عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
5

المشاهدات
976
 
عبدالعزيز صلاح الظاهري
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


عبدالعزيز صلاح الظاهري is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
378

+التقييم
0.12

تاريخ التسجيل
Jun 2015

الاقامة

رقم العضوية
13953
02-25-2021, 10:39 PM
المشاركة 1
02-25-2021, 10:39 PM
المشاركة 1
افتراضي كلكوت و كالكوتا
بعد معاناة ووساطات من هنا وهناك حصلت على وظيفة براتب 3000 ريال ورغم ان هذا الراتب لا يعادل ربع ماكنت اتقاضاه من عملي السابق في شركة أعلنت فجأة وبدون مقدمات افلاسها الا أنى قبلت به خاصة بعد ان تأكد لي ان الأحوال لم تعد كما كانت
عملت لمدة ثلاثة أشهر في وظيفة لا اعلم ماهي متطلباتها اهي سائق ام مراسل او بواب وعندما احسست بالملل وشعرت انني لم اعد اتحمل أكثر من ذلك جاء الفرج، فذات صباح طلب مني مشرفي مقابلة صاحب الشركة والذي لم اره من يوم ان وطئت قدمي هذا المبنى
اتجهت الى مكتبه وفي خاطري يحوم خوف وامل فدخلت عليه متوترا فرأيت رجلا طويلا نحيفا بدى لي وكأنه واقف وهو جالس على كرسيه كانت النظرة المرتسمة على وجهه مزيج من الكبر والخبث
بادرته بسلام رفع عينيه الغائرتين من على شاشة الحاسوب وأجاب بدون ان ينظر الي: اجلس وانحنى واخذ يقلب أوراق امامه لدقائق ثم سألني بدون ان يرفع عينه قائلا:
حسب سيرتك الذاتية لديك خدمه سابقه في العقود
نعم
تجيد التحدث باللغة الإنجليزية
نعم
رفع راسه وزم شفتيه واخذ ينظر الي وكأنه يتفحصني وهو يداعب شعيرات ذقنه وبعد فترة صمت قال: نريد التعاقد مع مجموعة عمال هنود واريدك ان تسافر الى كليكوت ودفع الي بملف وتابع موضحا انه يشتمل على احتياجاتنا وبه رقم هاتف شودري الذي يتابع اعمالنا في الهند
ثم صاح بسكرتيره وبمجرد دخوله قال له اصرف له 4الاف دولار تحت الحساب -كمصاريف للرحلة – مفهوم ثم التفت الى وقال بتعالي : جهز نفسك واستقل اقرب طائرة و احضر معك فواتير توضح المصاريف هيا انصرفا
في تلك اللحظة هممت ان اقفز في الهواء لأصل الى وجهه القبيح واصفعه بالملف الذي بيدي .....
خرجت من عنده الى غرفة السكرتير الذي سلمني المبلغ واتجهت لأقرب وكالة سفريات وحجزت على أقرب رحله
وفي اليوم الموعود صعدت الطائرة والتي حلقت بي لمدة 9 ساعات وبمجرد وصولي استقليت سيارة أجرة صفراء الى أحد الفنادق بشارع سادر ستريت
وبجرد دخولي الغرفة اتصلت بشودري فأخبرته عن عنوان الفندق فقال باندهاش ماذا ؟!
شارع سادر ستريت كالكوتا ، نحن في كالكوت كيرلا ، بينما انت في كالكوتا وست البنغال ،اننا نبعد عنك 2300 كم
صرخت ماذا تقول: كلكوت ... كالكوتا
فقاطعني اسمع سأحاول ان احجز لك على أقرب رحلة
ضللت منتظرا اتصاله وبعد حوالي ساعة اتصل بي فأسرعت بالرد عليه فقال سيدي يؤسفني ان اخبرك ان أقرب طائرة وجدنا لك بها مقعد بعد ستة أيام
الا توجد وسيلة مواصلات أخرى للوصول اليكم
ضحك ساخرا وقال: طريقه أخرى في الهند، اننا هنا نحتاج من ساعة الى ساعة ونصف لقطع 16 كم
الحل
لا يوجد حل سوى الانتظار
لم أستطع الجلوس مكتوف اليدين هكذا، اخذت تكسي وزرت جميع مكاتب السفريات وعرضت المال وكانت الإجابة هي واحدة أقرب موعد لك هو الموعد الذي في يدك وان لم تأكده سيلغى تلقائيا
عدت الى الفندق منهكا وبمجرد جلوسي جاءني اتصال فرحت وإذا به اتصال من صاحب الشركة يصرخ ويردد كلاما قبيحا بقبح وجهه وانهاه قائلا: انت مفصول من العمل وسألزمك بدفع مبلغ ال 4000 دولار التي سلمتها اليك إضافة لغرامات أخرى بسبب اهمالك واقفل الخط
لحظتها وصل بي الغضب حده فلم أجد سوى هاتفي المحمول فرميته بجدار الغرفة ليتحول الى أشلاء ورميت بجسمي على السرير ثواني وإذا بي أغط في سبات عميق لم استيقظ الا بعد 16 ساعة على صدى صوت الضوضاء من أحد الميادين القريبة فقمت متثاقلا من فراشي واخذت دشا لمدة نصف ساعة وخرجت من غرفتي لتناول الطعام وانا في طريقي لاحد المطاعم لمحت مكتب سياحة وسفر فدخلت عليه وسائلته عن أقرب رحلة الى بلادي انها حالة طارئة
فقال مبشرا: هنالك رحلة بعد سته ساعات ولكن المشكلة هي ان الدرجة السياحية محجوزة بالكامل هنالك مقاعد بالدرجة الاولى، فطلبت منه ان يحجز لي مقعدا وحملت بطاقة صعود الطائرة واتجهت الى المطعم ثم الى الفندق وحملت حقيبتي واتجهت للمطار
صعدت الطائرة وان احمل هموم الدنيا على عاتقي، نيران مشتعلة عجزت الستة عشر ساعة من النوم ان تطفؤوها فبداخلي امل تحول الى سراب وغضب تغشاني يخنق انفاسي ،وضعت ظهري على المقعد واخذت نفسا عميقا واغمضت عيني محاولا الاسترخاء والنسيان
فجأة اهتز مقعدي فالتفت لا اراديا فاذا انا وجه لوجه مع رجل هندي في الخمسين من عمره غزا الشعر وجهه ورقبته ويديه واصابعه، كان يرتدي بدله كحلية انيقة ثنائية الازرار تدلى من عنقه سلسلة ثقيلة من الذهب ويحيط معصميه اسورتين وتزين أصابعه خواتم ذهبية كبيرة الحجم توجت بأحجار كريمة وكانت عيني هذا الهندي الصغيرتين واللتان خرجتا من ظلمة الوجه تعبران عن الثقة، الذكاء وطيبة صاحبها
ابتسم واخذ يتحدث معي بالهندي فقاطعته قائلا: انا لا أتكلم الهندية
اتسعت ابتسامته وقال: اعلم ذلك لكن في الهند من الحكمة الا تسال أحد عن جنسيته دينه او حتى لغته فكما تعلم ان الهند قارة فيها جميع اجناس البشر فهنالك الاري، المغولي، السامي والزنجي ولن أتكلم عن الأديان او العادات والتقاليد فهي بلد مليئة بالعُقد، أهلها يحبون البهرجة والبهارات انها ارض العجائب والغرائب
على كل حال هل كانت زيارتك من اجل السياحة او العمل ؟
فقلت كاذبا: سياحة
فاخذ يسألني عن الأماكن التي زرتها في تلك اللحظة شعرت انني بحاجة لأتكلم لشخص ما فأمامي تسع ساعات طيران وانا اشعر بالاختناق كنت في حاجة لفعل ذلك .....
فقاطعته واخبرته عن قصتي خطوة بخطوة لم اترك منها فقرة واحدة وهو ينصت الي بأدب وبابتسامة حنونة
وبمجرد انتهائي اخذ يضحك حتى خفت ان يحصل له شيء وبعد انتهائه اخذ يمسح دموعه ثم وضع يده حول كتفي وقال: يا صديقي اعتبر مشكلتك محلوله والفعل يسبق الكلام وانحنى الى حقيبته ووضعها على فخذيه وفتحها واخرج منها مبلغ 10000 دولار وسلمها الي وقال: هذا راتب مقدم، ثم اخرج 4000 دولار وهذا المبلغ المستحق سداده
ثم اعتدل وتابع حديثه: انني رجل اعمال واسمي أبهارا، لدي شركات في جميع قارات العالم وانا في حاجة لرجل يمثلني في الشرق الأوسط واعتقد ان القدر ارسلك الي
اوه نسيت أبهارا تعني يا صديقي: السحاب
من يومها أصبحت وكيل اعمال وصديق مخلص لذلك الهندي ولم اعد مبلغ ال4000 دولار ولم تكن لديه النية أساسا لفعل ذلك
وفي أحد الأيام اخبرت صديقي الهندي بذلك فضحك وقال: انسي الامر فامر ذلك الرجل انتهى بلا عوده
فقلت متعجبا: ماذا تقصد
فقال: الم تقل لي انه طويل ؟!
نعم
اولست انا السحابة التي تحمل فوق ظهرها الصواعق والمطر؟!
نعم
فضحك وقال: لا بد ان صاعقة اهلكته منذ زمن
في حقيقة الامر لم افهم ما كان يعنيه حتى ذلك اليوم الذي صادفت أحد زملائي في تلك الشركة وسألته عن أحوال زملائي وعن صاحب الشركة
فقال لي: بالنسبة لزملائك هم بخير وعافية اما بالنسبة لصاحب الشركة مات موته غريبة منذ زمن مات بسبب صاعقه!
كم كانت اجابته مرعبة وصادمة لي ورغم ذلك ما زلت أحب ذلك الهندي لأنني اعرف السبب واخاف منه لسبب أجهله!



التعديل الأخير تم بواسطة ياسَمِين الْحُمود ; 02-26-2021 الساعة 01:49 AM