عرض مشاركة واحدة
قديم 01-25-2012, 03:06 PM
المشاركة 1108
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
غاندي
القائد الذي تمكن من تحويل الطاقات الذهنية إلى سلاح خارق حارق متفجر.

يعتقد البعض خطأ أن غاندي هو صناعة انجليزية لإغراض محاربة أعداء بريطانيا بأيدي هندوسية وبهدف فرض السيطرة على القارة الهندية. ويستغرب كثيرون ويحتارون في كيف تمكن هذا الرجل العظيم من هزيمة بريطانيا العظمى واجبرها على منح الاستقلال للهند من خلال أسلوبه الفريد بالمقاومة السلبية واللاعنف.

ولكن المحلل لسيرة حياة هذا الرجل الأسطوري يعرف بأن دماغه كان يعمل بطاقة البوزيترون، الذي تدفق في ثنايا دماغه كنتيجة ليتمه المبكر. فالمعروف ان غاتدي ولد في عام 1869، وفقد الأب قبل أن ينهي المدرسة الثانوية.

ولا شك أن ليتمه المبكر هذا كان أعظم الأثر على شخصيته، وتدفق طاقت عقله التي جعلت منه عظيما أسطوريا.

وعلى الرغم انه تم تزويجه وهو في سن الثالثة عشره من طفله اصغر منه سنا لكنه وفي سن السابعة عشرة كان يعيش في عزلة عن العالم كما تذكر سيرته الذاتية. ولكن موت الأب وتلك العزلة لم تكن نهاية المآسي عنده، فقد سافر وهو في مقتبل العمر بعيدا عن الهند إلى بريطانيا عام 1882 لدراسة القانون، وعاش في الشهور الأولى من إقامته في لندن في حال من عدم التوازن. ثم عاد غاندي إلى الهند في تموز عام 1890، ( وهو في سن 21 ) بعد حصوله على الإجازة الجامعية التي تخوله ممارسة مهنة المحاماة، إلا أنه واجه مصاعب كثيرة، بدأت بفقدانه والدته التي غيبها الموت، واكتشافه أن المحاماة ليست طريقاً مضمونةً للنجاح.

ولا شك أن غربته ثم موت أمه إضافة إلي فقده للأب في سن مبكر قد ضاعف تدفق الطاقات البوزيترونية في دماغه وجعله إنسانا فذا فريدا في قدراته العقلية وشخصيته القيادية. ونجد أنه قد واجه في الهند بعد عودته مصاعب جمة مثل عجزه عن الحصول على عمل مناسب فعمل كاتبا للعرائض لعدة سنوات، واضطر بعدها للسفر إلى جنوب إفريقيا للعمل هناك.

وفي جنوب إفريقيا برزت صفاته وسماته القيادية فبدأ كفاحه السلمي في مواجهة تحديات التفرقة العنصرية والظلم. وكان غاندي في الرابعة والعشرين من عمره عندما هبط في جنوب إفريقيا، ووجد ان جحيم الشقاء في جنوب إفريقيا أعظم من جحيم الشقاء في الهند. فقد كان الألوف من العمال الهنود يعانون من الظلم والاضطهاد، ويخضعون لقانون التمييز العنصري، الذي لم ينجو منها غاندي نفسه، فهو، مثلا ، لم يجد فندقاً يقبله لأنه ملون، كما أمره المفتش في القطار بمغادرة حافلة الدرجة الأولى على الرغم من دفعه ثمن البطاقة كاملاً، وكما تعرض لموقف مشابه عندما طلب منه القاضي الإنكليزي أثناء المحاكمة نزع عمامته واصفاً إياه بالآسيوي والتي كانت في نظر الأوروبيين والإنكليز تعني (المحتقر). وكيفما توجه كان يقابل بالازدراء فقرر أن يطلق الصبر وأن يبادر إلى النضال دفاعا عن حقوق الفرد وكرامة الإنسان.

ولا غرابة إذا أن نجد غاندي الذي اكتوى بنار اليتم والغبرة والحرمان أن يتحول إلى قائد عظيم تفجرت في ذهنه طاقات البوزيترون مثله مثل كل القائدة الأفذاذ الذين تفجرت في أذهانهم طاقات لا محدودة فجعلتهم قادة أفذاذ يمتلكون كرزما طاغية وسحرية قادرة على تحشيد الجماهير.

ولا غرابة أن نجد هذا الرجل حامل شهادة القانون، وخريج الجامعات البريطانية، أن ينهض للدفاع عن أبناء جلدته، وأن يبدأ نجمه يلمع، وان يبدأ العنصريون يحسبون له ألف حساب بعد أن قام بدعوة الهنود في جنوب أفريقيا إلى الاتحاد والتضامن لمقاومة كل ظلم يلحق بهم.

ويبدو أن غاندي مثله مثل كل قائد كرزمي فذ نجح في تسخير قواه الذهنية البوزيترونية المتفجرة في التوعية والإرشاد المنظم والقيادة الفذة، فألتفت الجماهير الهندية في جنوب إفريقيا حوله، وقد تسبب له هذا النشاط في أن يودع السجن هو وزوجته ثم ليعيش حياة تقشف وزهد.

ولكن نضاله في جنوب إفريقيا لا يعادل شيئا إذا ما قورن بالنضال الذي قاده هذا القائد الكرزمي الفذ في شبه الجزيرة الهندية التي عاد إليها في عام 1915 .

فهناك بادر إلى تحريض الشعب على الثورة ضد الإقطاعيين، فأعلن الفلاحون العصيان المدني، فما كان من المدعي العام الهندي إلا أن يأمر بسجنه، ولكن أطلق سراحه تفاديا للفتنة وردة الفعل الجماهيرية، فعاد إلى نشاطه مجدداً.

ثم باشر غاندي وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى نضاله ضد الاستعمار البريطاني، واعتمد لذلك أسلوب فريد من بنات أفكاره وهو أسلوب لم يسبقه له احد يقوم على مبدأ (المقاومة السلبية ) حيث اعتبر هذا النهج انتصارا للحقيقة بقوة الروح والمحبة.

وكان مبدأ اللاعنف وسيلته لبلوغ الاستقلال. وقد طور غاندي نهجه بالمقاومة السلمية ليصبح نهجا كاملا، ومدرسة، و وسيلة فريدة ومتميزة من وسائل المقاومة، على الرغم من الرد العنيف للقوة الاستعمارية حيث قتلت وسجنت، لكن غاندي حافظ على أسلوبه النضالي السلمي وكان دائما يدفع الناس إلى التهدئة والصبر.

لكن الصبر كان مفتاح النضال عنده فقط، فما لبث غاندي أن حث الناس على عدم التعاون وأعلن خطة اللاتعاون مع الإنكليز حتى يرضخوا ويعيدوا إلى الهند حقها واستقلالها، وقد شملت هذه الخطة دون حصر على: التخلي عن الألقاب ورتب الشرف، رفض شراء سندات القروض التي تعقدها الحكومة، إضراب المحاكم ورجال القانون عن العمل، فصل الخصومات بالتحكيم الأهلي، و رفض المناصب المدنية والعسكرية، مقاطعة مدارس الحكومة والوظائف على اختلاف مراتبها، والعمل على الاستقلال الاقتصادي عن الانجليز.

وقد استجاب له الناس وتعاونوا معه..وقد تنقل هذا القائد العظيم بين المناطق وحمل المغزل لينسج القطن الذي كان يباع بابخس الأثمان للانجليز، وذلك ضمن حربه الاقتصادية التي أعلنها لإجبار الاحتلال على منح الهند الاستقلال. كما انتشرت هذه الفكرة بسرعة مذهلة فراح مئات الألوف من السكان يحرقون الأقمشة الإنكليزية ويعتبرونها رمزاً للعبودية والاستعمار.


ثم طور غاندي منهجه المقاوم، فتبنى العصيان المدني، وطالب في تلك الأثناء بإعادة الاعتبار للمنبوذين الذين لا يقل عددهم عن الستين مليون نسمة فلقي منهم تجاوباً عظيماً وخصوصاً لما أعلن أمام الجماهير قائلاً : خير لي أن أقطع إرباً من أن أنكر إخواني من الطبقات المدحورة وإذا قدر لي أن أبعث حياً بعد موتي فأقصى مناي أن أكون من هؤلاء (المنبوذين ) لأشاطرهم ما يتلقون من إهانات وأعمل على إنقاذهم.

كما رأى المرأة مظلومة متأخرة فطالب بمساواتها مع الرجل وحثها على الكفاح للحصول على حقوقها كاملة.

وعلى الرغم من الدماء التي سفكت من قبل الانجليز في العام 1921 فقد استمر غاندي في دعوته إلى اللاعنف والنضال السلمي، كما أعلن تضامنه التام مع المسلمين كرد على محاولات الانجليز التفريق الطائفي بين طوائف الشعب الواحد.

لتلك الأسباب قامت القوة الاستعمارية بإلقاء القبض من جديد على غاندي بتهمة التحريض على حكومة صاحب الجلالة، وبهدف سحق حركة التحرير في الهند، وحكم عليه هذه المرة بالسجن لمدة ثلاث أعوام. ولما دخل السجن اشتدت المقاومة وغمرت الهند نقمة عارمة على الإنكليز وازداد المناضلون إقداماً وتأثر الرأي العام العالمي وبدأت المطالبة في الدول الأوروبية بإرغام بريطانيا على إنصاف المظلومين واحترام حقوق الأمة الهندية.

أمضى غاندي عامين في السجن، وتم إخراجه منه نتيجة سوء حالته الصحية. وفي عام 1924 في الرابع من شباط وعند خروجه اعتزل غاندي النشاط السياسي، واعتكف مؤقتاً ليستعيد صحته المتداعية. وعند عودته إلى العمل السياسي أعلن المبادئ التالية في تطوير لمنهجه السلمي المقاوم: اتحاد الطوائف هو السبيل الوحيد إلى الاستقلال، المنبوذون مواطنون، لا تعاون مع السلطة الإنكليزية المستعمرة، إتباع اللاعنف قولاً وفعلاً، مكافحة المظالم وإنصاف العمال والفلاحين.

واتخذ غاندي في العام 1930 خطوة عملية بالغة الأهمية حيث قاد ما يعرف بمسيرة الملح والتي استغرقت 24 يوم، وكانت تهدف إلى تحدي احتكار الحكومة الإنكليزية لاستخراج الملح والذي كان الهنود يستهلكونه بكميات كبيرة.

وبعد النصر الذي حققه من خلال هذه المسيرة انتقل غاندي في العام 1932 لمعالجة مشاكل المنبوذين وانتصر من جديد على السياسة البريطانية العنصرية ضد هذه الطبقة من خلال صيام كاد يؤدي بحياته.

واستمر في النضال وتوحيد الصفوف وتنمية الإدراك في عقول الجماهير والدعوة للاعتصام حتى استطاعت الهند انتزاع استقلالها في 15 آب 1948 حيث أعلنت بريطانيا الجلاء في حزيران عام 1948 .

وقد توفي غاندي ابو منهج المقاومة السلمية في 30 كانون الثاني من عام 1948 بعد إطلاق النار عليه من قبل أحد المتطرفين الهندوس الذين اعتبروه متساهلاً أكثر مما تسمح به مصلحة الهند.

وخلاصة القول،،،

لقد تمكن هذا القائد الأسطوري وباستخدام نهج المقاومة السلمية من هزيمة أعظم إمبراطورية في التاريخ، تلك هي الإمبراطورية البريطانية والتي كانت الشمس لا تغييب عنها وعن أملاكها ومستعمراتها.

ولا شك أن نجاحه المدوي والأسطوري ذلك هو الذي أدى في النهاية إلى إجبار بريطانيا التخلي عن استعمار شبه القارة الهندية، وهو خير مؤشر على مدى القوة التي كان يتمتع بها ذلك القائد الفذ الأسطوري.

تلك القوة التي أتقن استخدامها وتسخيرها ضمن آليات ذكية، فتسببت في إيقاع أعظم الضرر لبريطانيا الاستعمارية، فكان الهروب والخروج من ذلك المستنقع هو السبيل الوحيد أمامها.

لقد تمكن هذا القائد الفذ من تحويل طاقات ذهنه البوزيترونية إلى سلاح خارق حارق متفجر، فتسبب في إيقاع اشد الضرر في جسد القوة الاستعمارية الغاشمة. وفي ذلك ما يشير إلى أن نهج المقاومة السلمية لم يكن دليل ضعف، بل العكس تماما، خاصة عندما يلاحظ المحلل والدارس بأن هذا النهج لم يكن عشوائيا بل كان نهجا متكاملا، يقوم على أسس مدروسة ومنظمة ومخطط لها.

فأولا نجده قد تعلم القانون في بلاد الاستعمار. ولم يتردد عندما لم يجد عملا مناسبا أن يعمل في مهنة كاتب عرائض أمام المحاكم على الرغم من تأهيله الجامعي. ونجده قد قابل الازدراء والاحتقار الذي تعرض له بالصبر أولا، ثم طلق الصبر ليبادر إلى رفع الصوت دفاعا عن حقه وحقوق الفرد وكرامة الإنسان. وقد سعى لذلك بعدة طرق من بينها استثمار وسائل الأعلام الجماهيرية. وقد استثمر كافة الوسائل لدعوة أبناء جلدته إلى الاتحاد والتضامن لمقاومة كل ظلم.
ثم نجده قد نجح في دوره الإرشادي، واستمر في توعية الجماهير بحقوقهم. واستمر في نضاله حتى بعد أن أودع السجن كعقاب له على نشاطه الجماهيري التحريضي والتثقيفي. كل ذلك حينما كان يعيش بين أبناء جلدته في جنوب إفريقيا. ولما عاد إلى الهند قام أولا على دراسة الواقع الاجتماعي في بلده الذي غاب عنه لسنوات. وبادر إلى تحريض الشعب أولا على الثورة ضد الإقطاعيين.

وعلى الرغم من المصاعب وردود الفعل العنيفة للقوة الاستعمارية نجده قد حافظ على أسلوبه في النضال السلمي، وكان دائما يدفع الناس إلى التهدئة والصبر. ثم ما لبث أن حث الجماهير على عدم التعاون مع الاستعمار بكافة أشكاله. ثم اخذ يتنقل بين الجماهير ويعمل معهم بيديه في صناعة الغزل من اجل استثمار المواد القطنية الخام التي كانت تباع بابخس الأثمان للدولة المستعمرة وكان بذلك يقود بنفسه حربا اقتصادية شرسة ومكلفة للمحتل.

ولكنه لم يتوقف هناك فقد دعا إلى العصيان المدني، وسعى إلى إعادة الاعتبار إلى الشرائح المهمة من المجتمع وعلى رأسهم شريحة المنبوذين وهي شريحة ضخمة تجاوز عددها الستون مليونا. كما انه كان واعيا لدور المرأة في المجتمع وسعى إلى تحريرها من الظلم وطالب بمساواتها مع الرجل وحثها على الكفاح للحصول على حقوقها كاملة.

وعلى الرغم أن العنف استمر ضده وضد الجماهير التي التفت حوله، لكنه استمر في التمسك بنهجه السلمي، ولم يغير إستراتيجيته في الكفاح. وقد سعى إلى بث روح التضامن بين الطوائف المتعددة التي ظل الاستعمار يحاول تفريقها وتشتيت طاقاتها ودفعها إلى التقاتل فيما بينها. وحينما أودع السجن من جديد اشتدت المقاومة وازداد المناضلون إقداما.

وبعد أن أمضى عامان في السجن عاد للعمل السياسي بعد اعتكاف قصير، وأعلن عدة مبادئ طور فيها منهجه السلمي المقاوم. ومن ذلك تأكيده على وحدة الطوائف واعتبر أن ذلك هو السبيل الوحيد إلى الاستقلال. كما أكد على مساواة الطبقات المهشمة ببقية أفراد الأمة. وأكد على مبدأ عدم التعاون مع السلطة المستعمرة، وضرورة إتباع مبدأ اللاعنف قولا وفعلا، وأخيرا أكد على مكافحة المظالم وإنصاف العمال والفلاحين.

ولم يتوقف هناك فقد قام لاحقا بخطوة عملية بالغة الأهمية، حيث قاد شخصيا مسيرة جماهيرية ضخمة عرفت بمسيرة الملح استغرقت 24 يوما، وكانت تهدف إلى تحدي احتكار الحكومة الانجليزية لاستخراج الملح، والذي كان الهنود يستهلكونه بكميات كبيرة.

ولقد اثبت ذلك النهج المقاوم جدواه في آخر الأمر، فأصبح التواجد البريطاني مكلفا جدا، فانسحبت بريطانيا، وتحررت الهند ونالت الاستقلال.

كل ذلك بفضل هذا القائد الكرزمي، الأسطوري، الفذ، الذي عمل دماغه بطاقة البوزيترون فطور نهجا سلميا مقاوما حقق نتائج اعجازيه مذهله.

ولا عجب إذا أن يكون غاندي من الزعماء القلائل الذين ينالون شهرة واسعة في هذا العصر. وان يلقب ببطل المقاومة السلمية، وأن يطلق عليه اسم ( المهاتما ) أي الرجل العظيم لأنه قاد الملايين على طريق الحرية بقوته ذهنه البوزيترونية التي أدهشت وما تزال تدهش العالم.

ومن الطبيعي أن يظل غاندي ملهما للكثيرين من الناس لمئات السنوات القادمة ، وان يلقب بابو الأمة الهندية .

وما كان لـ غاندي أن ينجح في مسعاه ويحقق أغراضه من خلال نهجه السلمي المقاوم والذي اتخذ عدة أشكال منها الصيام والمقاطعة والاعتصام والعصيان المدني والقبول بالسجن وعدم الخوف من أن تقود هذه الأساليب حتى النهاية إلى الموت... لولا انه كان قائدا أسطوريا، كرزميا فذا.

وما كان لمنهج اللاعنف أن يكون كما كان يقول عنه غاندي نفسه" إن اللاعنف هو أعظم قوة متوفرة للبشرية..إنها أقوي من أقوي سلاح دمار صنعته براعة الإنسان" لولا أن دماغ غاندي عمل بطاقة البوزيترون.

وما كان دماغه ليعمل بتلك الطاقة اللامحدودة والاعظم، والاشد فتكا... لولا انه كان يتيما.