عرض مشاركة واحدة
قديم 09-22-2010, 12:56 PM
المشاركة 3
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
النقطة الثانية : وهى غياب زكاة القلم ,



فالزكاة معلومة من الدين بالضرورة باعتبارها ركن من أركان الدين الخمسة وإنكارها يخرج من الملة وإهمالها يطيح بالنعمة , وما وُجد مال يخلو من فريضة الزكاة إلا أهلكه الله

ومعروف أيضا أن الزكاة ليست فى المال بل هى فى كل النعم وإن لم يأت النص فرضا إلا على زكاة المال , وأتى الحديث النبوى مرغبا فى بقية أنواع الزكاة حيث قال رسول الله عليه الصلاة والسلام فيما ينسب إليه
" من كان له فضل مال فليجد به على من لا مال له ومن كان له فضل ظهر ,...... الحديث "
والغريب أن المفهوم العام للزكاة يعرفه العامة ويمثلون له بأمثلتهم الشعبية فتنتشر عبارات من أمثلة " زكّى عن صحتك ,, زكّى عن قوتك "
وأشد أنواع الزكاة وجوبا هى زكاة الموهبة الفكرية المتمثلة فى الثقافة والقدرة على التعبير , أما العلم فله شأن خاص سنأتيه بعد قليل
فالموهبة الأدبية أو الثقافية هى نعمة وهبها الله للمبدع كالشعر والقصة والرواية والمقال , والثقافة موهبة وهبها الله للإنسان فرفعت قدره بالمعلومة وفقه الإدراك , وهذه النعم التى بأيدى هذه الزمرة أين هم من زكاتها ؟!
لم يطلب أحد من الشاعر أو الأديب أن يجعل موهبته حكرا فقط على قضايا أمته ووطنه ودينه , ولكن فى نفس الوقت , لم يقل أحد أبدا أن يؤتينا الله الحكمة والموهبة فنصرفها لأهوائنا الشخصية فحسب , ونتعامل معها معاملة رجال الأعمال فى الإستثمار دون أن نسأل أنفسنا مرة واحدة
كيف يمكننا أن نجيب على السؤال يوم السؤال عندما يُسأل الموهوب عن نعمته فيم صرفها ,
وتخيلوا معى حرج الموقف عندما يقف شاعر ليستعرض أعماله فإذا هى مقتصرة على وصف العيون والرموش وال...............!
وتخيلوا قاصا وقد صرف موهبته فى أقاصيص المعاناة العاطفية ومثابرة الشعورية !
وتخيلوا مثقفا وقد جعل ثقافته لمعرفة من هو أغنى أغنياء العالم , ومن هى أول دولة فازت بكأس العالم !
على الأقل أيها الموهوب اجعل موهبتك فيما تحب واصرف عشر وقتها وجهدها زكاة عنها فى سبيل قضاياك , وكما جعلت لجمال الخد ودلال القد نصيبا من أبياتك أفلا تستحق هذه النكبات نصيبا من شعرك وأدبك
وأنت أيها المثقف الذى تتباهى بثقافتك , هلا نشرت بين الناس ما تحبه من أصناف المعلومات وجعلت خمسها لبطولات وتاريخ الأمة كما جعلت معظمها لبطولات كرة القدم
على الأقل لتساهم فى تغيير عقول العامة من الشباب الذين شربت عقولهم مخدرات من نوع أشد من المخدرات الطبيعية
فإذا سألت الآن عن عباس العقاد , فستجد الإجابة من الشباب أنه شارع شهير فى مدينة نصر بالقاهرة , ولو سألت عن الدولة العثمانية لأجابك الشباب بأن مؤسسها عثمان أحمد عثمان المقاول الشهير , ولو سألت عن أكبر الكبائر ستجد عبقريا آخر يجيبك بأنه كوبري 6 أكتوبر !
وهذه المواقف ليست من قبيل الطرفة بل هى ـ بكل أسف ـ وقائع حقيقية جرت فى إحدى المسابقات التليفزيونية
إن المتأمل فى أحوال مجتمعاتنا يجدنا أغرب الأمم قاطبة , وكما تفردت حضارتنا بالتقدم على سائر الأمم قديما أبت أجيالنا كذلك إلا أن نتقدم نحن أيا فنسجل الرقم القياسي بين شعوب العالم فى سرعة الإستجابة للتخلف
وإلا بم يمكننا أن نفسر ظواهرا كتلك التى سمعناها منذ سنوات عن أحد عمالقة المال اليهود يعرض شيكا على بياض لشراء أى قطعة أرض فى مكة أو المدينة لإقامة معبد يهودى عليها ,
وفى نفس العام , عرض ثري عربي مائة مليون دولار لشراء حطام السيارة المرسيدس التى كانت تُقل الأميرة البريطانية ديانا سبنسر ورفيقها وتحولت لعجينة حديدية فى الحادث الشهير الذى وقع لها فى النفق الواصل بين لندن وباريس
وبم يمكننا أن نفسر سعى الغرب الحميم بمختلف وسائل الإغراء لجلب المواهب من الدول الإسلامية وفتح الباب على مصراعيه أمام العلماء والباحثين المضطهدين بأوطانهم ليتخذوا مواقعهم فى أوربا والولايات المتحدة مع أسمى آيات التبجيل
بل بينما نفتخر نحن بأننا عواصم الفنون فتنشر الصحف فى صدر صفحاتها عن حضور فريق ريال مدريد ليقابل الفريق القومى !
أو نفتخر بمقدم ويل سميث الممثل الأمريكى لمؤتمرات السينما فى بلادنا ! بينما يحتل البرادعى رياسة وكالة الطاقة الذرية ويحتل زويل منصب المستشار العلمى للرياسة الأمريكية أقوى قوة فى العالم وكان من قبلهم فاروق الباز يجلس على مقعد وكالة ناسا أكبر وكالة لعلوم الفضاء فى العالم .. وهلم جرا
النقطة الثالثة : وهى الأخطر فى هذا الموضوع ,
لأنه إن كان المطلوب من ذوى المواهب الأدبية والفكرية أداء زكاة الموهبة والقلم فى أن يبذلوا بعض تلك الموهبة للتوجيه ,
فإن أصحاب العلم أمرهم مختلف تماما ,
فهؤلاء لا تغنى عنهم الزكاة فى بذله , ولا يكفي أن يؤدى الربع أو النصف أو حتى الثلاثة أرباع , فالعلم لمن يؤتاه شرط عليه وعهد أن يؤديه كله ما وسعه الأداء ولا يغفر الله له حبة خردل من تقصير فى ذلك إلا أن يكون مغلوبا على أمره فيه
وهذا أمر طبيعى دون شك فالعالم مرتبته عند الله هى أعظم وأجل المراتب بعد النبيين والصديقين وقد ورد فى الأثر أن دماء الشهداء ومداد العلماء سواء بسواء يوم القيامة وهو فى جهاد طالما كان فى طلب العلم ,
وغير ذلك من الفضائل التى لا تعد ولا تحصي فيلزم من ذلك أن تكون الشروط على قدر المكانة
وقد ورد فى الأثر أن النار ـ نعوذ بالله منها ـ تسعّر ـ أى تحمى وتوقد ـ يوم القيامة بعالم وشهيد , ولم يقل المعصوم عليه أفضل الصلاة والسلام أنها تسعر بالقاتل بغير حق رغم الوعيد الشديد فى كونه ملعونا من الله عز وجل , ولم يقل أنها تسعر بالحاكم الظالم رغم فداحة أثر الظلم الشخصي من الأفراد فضلا على الحكام وهم الفئة الوحيدة تقريبا التى حظت بدعاء الرسول ـ عليه السلام ـ عليهم فى قوله
" اللهم من ولى من أمر أمتى شيئا فرفق بهم فارفق به ومن ولى من أمر أمتى شيئا فشق عليهم فاشقق عليه " أو كما قال عليه الصلاة والسلام
ورغم كل هذا فقد جعل الله أبلغ مرتبات التعذيب تلك التى يحظى بها العالم المنافق والشهيد المنافق وهذا لجلالة العملين عند الله ومقدار أثرهما فى المجتمع المسلم لأن العلم بالتحديد هو مناط الأمر وتمام الدين وحياة الناس وطريق الجنة ومعرفة الله حق معرفته ,
ولولا العلم لقال من شاء بما شاء , ولولا توفيق الله جهود العلماء لانتهت رسالة الإسلام من على وجه الأرض فى أزمات التغريب عن الهوية التى بدأت منذ عهد ظهور الفرق المختلفة وانتشارها وحتى يومنا هذا
ولا توجد على ظهر الأرض فتنة أكثر من فتنة الشبهات وكيد شياطين الإنس والجن , وهؤلاء لا مقاومة لهم إلا بكتائب حرس الحدود ـ كما يسميهم المحدث أبو اسحق الحوينى ـ ولهذا كان العلماء ورثة النبوة ولهذا كان وعد الله للعلماء إذا بينوا وعدا مفتوحا حتى تنتهى الأعذار ويمحى الإعتذار , لأنه لا يوجد عذر لعالم كتم علمه , أو اتخذه وسيلة لهواه
ففي كتابه " ما ورد عن الإتيان للسلاطين " بين الحافظ جلال الدين السيوطى وأخرج حديث بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا إلى النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال فيما معناه " من طلب العلم لأربع فهو فى النار , من طلبه ليباهى به العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه , أو يأتى به أبواب السلاطين "
وهذه الأربع لو تأملناها ورعيناها لوجدناها تحققت بأكملها تقريبا
فهناك من أتاه الله علما ووظفه للمناظرات والمحاججة مع العلماء ليبتغي من وراء ذلك الظهور , وليست المحاججة مرفوضة بل مفروضة , لكن المقياس بين هذه وتلك هو النية ومدارها وتوجهها , فإن كانت لدفع الباطل وليس للظهور فهنا لا تمنع أبدا , بل لا يمنع الفخر أو الإعتزاز بالعلم عند مواجهة أهل البدع والتلبيس على الناس وتعمد إظهار جهلهم لأن هؤلاء من قاصدى الفتنة الذين يجوز فى مواجهتهم مثل هذا الإختيال
وقد ورد فى السيرة أن النبي عليه الصلاة والسلام عندما شاهد أبا دجانة رضي الله عنه يمسك سيفه ويمشي مشية اعتزاز قبيل غزوة أحد قال
" إنها مشية يكرهها الله ورسوله إلا فى هذا الموطن "
وهناك من أتاه الله علما فسلطه لمجاراة سفهاء الأحلام ممن لا تأثير لهم فى المجتمع وبالتالى فكلامهم ودعاويهم لا أثر فعلى لها , وعليه فالدخول فى جدل مع هؤلاء هو من قبيل فتح الطريق أمامهم لينشروا باطلهم , فما دام المشكك لا قيمة له ولا اعتبار وينظر المجتمع إليه نظرة السفه فلا معول عليه إن تركه العلماء يهذى بما يقول , أما الدخول معهم فى المخاصمات فهذا مما حرمه الله تعالى على أهل العلم
وهناك من أتاه الله العلم فجعله وسيلة لجلب الأنظار إليه , وتلك الطريق من أقرب الطرق للوقوع فى شرك الشيطان , والتحذير منها لا يتنافي وضرورة محافظة العالم على اعتزاز نفسه أمام الناس احتراما للعلم الذى يحمله
لأن تعمد جلب الأنظار شيئ , والحفاظ على المكانة شيئ آخر
فتعمد جلب الأنظار يكون بتصرف من العالم لا هدف له فى نفسه إلا تصغير شأن الناس من حوله وإبراز نفسه , والتكبر عن الاعتراف بالحق فى وقته
أما حفظ العلم بحفظ مكانته فهذا معناه ألا يعمد العالم للسكوت على إهانة العلم الذى يحمله ومن باب أولى , على العالم أن يكون تام المروءة فى المجتمع فلا يضع نفسه حيث لا يليق به تحت ادعاء التواضع أو استجابة لشهوة
والرابعة والأخيرة وهى آفة الآفات أن يعمد العالم إلى أهل السلطة ليشترى بعلمه شيئا من متاع الدنيا , وأهل السلطان ليس من الضرورى أن يكونوا هم السلاطين والحكام بل ينطبق هذا الأمر على سائر من ملك أمرا من أمور الرعية أميرا أو وزيرا أو رئيسا لمؤسسة أو خلافه ,
فشر العلماء هم من يأتون أبواب السلطان وخير السلاطين من يقفون على أبواب العلماء ,
من هذا العرض السريع نكتشف أن الله تعالى خص العلم فى ذاته بأن يكون له وحده و وفى سبيله وحده , وحقه مبذول للناس بالإفادة فلا كتمان فيه ولا اعتذار ولا شروط لتأديته ,
وعليه فإن ما نسمعه فى العادة من أن المجتمع يهمل العلماء وطلبة العلم بينما فرض عين عليه أن يحميهم ويكفل رزقهم لأنهم يحبسون وقتهم لغيرهم , وما إلى ذلك من الأقوال حول اضطهادهم وانصراف الناس عنهم ,
كل هذا صحيح وواقع , ولكن هل يصلح هذا كمبرر لكتمان العلم أو السكوت والانطواء والبعد عن أداء رسالة العلم ,
والجواب , لا
لأن الله عز وجل فرض على أهل العلم أن يبذلوه لا أن يوصلوه , فرض عليهم أن ينشروه لا أن يستوعبه الناس
والأمر شبيه بهذا الأمير الأندلسي الذى خرج فى كتائب جيشه للجهاد , وكان مرضه شديدا ورفض التخلف عن إمارة الجيش وفى منتصف الطريق حان أجله فطلب سهما وقوسا فاندهش قواده وطلبوا منه ألا يرهق نفسه لأن السهم لن يصل للأعداء مهما بلغت قوته فكيف يصل وهو على حال مرضه ,
فأصر على طلبه وأطلق السهم فى الهواء قائلا قبل أن يلفظ أنفاسه " نعم إنه لن يصل للعدو , لكنه سيصل إلى الذى أطلقته فى سبيله "

ولو كان الأمر مشروطا بأن يعرف المجمع حق العالم ويحفظ له رغده , لما وصل إلينا علم قط منذ عهد الصحابة إلى اليوم , بل ولما وصلت إلينا رسالة واحدة عن نبي لله أو رسول
فما من عالم منذ عهد التابعين إلا وتزين ترجمته ـ كما قال الحوينى ـ أزمته ومحنته , وأغلبهم كان للفقر معانقا , حتى أن الشافعى تأثر من حال مالك رضي الله عنهم جميعا , بعدما رأى فقره وحاجته وهو يومئذ إمام دار الهجرة , فقال فيه
وأشد خلق الله فى الهم إمرؤ ++++ ذو همةٍ .. يبلي بعيشٍ ضيق

وقد ضُرب أحمد بن حنبل حتى تفتقت أجزاء من لحمه رضي الله عنه وحبسه المأمون والمعتصم والواثق زهاء خمس سنوات فى محنة خلق القرآن ولم يرضخ وما كان له أن يرضخ وهو إن قال قولا تابعه عليه سائر المسلمين يومذاك
وليس للعالم عذر سواء فى الهمة المفروضة لعدم توانيه فى طلب العلم أو فى تأديته وفق توفيق الله له وحسب استطاعته بأى وسيلة تتيسر أمامه , وليس لهم عذر أيضا فى محنة الغربة وعصرها التى نعانى منها اليوم , فعصر الغربة الذى حذر منه النبي عليه الصلاة والسلام ونصح فيه بإغلاق الباب على النفس ومن يعول لا ينطبق أبدا على أهل العلم لا من قريب ولا من بعيد لأن العلماء يومذاك هم مناط بقاء الدين والدنيا وهم الذين عبر عنهم رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال
" لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتى أمر الله وهم كذلك "
كما أن الرسول عليه الصلاة والسلام استثنى العلماء صراحة من رخصة الاعتزال عندما قال
" إذا ظهرت الفتن , وسُب أصحابي , فعلى العالم أن يظهر علمه وإلا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين "
بقي أن نقول أن عصر الفتن يختلف فى شأن تقييم العالم كما يختلف فى شأن الظروف الطبيعية التى تتوافر بكل عصر
فالعالم قديما كانت شروط حتى يكتسب هذه الصفة , وقد يقضي عمره كله فى الجد والكد ولا يستطيع أن يبلغ هذا الوصف
أما فى ظروف آخر الزمان , فالأمر مختلف جذريا ,
فليس المقصود من الحديث السابق والتكليف الجبري بإظهار العلم .. فئة العلماء التى عهدنا شروطها بل ينضم إليها كل من لديه مثقال ذرة من خبرة أو معرفة بفتنة من الفتن ويملك بيانها للناس .. والأمثلة أكثر من أن تحصي فى هذا الباب ,
مثال ذلك ما يحدث من اعتداءات على النبي عليه الصلاة والسلام والشريعة والصحابة والعلماء الأقدمون وما إلى ذلك من فتن شديدة الوقع والأثر على العامة الذين يفتقدون أقل مؤهل للتمييز بين الغث والسمين ,
ولست أعنى الاعتداءات التى تأتى من خارج بلاد المسلمين فتلك أمرها أهون مما يضخمه البعض من ذوى الأغراض لأنها شتائم مألوفة وطبيعية وإلا لكان من الحماقة أن ننتظر من الحاقدين إنصافا !
فالإعتداءات من الخارج إنما تتمثل فى وجهين سباب فارغ وهذا أمر لا رد عليه ولا ينبغي أن نرد عليه لأن الرد عليه يؤدى غرضه بالإنتشار
والوجه الآخر وجه الشبهات التى تأتى كأمثال شبهات المستشرقين وهذه ردها يكون بالعلم والإيضاح
ولكن المقصود هنا بالإعتداءات التى تأتى ممن ينتسبون إلينا وحذر منهم رسول الله عليه الصلاة والسلام وبين أنهم دعاة إلى النار يتكلمون بالقرآن لا يجاوز تراقيهم وهؤلاء ما أكثرهم الآن فى العالم الإسلامى وما أكثر ما يفعلون
والأمر يبدو مثيرا للأسي المضحك عندما نتأمل حماسة الشباب الحمقي تجاه اعتداءات الرسوم المسيئة من أوربا بينما هم فى تغييب كامل عما يفعله مواطنون منهم فعلوا أكثر مما فعله المستشرقون واليهود تجاه الإسلام ولم يبلغ الغرب فى بذاءاته عشر معشار ما فعلته الرافضة فى أنحاء العالم الإسلامى من تشنيع وتشويه باسم الإسلام أو ما فعلته وتفعله حركات العلمانية التى تبث صحفها كل يوم مليئة بما يندى له الجبين وتجد لها بين الناس من يستجيب
أو ما يفعله علماء السلطان ويبثونه على الناس بالفتاوى المعلبة ـ كما عبر عنها المفكر الكويتى الفحل عبد الله النفيسي ـ تلك الفتاوى التى تبث الخنا فى عروق المجتمع المسلم
ودور العلماء هنا تم التركيز عليه لخطورته السابق بيانها غير أن هذا لا يعنى أن الجور منوط بمن يمتلك العلم وحسب بل هو دور المجتمع كله
فهو دور الأب الأمى أن يدرك تمام الإدراك أن منجاة أبنائه إنما هى فى العلم وحده فيدفعهم إليه قبل أن يدفع الطعام إلى أفواههم
وهو دور معلم التلاميذ والصبية من أى تخصص علمى أو أدبي أو غيره أن يبين لهم حقيقة حضارة مجتمعنا وكيف أن البطولة الحقيقية إنما تكون فى الإعتزاز بالدين واللغة والحضارة والبحث خلف أمثلتها فى التاريخ لإعادة تطبيقها ,
فأى مدرس بسيط يجب عليه أن يخصص من وقته بعض الوقت لبيان تلك المسلمات وتغذية عقول الأطفال بها فى زمان أصبحت فيه كلمة بطولة تنصرف إلى الأفلام السينمائية وكرة القدم وحلبات الرقص ,
ومن أطرف ما وصل لمسامعى
حديث إحدى الراقصات لبعض القنوات الفضائية وهى تسرد رحلة حياتها الفنية ـ كما تسميها ـ فقامت بتكرار كلمات مثل " الحمد لله " و " هذا فضل من الله " أكثر من عشر مرات فى أقل من ثلاث دقائق , والناس تستمع وفيهم المدرك للتناقض وفيهم من لا يعرف ـ خاصة الأطفال ـ فيكبر الطفل بتلك المبادئ , ولن يكون غريبا فى قادم الأيام أن يدعو لأمثالها بظهر الغيب على ما قدمت من خدمات فى وسط المجتمع !!
فإن لم يستطع المدرس أن يفعل ذلك فعلى الأقل عليه أن يكتفي بعجزه عن الإضافة ولا يصبح مركزا لزيادة المحنة باتخاذه مهنته كوسيلة للرزق فحسب , مثلها مثل أى مهنة أخرى لأن العالم والمعلم والمقاتل إن ربط كل منهم مهنته براتبه .. ولم ينظر لأمانتها فلا يلومن إلا نفسه يوم لا ينفع لوم ولا ندم
وهو دور النجار والحداد والقصاب والتاجر وكل المهن أن يؤدى الخدمة لمجتمعه بحرص خوف الله تعالى لا خوف القانون , فى ظل عالم أصبحت فيه المخادعة هواية بعد أن كانت سبيلا للطمع المادى
فهناك من يخدع لمجرد الخداع فقط , ولو لم يكن هناك أدنى فائدة لذلك , ومن الطرائف المبكيات قصة القصاب الذى كان يبيع لحوم الحمير على أنها لحوم أبقار بينما ثمن الحمار أغلى فى هذه الأيام !
أى أن الخلل العقلي أصبح داء متمركزا فى المجتمع فبعد أن كانت المعاصي يرتكبها الفرد طمعا فى نفع عاجل أو تحت تأثير الاضطرار أصبحت هواية ومنطق
فما أبشع فقر العقول لو كانوا يعلمون !