يقول العالِم الأثري المَعرفي” فريد كوليدج” Frederick Coolidge:
” ذات ليلة أنسكب على الأريكة في غرفة المعيشة نبيذ أحمر, وكانت مُغطّاة بشال هندي, وفي اليوم التالي رفعت الشال, ففوجئت برؤية وجه ” لوسي أسترالوبيثكس أفارانسيس” وهو سلفنا البعيد الأكثر شهرة، الذي يعود إلى حوالي 3.2 مليون سنة مضت, وبما أنني عالم آثار معرفي، أي شخص يطبق النماذج المعرفية والنفسية على التحف الأثرية والأنثروبولوجيا, كنت أعرف أن هذا الميل إلى أن يدرك جميع البشر وجهًا أو نمطًا لا يوجد في الواقع فيه, هو ما يسمى بـ “الباريدوليا”, جزء من الظاهرة النفسية للباريدوليا يشبه اختبار الحبر, حيث يُشكّل الفرد دون وعي موضوع مِن مشاعره, حتى أنه يُطلق عليه” الباريدوليا المُوَجّهة”, لأنها تتشكّل حسب مشاعره ورغباته, وبالتالي، لم يكن مفاجئًا أن أرى على الفور جمجمة لوسي.”.
الأساس العصبي للباريدوليا يكمن في المقام الأول في منطقة من الفص الصدغي للدماغ تسمى التلفيف المغزلي، حيث البشر والحيوانات الأخرى (القردة العليا الحديثة في المقام الأول) لديهم الخلايا العصبية المخصصة للاعتراف بالوجوه والأشياء الأخرى.
باريدوليا.. ظاهرةنفسية تجعلك تتوهم رؤية اشكال ذات نمط مألوف
يحدث في كثير من أحيان أن نُشاهد أشياء وتتهيأ لنا كأنها هياكل أو أشكال أخرى، فمن منا لا تتهيأ في عينه أشكال حيوانات ووجوه مخيفة رغم عادية الشيء الناظر إليه والذي قد يكون أحد الحقائب مثلا. هذه الحالة لم تقتصر عليك فقط، بل أنها ظاهرة نفسية تُسمى ظاهرة باريدوليا.
ما هي ظاهرة باريدوليا ؟
هي ظاهرة نفسية يستجيب فيها العقل لمحفز عشوائي، عادة ما يكون صورة أو صوت، بإدراك نمط مألوف بالرغم من أنه لا يوجد أي شيء. مثل تخيل صور للحيوانات في السحاب ، رؤية وجه رجل في سطح القمر، أو سماع أصوات خفية في التسجيلات عند تشغيلها عكسيا.
تعد سلسلة الأبحاث التي نشرها العالم الياباني كونوسوكي أوكامورا بداية من عام 1977 لعام 1980 و التي حصل على جائزة اكنوبل وهي المقابل الساخر لجائزة نوبل. تعد هذه الأبحاث مثال على ظاهرة البارادوليا حيث وصف في أبحاثه نظرية أن الإنسان لم يتغير خلال العصور القديمة الا في الحجم حيث ازدادت أحجامنا من 3.5 ملم إلى 1700 ملم بناء على الأشكال التي رآها في أحجار الجير من العصر السيلوري و التي ادعي انها أشخاص دقيقة.
فائدة هذه الظاهرة في التشخيص:
Pareidolia بجانب أنها ظاهرة نفسية فهي مفيدة إلى حد ما بالنسبة للطبيب في استراتيجيات التشخيص, الأشعة هي واحدة من الدورات التدريبية الهامة لكثير من الطلاب ، وخاصة طلاب الطب وبسبب أن الدماغ والرقبة والعمود الفقري العنقي أمر حاسم للتعلم, والنتائج النسيجية في هذه المنطقة متشابهة جدا ، لذلك ، فإن نظام التشخيص مع معايير محددة لكل نوع من العلامات المرضية أمر ضروري للتعلم والتدريب, والباريدوليا واحدة مِن الإستراتيجيات الرئيسية في تشخيص الأمراض المختلفة, بالتشبيه لكائن أو حيوان أو أي شيء ملموس.
ولأخصائي الأشعة والأعصاب بالإضافة إلى وجود المعرفة الصحيحة من المعلومات النظرية والأكاديمية يجب أن يكونوا فنانًين ليكونوا قادرين على تشخيص أمراض الدماغ والرقبة والعمود الفقري العنقي, وPareidolia هي طريقة مفيدة للتعرف على الأنماط السريرية والإشعاعية التي تساعد في الحفظ وتحسين مهارات التشخيص العامة. ولذلك ، فإن الغرض الرئيسي من الباريدوليا في التصوير الشعاعي والتصوير الطبي هو تأسيس علامة تشخيصية شاملة لتمييز الأمراض بشكل أسرع وأكثر صحة خاصة الدماغ والعنق والعمود الفقري العنقي.
مهما كنت تفعل ، يمكنك تجربة الباريدوليا, لا تدعها تصدمك, وفي جميع الأحوال هي ظاهرة رائعة ومسلية على جميع المستويات: نفسية، ونمائية، وعصبية، وتطورية.