحتفى بها فى نسيج النص، وهى سمة طبعت النص بخصوصية تناثر الأشياء فى كل مكان .

-ولا جرم أن احتفاء الكاتب بهذه الخصيصة نابع من اهتمامه المستمر على مدار النص والنصوص الإبداعية الأخرى فى عالمه الروائى والقصصى بل والنقدى أيضا بهذا الموضوع وكأنه مغرم بجمع الأشياء وترتيبها فى قاموس عبثى خاص يحمل داخله معانى ودلالات الواقع الذى يعبر عنه فى نصه الإبداعى، ودلالة ذلك هو أن اطروحته النقدية التى سبق ان نشرت فى كتابين تحت عنوان الواقعية الروائية ، وقد حددها الكاتب عن دراسة الأشياء فى بعض أعمال الرائد التونسى على الدوعاجى ونجيب محفوظ وصبرى موسى والطيب صالح ، وكان عنوان الكتاب الأول " الشئ بين الوظيفة والرمز " وعنوان الكتاب الثانى " الشئ بين الجوهر والعرض " وهو فى ذلك يقول فى مقدمة أطروحته : "

- يكاد لا يخلو نص روائى خلوا تماما من الأشياء . وإنما يكون حظ هذا أو ذاك منها بحسب التقاليد الأدبية السائدة والدوافع الفردية والجماعية الكامنة فى صلب شخصية الكاتب والموجهة لأختياراته الواعية واللاواعية . فالرواية نوع أدبى يقوم عامة على محاكاة الواقع المرجعى . وبما أن الإنسان يعيش بين الأشياء ومعها وفيها فمن المنتظر بداهة أن يتجلى ذلك عبر البناء الفنى المفرز للواقع الروائى الداخلى . ولقد عبر عن ذلك الكاتب الفرنسى آلان روب جرييه وهو أحد الوجوه البارزة إبداعا وتنظيرا ضمن مدرسة الرواية الجديدة فى فرنسا ، ملاحظا : إنه الطبيعى ألا توجد فى كتبى إلا الأشياء ، وإن ذلك لشأنها فى حياتى : أثاث غرفتى ، الكلام الذى أستمع اليه ، أو المرأة التى أحب " (13) .

-لذلك نجد أن صلاح الدين بوجاه فى رواية " النخّاس " يحتفى بتواجد الأشياء قدر إحتفائه بلغة هذه الأشياء ، ففى كل موضع من فصول النص نجد أن كثيرا من الأشياء تتناثر على الورق وكأنها لوحة سيريالية معبرة تحوى العديد من أشياء قد تكون متناسقة وقد تكون متنافرة ولكنها تشكل أبعادا وخطوطا تخدم الموقف وتحيط الشخصيات بسمات خاصة من هذا التشئ يعبر عن واقعها وسيكولوجيتها فى نفس الوقت ، والنص يحتوى على كثير من هذه التجمعات الوصفية للأشياء التى استخدمها الكاتب فى تأطير العديد من الجوانب الدلالية فيه : " أما الزوايا والكوى والرفوف ومقاصير الغرفة الداخلية فملأى بالمشارط المنسية وأحزمة المطاط وقطع الزجاج الحادة المشحوذة وبشتى أنواع الأوانى من خزف وزنك ورصاص وقصدير وخشب مطلى، فضلا على العلب الملونة وحقق العاج المنقوش ولفافات الكتان والحرير والبردى والتبغ ومجففات ورق العنب والتوت و " الكافيا – فو " اليابانية ذات الشذى العنبرى الرصين، وشتات من قطع الصندل والفلين وكرات غبرة " التلك " البيضاء والمعادن والأسنان وشظايا عظام الفك ومربعات اللادن وبقع الدم المتجمد وأصناف المحنطات وضروب شتى من الحناجر وقنانى العطور القديمة حيث تكاد لا تلحظ غير ثمالة عطر قد جفت أسفل الزجاج واتخذت لون الصفرة الداكنة وفاحت منها رائحة الصمغ اللزج ورطوبة المحلات الموصدة التى لا يدخلها الهواء ولا تنفذ إليها الشمس ولا يهذبها حضور البشر .. " (14) .

- ولعل تكرار هذه التجمعات الشيئية فى أكثر من موضع من نسيج النص قد قدم لنا ثراء تأويليا لما يريد أن يجسده الكاتب فى هذا المناخ الغرائبى الذى يبدو سيراليا فى بعض المواقف . كما الأضافة الملموسة فى هذا النص هو تواجد العديد من سمات الحداثة داخل النص وهو ما يمثل تناصا فى بعض المواقع والمواقف مثل توظيف بعض المقاطع من الأغانى الشعبية التونسية، والتعبير المجازى لنصوص رامبو وبودلير بلغتها الأصلية دون ترجمة ، وبعض المقاطع التقريرية التى احتفى بها الكاتب بهذه الطريقة مثل التقرير الفنى الذى كتبه كبير مهندسى السفينة " الكابو – بلا " أثناء إصلاحها .

- وفى حوار خاص تم مع صلاح الدين بوجاه حول عالمه الروائى ليس فى رواية " النخّاس " فحسب، بل وفى باقى إبداعاته القصصية والروائية .. يقول صلاح الدين بو جاه : " إن الكتابة باب مشرع على الهاوية ! لذلك يحلو لى أن امعن تيها فى القيروان القديمة، فى مقام " سيدى فرحات " فى اضرحة الأولياء وخلواتهم .. لو عشت فى زمن آخر منذ قرن أو قرنين مثلا لكنت من دراويش الحضرة وقتئذ، لهذا لا أميز كثيرا بين المجذوب والشاعر والكاتب والمحلل النفسانى، لا أميز كثيرا بين تلك التخوم الغامضة المحببة إلى نفسى والقريبة منى .. تلك التى تقول غربتى وغربة شخوصى . فشخوصى ليست أنا، إنها كائنات من لغة وتخاييل، لكنها تعبر عن دهشتى وخوفى وجنونى !

- وبناء عليه فأنا مسكون " بالمعرفة " فى أوسع معانيها وأضربها سهما فى الواقعى والغرائبى أيضا ، لهذا تكون المدن القديمة والنساء وغرف النزل البعيدة والشواطئ الخالية من اروع المراقى إلى الخلوة التى تحملنى إليها موجدتى ويؤدى بى غليها وجدى ويغرينى بها وجدانى !

- و " النخًاس " يختزل هذه المدارات بالنسبة لى، لقد أردته : " سرّاق صور وتخاييل ورؤى " ، وأردته تائها باحثا منقبا ، لقد أردته أن يكون مجنون معرفة ، إنها تلك المعرفة التى تطوحنى بعيدا فى ذهن الآخرين أو فى أجسادهم . ولعل " الغرفة السابعة " التى جاء ذكرها فى الرواية كانت هى الكتب والنساء والشواطئ البعيدة والنزل الخالية التى شاءت الحكاية القديمة أن تتركها موصدة .. لأحكام الغواية ولمزيد من الإغراء لحدوث التوقف والصبوة والمعرفة (15)