عرض مشاركة واحدة
قديم 12-18-2010, 10:03 PM
المشاركة 3
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الغراب (ج 2) والأخير



لكنّ الغرابُ ما يزالُ يُحيلُ روحي الحزينة إلى ابتسامة


سُرعان ما اتخذتُ مقعداً وثيراً أمام طيْر، وتمثالٍ وباب


عندَها، وبغرقٍ مخمليّ، ذهبتُ بنفسي لأختَلي


رؤياً بعد رؤيا، أتخيّلُ ما هذا الطّائرُ المشؤوم الأخير!


ما هذا الطائر العابس الأخرق، الرّهيب، الهزيل، والمشؤوم الأخير


الذي يقصدُ بالنّقيق "أبداً، ليس بعد ذلك".


هذا أجلسَني فأختلجَ فِيّ التّفكير، لكن بلا كلمة أو تعبير


إلى الطائر الذي احترقَت عيناه المُشتعلتين الآن في صميم قلبي


هذا والمَزيد فجلستُ أُخمّن، ورأسي في رغَدٍ يُطمئِن


على مخملٍ يُبطّن وسادةً، ذلكَ الذي ينسّابُ عليه ضوءُ المصباح


لكِن لمَن بنفسجُ المخمل يبطَّن فيَنسابُ معهُ ضوءُ المِصباح


لسوفَ ينضغطُ، آه، أبداً، ليس بعد ذلك


عندَها، فكّرت، الهواءُ يزدادُ كثافة


مُعطرٌ من مبخرة في الخفاوة


مأرجَحٌ من قبل سيرافيم


التي رنَّ وقْعُ قدمِها على الأرض المُظفّرة


"صعلوكٌ،" أنتحِبُ، " الله أعاركَ هذا


بهذه الملائكة منحَ الراحة


راحةٌ وشرابُ سلوان لذكريات لينور


تجرّع، آه تجرّع هذا الشراب اللطيف


وانسى تلكَ المفقودة لينور"!


كرعَ الغُرابُ "أبداً، ليس بعد ذلك".


"نبيّ!" قلتُ،


" شيءٌ خسيس، ونبيّ حبيس


يكونُ طائراً أو إبليس!


هل كانت عاصفةً أرسلتكَ


أم كانت عاصفةً قذَفت بك هنا الى الشاطئ!


مهجورٌ لكنك دائماً تُقدِم


في هذهِ التربة المُقفرة تُفتن


في هذا البيْت بالترويع تسكُن


اخبرني بصدقٍ، انني أتضرّّع


هل ثمّةَ .. هل ثمّة من بَيلسان في أرض الميعاد!


أخبرني..أخبرني، إنّني أتضرّع"!


كرعَ الغُرابُ "أبداً، ليس بعد ذلك".


"نبيّ!" قلتُ، " شيءٌ خسيس! ونبيّ حبيس


يكونُ طائراً أو إبليس!


بحقّ الجنّةِ التي تنحني من فوقِنا


بحقّ ذاك الإله الذي يحبّه كلانا


أخبر هذه الروح التي بوجعها تحتمِل هل من نعيم مُحتمَل!


هل سيكونُ لها أن تعانقَ البتولَ الطاهرة التي يسمّونها الملائكةُ لينور


تعانق البتول النادرة المُتألّقة النّادرة التي يسمّونها الملائكةُ لينور".


كرعَ الغُرابُ "أبداً، ليس بعد ذلك".


"كُن تلك الكلمة إيذانُ فراقنا، أيّها الطائر أم الشيطان!"


زعقتُ، مُتهيّجاً "فلتعُد حيثُ العاصفة أو شاطئ الليل البلوتوني!


لا تترُك ولا ريشةٍ سوداء كتذكار لتلك الكذبة التي لفظتها مُهجتي!


أتركني فلا تكسر وحدتي


غادِر التمثال فوق بابي


ولتنزع المنقار خارج قلبي، وتنزع الهيكل بعيداً عن بابي"!


كرعَ الغُرابُ "أبداً، ليس بعد ذلك".


والغُراب، فلا ينتقِل، يبقى يستقرّ


يبقى يستقرّ


على تمثال بالاس الشاحِب تماماً فوق باب حجرتي


وعيناهُ تتهيّء كشيطانٍ يتطيّر


وضوء المَصباح فيهِ يتدفّق


ليُلقي بظلٍّ له على الأرضية


وروحي من خارج ذاكَ الظلّ الذي يمتدّ مُرفرفاً على الأرضية


فلا يبقى إلا!


أبداً، ليس بعد ذلك





ترجمة: شريف بُقنه الشّهراني

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)