عرض مشاركة واحدة
قديم 10-28-2010, 12:11 PM
المشاركة 43
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وما يُطرب الأوغادَ في لهوِهم سوى ذبيحٍ من الأوداجِ والحلق يشخرُ
وصرخةِ رَوعٍ من صبيٍّ مفزَّعٍ تغشّاهُ موتٌ بالفجاءةِ يجأرُ
فيا شِسعَ بسطارِ الغُزاةِ تطامنوا صَغاراً وأنتم بالصَّغارةِ أجدرُ
وبيعوا دمائي ما استطعتم وقَوِّدوا فهيهات أنْ يرقى العبيدُ ويكبروا
وأنى لكم أن تكبروا يا حثالةً من الخزيِ في كاساتِه تتقعَّرُ

ويا ظلَّ محتلٍّ تطاول خلفَهُ إذا اعتدلتْ شمسُ الظهيرةِ يقصرُ

دمُ ابني وآلاف الدماءِ روافدٌ لدجلةَ تجتاح الغُثاءَ وتعبرُ
وصرختُه المكتومةُ الآنَ رَجعُها يزلزلكم بالرعبِ فاللهُ أكبرُ

ويستمر الشاعر في شتم الأوغاد أذناب المحتل وتقريعهم وذلك على لسان الأم التي تتساءل مستنكرة وهل يُطرِبُ هؤلاء الأوغاد، سوى صوت شخير من يذبحونهم من نحورهم والأوداج؟بل هل يطربهم سوى صرخة طفل مرعوب وفي حالة فزع شديد من هول الموت الذي جاءه يزأر فجأة؟ وهو طبعا ما أصاب ابن هذه الأم الثكلى المسجى على اللوح يتنازعه الموت.
وتصرخ الأم ويصرخ الشاعر هنا وعلى وقع هذا الألم الفظيع الذي أصاب الطفل وعلى ذلك الواقع المرير الذي صنعه أولئك الأوغاد بأيديهم " أيا نعال بساطير الغزاة"، وهو تقريع وتحقير شديد لهم لا مثل له، اعلموا إنكم ستبقون صغار كما انتم أيها الصغار، وهذا في الواقع هو حالكم وما يلائمكم...اقتلوا من شئتم من الصغار أيها الصغار في نفوسكم، وبيعوا دمائي وبيعوا النفط واعملوا في القِوادة.. فهذه هي منزلتكم وهذا هو شأنكم أيها العبيد يا خدم المحتل فانتم ستبقون عبيدا ولن تكبروا أبدا.

ويتساءل الشاعر على لسان الأم مستنكرا ومستهجنا " أنى لكم يا حثالة أن تكبورا ؟" وهو إمعان في الشتم والسب والتجريح والوصف بأقبح الصفات كونهم أوغاد عبيد وخدم المحتل، ويتساءل من جديد "أنى لكم أن تكبروا وقد أصابكم الخزي على أفعالكم المشينة؟

أنى لكم أن تكبروا انتم يا ظل المحتل فلستم سوى أقزام؟ تتطاولون بوجوده فقط لكنكم تقصرون بهزيمته، وذلك إذا ما اعتلت شمس الظهيرة كبد السماء، وفي هذا البيت نبوءة للشاعر يرى فيها بأن الفجر قادم لا محالة والانتصار محقق وان النجاح في طرد المحتل الغاشم سيمحق عملاؤه وعبيده هؤلاء الأوغاد الأقزام أيضا. وقد شبه الشاعر الانتصار القادم بالشمس التي إذا ما سطعت تلاشى خدم المحتل وزال شأنهم، ذلك الانتصار الذي سيتحقق لا محالة لان دماء هذا الطفل وآلا لاف مثله أصبحت تشكل روافد من الدم لنهر دجلة الذي تحول إلى نهر جارف من الدم سيجرف في طريقة الأعداء والجبناء الأوغاد أذناب المحتل..
كما أن رجع وصدى صرخات هؤلاء الأطفال المدوية سوف تزلزل أذناب المحتل وتوقع الرعب في قلوبهم فيتحقق الانتصار وفي هذه أيضا توظيف بارع للموروث الثقافي..

ونجد هنا أن الشاعر إذ يستشعر هذا الانتصار القريب والمحقق يصرخ صائحا ..الله اكبر..الله اكبر. ..فيتزلزل الكون... فكيف بالمحتل وأذنابه؟؟

صورة نازفة وقصيدة اشد نزفا وشاعر ينزف شعرا عبقريا في قدرته على التصوير والتأثير..
-------

الاستاذ الشاعر ابو غريبه

لم يكن الابحار في متون هذه القصيدة النازفة سهلا ففيها تم تكبير صورة الحدث النازفة والذي قمت أنت بوضعه تحت المجهر المكبر فتفتح عيوننا على الم لم يسبق له مثيل... وكان الغوص في اعماق هذه القصيدة اشبه بالغوص في بحر من الدم والالم والدموع الساخنة...

لكن لعل هذه الصرخة المدوية وهذا الالم الذي اصابنا وهذا الغضب البركاني المزلزل يساهم في انقاذ ولو طفل واحد على الاقل في اي مكان من على هذا الكوكب..الذي نجد فيه الاطفال يصطفون مشاريع للموت القريب.