عرض مشاركة واحدة
قديم 05-23-2012, 11:35 AM
المشاركة 653
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
86- ايام الرماد محمد عز الدين التازي المغرب
أيام الرماد


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1992. "خرجت من الوقت وسافرت. طائر الرخ يرى كل سفره قبل أن يتجه نحو أي مكان. من الطريق يخرج إلى الطريق. المسافة تعقبها المسافة. وهذه هي الأرض والسماء وهذا هو جنان يلتوي هابطا بين المنخفضات، والسفر لا أراضيُّ ولا سماويّ. لا حدود ولا موانئ. لا حراس ولا قراصنة ولا لصوص، ويمكن لطائر الرخ أن يختلق كل تلك الأشياء إذا ما أراد فيدخل أحد الموانئ ويركب البحر أو يدخل أحد المطارات ويركب السماء أو يخرج من أرض إلى أرض ومن حدود إلى حدود وهو يركب الأرض. لم يكن يسري أو يزحف أو يمشي أو يطير. الحركة كائنة وهو لا يدخل ميناء أو مطارا ولا يعبر الحدود، وكأنه يبقى في مكانه وهو يتحرك. يتحدد المكان الذي يريد الوصول إليه بشجرة ضخمة متفرعة العروش وهي تنمو وحدها في العراء. شجرة سبق لطائر الرخ أن رآها في المنام أو التقط حولها بعض الوصف من حكاية أمه عن سيدنا الخضر، أو هي تلك الشجرة التي يوجد فيها الوكر. يغشى عينيه نور الشمس دون أن يرى الشمس في إحدى جهات السماء الواسعة. ولسوف ينقر زجاج النافذة بمنقاره الحاد. والنقرة الواحدة يمكن أن تكسر الزجاج فيتسلل طائر الرخ إلى المكتب ويفتح الدرج بالمفتاح الذي انتشله من جيب البذلة العسكرية المعلقة على المشجب، ويعيد جناحيه المفقودين إلى مكانيهما. كل شيء جاهز لهذا السفر البعيد، حيث سيطوف طائر الرخ بالجبال السبع سبع طوفات، ويبلل جناحيه من مياه سبعة أنهار وينقر سبع حبات من ثمار تشبه ثمار الجوز الهندي، ثم يطير مسافة سبعة فراسخ في اتجاه واحد دون أن يميل يمينا أو يسارا. يتذكر أن في جيبه كل ما يملك: القرطاس والقصبة المشحوذة الرأس ودواة الصمغ وبعض أوراق العملة الأجنبية التي تم تحويلها بمساعدة الرمضاني عند أحد التجار العملة. وكأنه طائر وسط ماء، فقد كان يرى في سمائه الأسماك والحيتان وأحراج القيعان البحرية. الأوراق لا تبتل. الماء في العينين. في جيب سروال القطيفة الأزرق مفتاح، وفي تلك الطريق المائية السماوية السالكة نحو الشجرة الضخمة المتعرشة الأغصان تفحص طائر الرخ ما في جيوبه مخافة أن يخضع للتفتيش من قبل حراس عتاة أشداء، فوجد المفتاح، وأخذ يفكر فيما سوف يفتح بهذا المفتاح، باب الدار أو خزانة الحي الجامعي؟ هل هو مفتاح الصندوق الذي تركه الوالد؟ هل هو مفتاح درج مكتب القائد؟ مفتاح باب غرفة الفندق؟ حاول طائر الرخ أن يتذكر عدد المرات التي فتح فيها بابا أو أغلق بابا فلم يتذكر. ثم تذكر المرات التي أغلقت دونه فيها بعض الأبواب. وبعدها ظهرت له الأبواب". يقول عنها الباحث حسن سرحان: "يتحقق "تقعير الشفرة" في رواية "أيام الرماد" من خلال مجموعة من الملفوظات الميطاسردية المنتشرة في طولية النص. وتتحدد الوظيفة المركزية لهذه الملفوظات في تلك القراءة الخاصة والنوعية التي تقدمها الشخصية- المؤلف (حامد العسلي) للرواية. فحامد العسلي يضطلع بعدة أدوار في هذا النص. فهو شخصية وسارد ومؤلف وقارئ في الوقت نفسه: هو شخصية باعتباره مشاركة في أحداث الحكاية، وسارد باعتباره يؤدي الوظيفة السردية والتنظيمية للمحكي، ومؤلف لأنه يحكي "سيرة" روايته، وقارئ لأنه يمارس الوظيفة التأويلية التي تتمثل في تعليقاته وتنظيراته لسيرة الرواية: روايته. تتكون رواية "أيام الرماد" من ثلاثة أجزاء موزعة في الشكل التالي: الجزء الأول (من ص:9 إلى ص : 64). غير معنون. الجزء الثاني (من ص:65 إلى ص: 105). يحمل عنوان: (أغوتني الرواية، الرواية غواية). الجزء الثالث (من ص: 107 إلى ص: 304). يحمل عنوان: نوار الدفلى في العينين العوسج البنفسج. ويضم كل جزء مقطعا أو مقاطع ميطاسردية بصوت الشخصية- المؤلف (حامد العسلي) أو إحدى الشخصيات، تعكس طرائق اشتغال العناصر التركيبية المكونة للنص الروائي. وتخضع هذه المقاطع الميطاسردية لتوزيع خاص يتحقق في أربعة أشكال: - الأول يرد فيه المقطع موضوعا ين قوسين، ويملأ حيزا خاصا، أي يكون عبارة عن مقطع كامل يفصله عن باقي المقاطع بياض. - والثاني يرد فيه هذا المقطع موضوعا بين قوسين، لكنه لا يشغل حيزا خاصا بل يدمج في سياق المقاطع السردية التي تضطلع بدور نقل أحداث العالم السردي. - والثالث يتلخص فيه من القوسين ويشغل حيزا خاصا. - والرابع يتلخص فيه من القوسين ويدمج في سياق المقاطع السردية الأخرى. انطلاقا من التوزيع السابق، تصبح هذه المقاطع الميطا سردية مرايا داخلية تعكس إستراتيجية الكتابة الروائية كما يتصورها مؤلفها التخييلي (حامد العسلي). أي تعكس شفرة النص الروائي. ودون تحديد وضبط هذه الشفرة، لا يمكن تقديم قراءة ملائمة ومنسجمة للنص. فحامد العسلي يكتب الرواية وينظر لها في الوقت نفسه. ويتحقق هذا بطريقة لا تفصل بين النظرية والتطبيق. فهو ينظر لرواية يكتبها هنا والآن. وهذا الشكل في الكتابة الروائية يتجاوز فنيا ونظريا ما يسمى "الرواية داخل الرواية"، لأن الأمر لا يتعلق برواية- إطار تضم روايات تخييلية، بل برواية يكتبها "مؤلفها" ويحدد لها إطارها النظري الذي "يجب" أن تقرأ في ضوئه.".





http://www.mohamedazeddinetazi.com/std3.pdf