عرض مشاركة واحدة
قديم 04-20-2011, 03:24 AM
المشاركة 22
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



** ( وقال سبحانه : ألا يا اسجُدوا ) في قراءة الكسائي .
هي ألا بالتَّخفيف وليس بالتَّشديد كما قلت . حرف لمجرد التنبيه مبني على السكون لا محل َّ له من الإعراب .
يا للتنبيه أو للنداء والمنادى محذوف مثل الآية السابقة .
اسجُدوا فعل أمر مبني على حذف النون , وواو الجماعة ضمير مبني ٌّ على السكون في محل ِّ رفع . وإليك مزيد َ تفصيل كما أورده السمين الحلبي في الدر المصون :
{أَلاَّ يَسْجُدُواْ}: قرأ الكسائيُّ بتخفيف "ألا"، والباقون بتشديدها. فأمَّا قراءةُ الكسائيِّ فـ"ألا" فيها تنبيهٌ واستفتحاحٌ، و"يا" بعدها حرفُ نداءٍ أو تنبيهٍ أيضاً على ما سيأتي و"اسْجُدوا" فعلُ أمرٍ.
وكان حَقٌّ الخَطَّ على هذه القراءةِ أن يكونَ "يا اسْجُدوا"، لكنَّ الصحابةَ اسقطُوا ألفَ "يا" وهمزةَ الوصلِ من "اسْجُدوا" خَطَّاً لَمَّا سَقَطا لفظاً،
ووَصَلُوا الياءَ بسين "اسْجُدوا"، فصارَتْ صورتُه "يَسْجُدوا" كما ترى، فاتَّحدت القراءتان لفظاً وخَطَّاً واختلفتا تقديراً.
واختلف النحويون في "يا" هذه: هل هي حرفُ تنبيهٍ أو للنداءِ، والمنادَى محذوفٌ تقديرُه: يا هؤلاءِ اسْجُدوا؟ وقد تقدَّم ذلك عند قولِه: يا لَيْتَني" في سورة النساء.
والمرجَّحُ أَنْ تكونَ للتنبيهِ؛ لئلا يُؤَدِّيَ إلى حَذْفٍ كثيرٍ مِنْ غيرِ بقاءٍ ما يَدُلُّ على المحذوفِ.
ألا ترى أنَّ جملةَ النداءِ حُذِفَتْ، فلو ادَّعَيْتَ حَذْفَ المنادَى كَثُرَ الحذفُ ولم يَبْقَ معمولٌ يَدُلُّ على عامِلِهِ، بخلافِ ما أذا جَعَْلتَها للتبيهِ.
ولكنْ عارَضَنَا هنا أنَّ قبلَها حرفَ تنبيهٍ آخرَ وهو "ألا". وقد اعْتُذِرَ عن ذلك: بأنه جُمِع بينهما تأكيداً. وإذا كانوا قد جَمَعُوا بين حرفين عامِلَيْنِ للتأكيدِ كقوله:
فَأَصْبَحْنَ لا يَسْألْنَنِي عَنْ بما به *
فغيرُ العامِلَيْن أَوْلَى. وأيضاً فقد جَمَعُوا بين حَرْفَيْنِ عامِلَيْنِ مُتَّحِدَّيْ اللفظِ والمعنى، كقوله:
فلا واللهِ لا يُلْفَى لِما بي * ولا لِلِما بهم أبداً دَواءُ
فهذا أَوْلَى. وقد كَثُرَ مباشرةُ "يا" لفعلِ الأمرِ وقبلَها "ألا" التي للاستفتاح كقوله:
ألا يا اسْلَمِي ثُمَّ اسْلمي ثُمَّتَ اسْلَمي * ثلاثَ تحيَّاتٍ وإنْ لَمْ تَكَلَّمي
وقوله:
ألا يا اسْلَمِي يا دارَ مَيَّ على البِلى * ولا زالَ مُنْهَلاًّ بجَرْ عائِكِ القَطْرُ
وقوله:
ألا يا اسلمي ذاتَ الدَّماليجِ والعِقْدِ * وذَاتَ اللِّثاثِ الجُمِّ والفاحِمِ الجَعْدِ
وقوله:
ألا يا اسْلمي يا هندُ هندَ بني بدرٍ * وإن كان حَيَّانا عِداً آخرَ الدهرِ
وقوله:
ألا يا اسْقِياني قبلَ حَبْلِ ابي بكرِ * لعل منايا نا قَرُبْنَ ولا نَدْري
وقوله:
ألا يا اسْقِياني قبلَ غارةِ سِنْجالِ *
وقوله:
فقالَتْ ألا يا اسْمَعْ أَعِظْكَ لخُطْبةٍ * فقلتُ: سَمِعْنا فانْطِقي وأَصِيْبي
وقد جاءَ ذلك، وإنْ لم يكنْ قبلَها "ألا" كقوله:
يا دارَ هندٍ يا اسْلَمي ثُمَّ اسْلَمي * بِسَمْسَِمٍ أو عَنْ يمين سَمْسَِمِ
فقد عَرَفْتَ أنَّ قراءةَ الكسائيِّ قويةٌ لكثرةٍ دَوْرِها في لغتهم.
وقد سُمع ذلك في النثر، سُمِع بعضُهم يقول: ألا يا ارحموني، ألا يا تَصَدَّقوا علينا.
وأمَّا قولُ الأخرِ:
يا لعنةَ اللهِ والأقوامِ كلِّهمُ * والصالحينَ على سَمْعانَ مِنْ جارِ
فيُحتمل أَنْ تكونَ يا للنداء، والمنادى محذوف، وأَنْ تكونَ للتنبيهِ وهو الأرجحُ لِما مَرَّ.]