عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
11

المشاهدات
3760
 
هيثم المري
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


هيثم المري is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,700

+التقييم
0.98

تاريخ التسجيل
Jul 2019

الاقامة
في مكان ما على الأرض

رقم العضوية
15882
11-20-2019, 10:39 PM
المشاركة 1
11-20-2019, 10:39 PM
المشاركة 1
افتراضي لوحات فنية بسعر خيالي .. لماذا ؟!
لوحات بسعر خيالي .. لماذا ؟!

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
لوحةٍ للفنان بول سيزان تدعى “لاعبو الورق

لماذا تباع بعض اللوحات بأسعار خيالية،
ولماذا الفن مكلفٌ لهذه الدرجة؟


اللوحات الفنية - الحرية تقود الشعوب0
في بداية عام 2011، تم بيع لوحةٍ للفنان بول سيزان تدعى “لاعبو الورق” بسعرٍ بلغ 259,000,00 دولار، نعم يوجد الكثير من الأصفار في هذا المبلغ! وهو في الحقيقة مبلغ كبير جداً ويعادل الآن حوالي 275 مليون دولار!

وهناك أيضاً لوحة الفنان جاكسون بولوك التي تسمى “الرقم 5” والتي بيعت في عام 2006 بسعرٍ بلغ 140 مليون دولار، وعندما ينظر الناس إلى هذه اللوحة يقولون وبكل بساطة: “أنا أستطيع فعل هذا، بل أفضل!!”
لكن لماذا بيعت تلك اللوحات بمثل هذه الأسعار المريخيّة!؟

هذا سؤال صعب في الحقيقة، وهو من الأسئلة التي بقيت عالقةً في أذهان الناس وتبحث عن حل هنا وهناك، واعتقد أن ثمة عدداً من الأسباب التي تجعل من تلك اللوحات الفنية أغلى من منزلٍ في أفخم مناطق العالم.
لكن لنبدأ حديثنا عن المال، فالمال هو وسيلةٌ للتبادل، فنحن نستبدله بشيءٍ نرغبه أو نحتاج إليه، ونقدّم كميةً من المال تبعاً لقيم تلك البضائع التي تحدّدها عواملٌ عدة.

العرض والطلب
لكن، نحن نعرف أنّ كل شيءٍ يسعّر تبعاً للعرض والطلب، وكذلك الوضع بالنسبة للفنّ واللوحات الفنيّة التي رسمها فنانون ثم توفّوا، فذلك الفنان المتوفي لن يقوم أبداً برسم أي لوحاتٍ جديدة!

لذلك “نقص المؤن” إذا أردنا أن نقولها بلغةٍ ماليّةٍ يعدّ من الأسباب المهمة في ارتفاع أسعار تلك اللوحات. لكن عندما يأتي الأمر للفنانين الذين ما زالوا على قيد الحياة، فتتدخل هنا عواملٌ كثيرةٌ. ولنفرض أنّ العرض ليس محدود، أي أنّه يمكن للفنان رسم أكثر من لوحةٍ أخرى، على الرغم من أنّ الكثير من الفنانين أو وكلاء أعمالهم يقولون بأنهم لن يرسموا المزيد منه. لكن وبكل الأحوال فإنّ أي لوحةٍ فنيةٍ هي شيءٌ مميزٌ وفريد، وذلك بحدّ ذاته يمنح اللوحات قيمةً أعلى من البضاعة التي يمكن أن نشتريها يومياً من الأسواق والمحال التجارية.

سوق الفَنّ التجاريّة
والفَنّ كغيره من الأشياء، حيث تسعّر اللوحات الفنية وتأخذ قيمتها على أساس علاقتها مع غيرها من اللوحات، في سوق تجاريّة كبيرة جداً وذو تنافسية عالية، كسوق الطعام أو السيارات حتى. وأشبه ما يكون بسوق الأسهم، فإذا استطاع أحدٌ ما تفسير لماذا ترتفع أسهم شركةٍ ما وتنخفض أسهم شركةٍ أخرى، فلو كان هناك جوابٌ واضحٌ لذلك لكنا جميعاً أثرياء!

قيمة الفَنّ هو موضوعٌ يحتاج لتوافقٍ شاملٍ
يقوم الفنانون أو وكلائهم بأشياءٍ كثيرةٍ لخلق قيمةٍ لتلك اللوحات. فهم يقومون بجعل الصحف والمجلات تكتب عنها، ويساعدون في نشرها بالمتاحف والمعارض.
ايرنست بيلير، أبرز تاجرٍ وجامعٍ للفن الحديث في أوروبا.
مما يمنح اللوحة رضاءً من الأطراف الأخرى، فإذا رأى أحد الذين يرغبون بشراء لوحةٍ ما أو أحد وكلاء البيع قيمةً عاليةً في تلك اللوحة فإنّ ذلك على الأغلب سيؤثّر على غيره من الراغبين بالشراء ويجعلهم يعطون تلك اللوحة نفس القيمة أو حتى أعلى مما يرفع الطلب عليها أكثر.

ونذكر أنه هناك بعض الأشخاص والهيئات التي لها تأثيرٌ أكبر من غيرها في منح القيمة لتلك الأعمال، ولنبسِّط الأمر، تخيل أنك تريد التقدم لخطبة إحداهن فإذا قمت بتقديمها إلى والدتك قبل ونالت إعجابها فعملية إقناع والدك ستصبح أسهل بكثير فقد نالت “قيمةً” أعلى عندما نالت إعجاب الوالدة، أو كسيارةٍ قديمةٍ فحصها خمسة ميكانيكيين متخصصين ونالت إعجابهم، فإذا أردت شراءها فستكون أغلى بالطبع.

“إذا لم أستطع بيع لوحةٍ ما، أقوم بمضاعفة سعرها بكل بساطةٍ”
هذا ما يقوله ايرنست بيلير
وقد ظهرت في الفترة الأخيرة موضة المتاحف والمعارض الخاصة أو التي ترعاها الدولة، والتي ساهمت بشكلٍ كبيرٍ في رفع أسعار ذلك “السوق”. فدول الخليج، وتحديداً قطر والإمارات، قاموا بالاستحواذ على الكثير من الأعمال الفنيّة الكبيرة لمعارضهم الهائلة. وتعدّ العائلة الملكيّة القطرية، وخاصةً الشيخة ميساء الثاني بنت الأمير، نشطةً جداً في هذا المجال، وتعدّ من أكبر المشترين للأعمال الفنية في العالم اليوم. فهي تشتري لوحات الفَنّ المعاصر، وقد قامت قطر بشراء أغلى لوحةٍ بيعت في تاريخ البشرية، اللوحة سابقة الذكر “لاعبو الورق” للفنان سيزان في عام 2011 بمبلغٍ وصل لـ 250 مليون دولار.

قيمة الشهرة

يصبح بعض الفنانين مشهورين، وتساهم الشهرة بشكلٍ كبيرٍ في زيادة قيمة لوحاتهم، لكن لماذا يحدث هذا الأمر؟
لكن حاول قبل ذلك الإجابة على السؤال التالي: لماذا وعلى سبيل المثال يتقاضى فنانو هوليوود الشهيرين ملايين الدولارات على أدوارهم، بينما يتقاضى فنانون آخرون ليسوا مشهورين بضعة مائة دولارٍ فقط؟
هل يعني ذلك أنّ ذلك الممثل/ الممثلة المشهور/ة أفضل بآلاف أو ملايين المرّات من غيرهم؟

ليس بالضرورة لأنّ العلاقة بين السعر والقيمة نادراً ما تكون علاقةً خطيةً واضحةً وغالباً ما تكون معتمدةً على قانون السلطة أو مبدأ باريتو: الذي ينصّ على أنّ 80% من الثروة يمتلكها 20% من السكان وبنفس الطريقة نجد أنّه في أي مجال يسيطر 20% من الناس المشهورين أو المسيطرين على 80% من ذلك المجال.

القيمة التاريخية
تمتلك العديد من اللوحات قيمةً تاريخيةً، كلوحاتٍ لملوكٍ وأمراء، أو لوحاتٌ لحوادثٍ تاريخيةٍ كالثورة الفرنسية مثلاً التي جسّدها الفنان ديلاكروا في لوحة “الحرية تقود الشعوب” عام 1830.

ونورد لكم قائمة صغيرة بأغلى اللوحات التي بيعت في العالم
لوحة بيكاسو الشهيرة “الحلم” بيعت بمبلغ 150 مليون دولار في صفقةٍ خاصةٍ، ويعدّ ذلك المبلغ أعلى مبلغٍ دُفع من قبل جامع لوحاتٍ امريكي.

لوحة الصرخة للفنان ادفار مونك، بيعت في نيويورك بسعرٍ بلغ 119.9 مليون دولار في مزادٍ علني عام 2012.

لوحة ثلاث “مسوداتٍ” لصورةٍ ذاتية للفنان فرانسيس بيكون بيعت في لندن مقابل 13.8 مليون جنيه إسترليني.

“رأس الحواري اليافع” للفنان رفاييل بيعت في لندن عام 2012 لشخصٍ خارج المملكة المتحدة لكن الحكومة قامت بمنع إخراجها من البلاد. للفنان جيرارد ريتشر، تعدّ أغلى لوحةٍ لفنانٍ على قيد الحياة قام ببيعها العازف الشهير ايريك كلابتون مقابل سعرٍ بلغ 21.3 مليون جنيه إسترليني.

واللوحة التي تحدثنا عنها في بداية المقال “لاعبو الورق”، التي اشترتها دولة قطر الثرية بأكثر من 250 مليون دولار.
ويمكنك أن تقول إنّ تلك اللوحات من أمثال الموناليزا وغيرها ليست سوى رسومٍ لأشخاصٍ ومناظر طبيعيةٍ، لكنها تشير، وبالإضافة إلى عبقرية رسّامها، إلى عراقة الحضارة البشرية وتعبيرها عن ذات الإنسان على مرّ العصور.

فمن السهل علينا أن ننظر إلى الفَنّ ونقول: إنه شيءٌ سطحيٌ للغاية، وأنّه متعلقٌ برأي الشخصيات المشهورة والغنيّة، فهذه الأسعار الجنونية، وللأسف، هي أيضاً من نتاج البشر، حيث أصبح الفَنّ سوقاً للمضاربة، ولا أقصد بذلك أنّ الفنان لا يحقّ له أنّ يبيع لوحاته ويربح منها، فهو بالنهاية مثله كمثل أي شخصٍ منّا يعمل ويجب أن يقطف ثمرة عمله.
لكنّ هذه الأرقام الخيالية تسيئ حقاً لقيمة الفَنّ وتنقص من شأنه فتظهره كسلعةٍ باهظة الثمن يتحكم بها كبار رؤوس الأموال والمتنفذين في العالم.
لكن ما ننساه أحياناً أن تلك اللوحات الفنية من أمثال “الرقم 5” أو “لاعبي الورق” ليسوا بالحقيقة أغلى القطع الفنية في العالم، فالعديد من اللوحات المعروضة في المتاحف والمعارض الكبرى لا تقدر بثمن، فقد تم اعتبارها تراثاً للحضارة الإنسانية.

موضوع راقني