عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-2021, 07:29 AM
المشاركة 7
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: في اليوم العالمي للمرأة ...ماذا تقول؟ وماذا تقولين؟
في يوم المرأة العالمي، أمي لم تكن بطلة كما يروجون، كانت كأي امرأة فلسطينية عظيمة تخاف وتبكي، لم تتظاهر بالقوة أمام جحافل جيش الاحتلال بل كانت ترتعش، وفي أيام القصف والانتفاضة كانت تطفئ أضواء البيت جميعها وترغمنا على الجلوس في غرفة واحدة، وهناك تعلمنا أول أبجدية عن الحب، وعندما كان يقترب جيش الاحتلال من بيتنا كانت تمنعنا من الوقوف على النوافذ وتلطم خديها بصمت، حينها عرفنا كيف يكون الخوف مسؤولًا، أمي لم تصدق الأخبار يومًا، فأمهات الشهداء لا يمكنهن الفرح كما كن يظهرن، لذلك لطالما أطفأت التلفاز وبكت عنهن جميعًا.
أمي لازالت امرأة عادية تضع الكحل على عينيها، وتكره ارتداء نظاراتها السوداء، غالبًا ما تشك في بدع تجار الأخلاق في الشرق، لذلك لم نهجر حليبها يومًا وبقينا شاخصين بعيوننا نحو أصابعها نرسم حسرة المفطومين.
أمي كانت امرأة طبيعية جعلتنا نرى النساء جميعهن في صورة واحدة، تشبه عيونها وهي ترسم الطريق للغائبين، أو في وجهها وهي تبكي، فتلك أول فرصة تعلمنا فيها كيف تتلى الصلاة.
كثيرًا ما كنت أسال نفسي عن فكرة الأنبياء وماذا لو كانت أمي نبية دون أن تدري؟ جل ما كنت أفكر فيه داخل دروس التربية الدينية كان يحملني نحوها، كبرت دون أن يتعدى ايماني حدود ذلك، كنت أقرأ الأساطير كثيرًا وتعجبني فكرة أن هناك آلهة من النساء، أمي ظلت ترفض معتقداتي تلك، خاصة عندما صارحتها عن ذلك، ربما كان انكارها سببًا كي لا يُكتشف أمرها فتصلب مرة أخرى، يداها أضعف من أن تحتمل أن يُدق فيها مسمارًا جديدًا.
للدكتور أحمد_الحرباوي