عرض مشاركة واحدة
قديم 11-22-2014, 12:01 PM
المشاركة 1280
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ....والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 76- القبر المجهولاحمد ولد عبد القادر موريتانيا

- وفي "الأسماء المتغيرة" و"القبر المجهول" يكون الزمن أداة الحياة والنماء والموت، فهو موسم المطر والخير، وهو فصل الجفاف والعطش والرياح الحمراء وهو في القبر المجهول خصوصا كما رأينا من خلال الاستشهاد يكتسي دلالة مركبة ففصل المطر يتزامن مع استئناف الحروب والصراعات القبلية، بينما يهدأ الناس في فصل الصيف ويامن بعضهم بعضا وذلك مظهر من مظاهر تراجيدية الحياة البدوية التي تصورها الرواية.

- وقد تعددت أنماط التصرف في الزمن الروائي فتنوعت الاسترجاعات والتلخيصات وقلت الوقفات والثغرات، وبلغت المشاهد في القبر المجهول أربعة، واقتصرت على مشهد واحد في الفصلين الأولين في "الأسماء المتغيرة" وخلت "أحمد الوادي" من أي مشهد فلم تتأزم الأحداث ولم تنحبس الأنقاس على مدارها وذلك نابع من تقنيتها التي لا تهتم بما نسميه اللحظات البؤرة أي اللحظات الحاسمة التي تفصل الرواية.

- واذا كان المكان البدوي ساد الروايتين الأوليين الى حد كبير، فإن المكان الحضري وسم الرواية الثالثة بميسمه، وتوزعت الأمكنة البدوية بين أمكنة خارجية (فضاء) وأمكنة داخلية مغلقة كالخيمة، أو مفتوحة كالمسجد، وهو غالبا شجرة وارفة الظلال في وسط الحي، وكانت الأمكنة الفضاء مسرحا للمعارك والحروب والضحايا، كما هي مأوى قطاع الطرق وسراق المواشي، والحيوانات المفترسة التي تعترض القوافل والبشر، وبشكل عام، انعكست نظرة الإنسان البدوي على المكان فكان المكان الداخلي بالنسبة له مصدر الأمان النفسي، في حين ظل المكان الفضاء عنصر قلق دائما، ولعل ما كان يمزق نظرته للمكان شعوره أنه مصدر رزقه ومكمن هلاكه، وهو في الوقت نفسه قدره الذي ليس عنه من محيد..

- أما رواية "القبر المجهول" فتنحو منحى غير بعيد عن د«الأسماء المتغيرة» إذ أن مؤلفهما واحد، كما عرفنا، وهمومه في نهاية المطاف مترابطة، ومع ذلك فهما لا تسيران في المسار نفسه.. فاذا كانت «الأسماء المتغيرة» تنحو منحى البانوراما التاريخية للمجتمع الموريتاني عبر الزمن، فإن «القبر المجهول» تنتقي فترة زمنية محدودة لا تتجاوز عقدين من الزمن ينتميان للمرحلة السابقة للاحتلال الفرنسي فهي إذن تصوير لما يمكن أن نسميه المجتمع الموريتاني في عهد الفطرة، أي قبل ورود مؤثرات خارجية فعالجت أنماط حياته والصراعات التي تدور بين فئاته حول مناطق النفوذ العسكري والروحي،

- ولعل الفكرة العامة التي تحكمها هي أن الأصول متغيرة بينما الوظائف الاجتماعية ثابتة، فوظيفة القبيلة الحسانية (المحاربة) ثابتة، ولكن القبيلة نفسها كواقعة تاريخية متغيرة. كذلك وظيفة القبيلة الزاوية (العالمة) وقل مثل ذلك في القبيلة الزناقية أو التابعة. إنها بنية تتحول عناصرها وتنفير كما تتقلب رمال الصحراء التي تتمسرح عليها الأحداث.

- ويذهب الأستاذ محمد ولد عبدالحي الى انه "إذا كانت رواية الأسماء المتغيرة" محكومة بنظرة التمجيد للمقاومة الوطنية والغيرة على الوطن فان رواية القبر المجهول محكومة بنظرة ترد كل شيء الى العامل الطبيعي وتتسم بالقلق إزاء الصراع القبلي وإيديولوجيته المهيمنة، والرواية الأولى محكومة بجو سنوات الأمل في بداية عقد السبعينات، والثانية محكومة بسنوات الإحباط في نهاية السبعينات وبدايه الثمانينات."

من مقال بقلم الكاتب : محمد الحسن ولد محمد المصطفي