عرض مشاركة واحدة
قديم 12-08-2011, 08:56 AM
المشاركة 106
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
الاغتراب والحلم ...في أدب أحمد إبراهيم الفقيه القصصي
بقلم: د . شعبان عبد الحكيم محمد
*
مقدمه
يعد الاغتراب والحلم ملمحين بارزين فى أدب أحمد إبراهيم الفقيه القصصى وقد جاء الاغتراب تعبيرا عنتصدع الذات فى مواجهتها الواقع المعيش خاصة الجيل الذى نشأ بين زمنين (يمثله خليل الأمام فى الثلاثية ) زمن ما قبل الطفرة الاقتصادية (فى السبعينيات) وزمن ما بعد هذه الفترة فقد احدثت (هذه الطفرة) زلزلة فى كيان المجتمع العربى لأخذنا بالقشور من هذه المنجزات وافتقادنا الجوهر اضافة إلى اختلاف البيئة الحضارية التى أنجزت هذه المعطيات عن البيئة العربية وعدم تهيؤ مجتمعنا لارتداء زى هذه الحضارة .

يجسد لنا خليل الإمام فى الثلاثية ظاهرة اغتراب المثقف العربى فى وطنه وخارجه لأنه كما تروى الأحداث عاش بين زمنين زمن الماضى بمفاهيم وقيمة البالية هذه التقاليد والقيم شكلت وجدانه واستعداده النفسى بمفاهيم معينة وزمن الحاضر بمبادئه التى شكلتها المعطيات الفكرية والحضارية والأخلاقية هنا كان التصدع حيث التردى الاخلاقى والتمزق الاجتماعى وقد وجد (خليل الامام) فى الحلم الهروب من الواقع علاجا وإن كان غير ناجع لأنه يتجاوز عمل المسكن فالحلم لا يدوم ولابد من العيش فى الواقع بكل ضراوته وبحثا عن حل لعدم الانسجام وتجاوزا للاغتراب كان الهروب من هذا الواقع فى صور ثلاثة فى ثلاثيته لتأخذ كل رواية صورة من هذه الصور ما بين الابحار فى ذاكرة الماضى أو الحلم بعالم مثالى او قصة حب تغسل أدران النفس.
هكذا اقترن الاغتراب بالحلم واضافة إلى هويس ابطال قصص الفقيه بالبحث عن المرأة المثالية والمثال موضوعه عالم الحلم لا الواقع فأبطال قصص الفقيه يلهثون فى عالم الواقع جريا رواء المرأة (المثال) التى تشبه المرأة الحلم فى اعماق وجدانهم ولهوسهم تصوروا أنه بإمكان نقل الحلم إلى واقع (نقل امرأة الحلم فى عالم الواقع) ولكن هيهات بين الحلم والواقع فلم يتحقق لهم ما كانوا يتمنونه ليعود البطل من اوهامه مهزوما مكسور الوجدان.



بناء على ذلك هدفت الدراسة تناول ملمحى ( الاغتراب والحلم) فى التصور الأتى



الفصل الأول : أتناول بالدراسة لاغتراب خليل الإمام فى الثلاثية بحثه عن الزمن الذى لا يأتى تارة فى الابحار فى الذاكرة حيث رحلته العلمية إلى أوربا للحصول إلى درجة الدكتوراه (فى رواية سأهبك مدينة أخرى ) وتارة أخرى بالحلم بمدينة مثالية (فى رواية هذه تخوم مملكتي) وتارة ثالثة بالحلم بقصة حب (فى رواية نفق تضيئه امرأة واحدة)

الفصل الثانى : أتناول بالدراسة للحلم والمرأة فى محورين المحور الأول :الحلم قالب فنى للتعبير عن رؤية الكاتب لقضية الاغتراب المحور الثانى : المرأة الحلم وهى المرأة المثال التى شغلت وجدان أبطال قصص الكاتب وأخذوا يبحثون عنها فى عالم الواقع
الفصل الثالث : أتناول بالدراسة لتقنيات السرد فى روايات وقصص الكاتب التى عالجت هذين الملمحين فى أربعة محاور هى السرد والوصف مسرح الأحداث (المكان والزمان) ملامح شخصية البطل جماليات التشكيل اللغوى ، أتبع فى دراستى منهجا فنيا يتعامل مع النص كتشكيل فنى يهدف إلى أحداث المتعة النفسية قبل أن يكون النص انعكاسا لواقع أو مجتمع أو شخصية معينة واقتصر فى ابداع الكاتب على القصص والروايات التى تجسد هذين الملمحين فقط والتزام الموضوعية فلا ثناء مفرط ولا ذم مغرض فأنا أتعامل مع نص أدبى له ايجابياته وسلبياته وكلمتى كأى باحث ليست الكلمة الأخيرة إنما هى محاولة لاضاءة النص وسير أغواره

د. شعبان عبد الحكيم محمد
العوايسة فى 5/12/2001م


.............

-3-
وإذا كنا قد أرخنا للقصة والرواية الليبية فوجدنا الفقيه ينتمى للجيل الثالث صاحب مرحلة الازدهار فى هذين الفنيين والسؤال الذى طرح نفسه هنا ما مكانه الفقيه فى الرواية الليبية ؟ هل هذه المكانة تصل إلى مرتبة مكانته فى القصة القصيرة؟!

الاجابة عن هذا السؤال لابد أن نتعرف على طبيعة النتاج الروائى فى الأدب الليبى الذى اجمع غير واحد على تواضع هذا المستوى وأن هذه الرواية ما هى إلا قصة قصيرة نفخ فيها فامتدت عبر الزمان والمكان فى كم من الورق فى فكرة محدودة الحجم والقيمة فعلى سبيل المثال خلفية حسين مصطفى الذى أثنى عليه احدهم وتوقع أن يكون فارس الرواية الليبية(26)



يحلل الناقد الليبى رمضان سليم روايته ( المطر وخيول الطين) وينتهى بحكمه بأنها اقرب إلى مضمون القصة القصيرة إلى تلك الدرجة التى نستطيع فيها استقطاع الكثير من الجمل الجزئية والاضافات الزائدة المتراكمة على جوهر القصة المحدودة بدون أن يتأثر الغرض العام(27) ناهيك عن فشله فى رسم شخصياته وتعمق أغوارها وإجادة الحبكة والإقناع الفنى فى احتمالية وقوع الأحداث إضافة إلى كم هائل من الأخطاء اللغوية والأسلوبية وهذه العيوب نجدها عند غير واحد من القصاصين الليبيين ويكفى الرجوع إلى دراسة سمر روحى الفيصل السابقة فى تحليله لست روايات (على حد تعبيره ) لا نجد سوى كم من العيوب الفنية والأسلوبية نتصل بالسرد والوصف ورسم الشخصيات وضحالة الفكرة وضعف الحوار والأخطاء النحوية والأسلوبية.



مما يؤكد لنا محدودية هذا الفن القصص فى ليبيا شهادة الأديب القصصى خليفة حسين مصطفى (شهادة شاهد من أهلها ) التى يقول فيها الرواية لم تظهر عندنا بعد كفن ناضج وأكثر استيعابا لحركة المجتمع وتطوره(28)

أما عن أدب الفقه وان كان محدودا فى مجال الرواية (أربع روايات) حقول الرماد والثلاثية فلا ننظر إلى هذه الأعمال بمقياس الكم ولكن بما يتركه العمل الأدبى من اثر فاعل فى نفوسنا وما يثيره لدينا من أفكار وما يتضمنه من قيم فنية وروحية فى أعماقه نستشفها استشفافا فالعمل الأدبى الجيد كالبحر المعطاء كلما غضنا فى أعماقه عثرنا على اللآلئ والدرر التى لم نعثر عليها من قبل فمن يقرأ حقول الرماد لا ينسى قرية قرن الغزال (رمز الوطن الأيل للسقوط) حيث الفساد السياسى الذى يتجلى فى أمر الوالى يهدم هذه القرية وبناء قاعدة عسكرية للأمريكان والفساد الاقتصادى ما حل بها من فقر ومجاعة وتخلف والفساد الاجتماعى الذى يعكسه الجهل والنفاق وتقاعس كثير من أبنائها الوصوليين أننا نستشف عند قراءتنا
وليست هذه قراءة نهائية أن الكاتب يريد أن يوحى بفكرة مفادها إذا لم يتجاوز الوطن هذه الأمراض التى تنخر فى عظامه سيكون مصيره مصير قرية قرن الغزال وبذلك يستثير الروح فى شعبه ليتمسكوا ببلدهم ويتصدوا للمتصرف واعوانه لتبقى قرن الغزال رمزا لوطن تضرب حضارته فى أعماق التاريخ لتبقى شامخة رغم الكوارث والمحن متجاوزة لها من أجل مستقبل مشرق وكأن الكاتب يبرر لقيام ثورة الفاتح عام 1969 م لبقاء شموخ هذا الوطن وبناء مستقبله المشرق .
أما الثلاثية فهى تحفه أديبة بحق أنها تجسد لنا أزمة المفكر العرب فى مجتمع تفسحت فيه القيم وضاعت فيه المبادئ وسط الزحف الاقتصادى الذى ترك أثارا سلبية فى طباع الناس ومشاعرهم تجمدت ومات النبع الجميل فى نفوسهم انها أزمة فكرية وحضارية وأخلاقية أفقدت الإنسان الانسجام مع نفسه ومع مجتمعه مما ادى إلى شيوع الأمراض النفسية وموات الروح حتى الذين تظاهروا بالانسجام كان انسجامهم ظاهريا لم يتجاوز القشور إلى اللباب أننى لا أبالغ حيث أقول إلى ثلاثية الفقيه من أفضل الأعمال الروائية التى صورت أزمة المفكر وأمراضه فى عصرنا كل ذلك فى بناء فنى ونسيج قصصى محكم تتآزر عناصره فى منظومة متجانسة شخصيات وأحداث وحبكه ولغة شاعرية تجعلنا نشيد بصاحبها كفنان أصيل متميز بذلك يترك الفقيه بصمة واضحة فى تاريخ الرواية الليبية فلا يمكن أن نذكر الفن الروائى الليبى إلا وذكرنا أحمد الفقيه وانجازاته الخلافة انه بحق عنوان للرواية الليبية التى تتجاوز حدود الزمان والمكان ورائد من روادها البارزين الذين تركوا بصمة ستظل مدى الأيام دليلا على مكانته وعطائه المميز.

الدارسة كاملة هنا:
http://www.arabicstory.net/forum/index.php?showtopic=1051