الموضوع: حروف الهجاء
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-01-2011, 08:31 PM
المشاركة 3
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


أما الباحثون المحدثون فقد ذهبوا إلى أن العرب تأثروا بالنقوش والكتابات النبطية والسريانية بحكم القرابة والجوار، وهذا الأمر يؤيده تأمل التشابه الكبير بين الخط السرياني الأسطرنجيلي والخط العربي المسمى بالكوفي، فضلاً عما يلحظ من اتفاق في فكرة التنقيط للتعبير عن الحركات. ومن المعروف أن هؤلاء النبط والسريان قد استعملوا لغة الآراميين في بعض شؤونهم واشتقوا لأنفسهم خطاً من خطوطهم كتبوا به إلى أن وجدوا لأنفسهم خطاً هو الذي نسب إليهم فعرف بالنبطي، وعنهم أخذه الأعراب النازلون في أقصى شمال شبه الجزيرة العربية على مدى أكثر من ثلاثة قرون، وفي ضوء هذا التقدير يمكن تفسير الشبه الكبير بين صورة الخط النبطي والخط العربي الذي شاع في الحجاز وبقيت بعض آثاره في كتابة المصاحف وفي النقوش المتأخرة كنقش النمارة ونقش حران اللذين اكتشفا في حوران شمالي الحجاز.

وعلى هذا فمن المتصور أن تكون ظاهرة الكتابة قد أخذت طريقها إلى بلاد العرب انطلاقاً من ديار النبط إلى وادي الفرات الأوسط حيث الحيرة والأنبار، ثم إلى دومة الجندل فالمدينة ومنها إلى مكة والطائف، أو بطريق أقصر من السابق يبتدىء ببلاد النبط ويمتد إلى البتراء فالعلا(دادان) فشمال الحجاز فالمدينة ومكة. ويقدر أن ذلك حدث بين منتصف القرن الثالث الميلادي ونهاية القرن السادس حين استقر الخط العربي على صورته الباقية إلى اليوم، ولعله من هنا جاءت تسمية الخط العربي قبل الإسلام بالنبطي والحيري والأنباري، هذه الخطوط التي سميت كلها لاحقاً بالخط الحجازي، وهو الذي انتقل زمن خلافة عمر وعثمان وعلي إلى البصرة والكوفة وشاع باسم الخط الكوفي، مع أن الكوفة تأخر إنشاؤها عن زمن انتشار ذلك الخط إذ بنيت بين عامي 18و20 للهجرة.

أما الحقيقة التي لا يستقيم نفيها فهي أن الأبجدية الكنعانية- الفينيقية تمثل الأصل لخطوط جميع اللهجات أو اللغات المتفرعة من العربية القديمة في الوطن العربي وخارجه، كالحبشية ولهجاتها.
ويتضمن الفرع الثانوي غير السامي من الآرامية عدداً من الكتابات المشتقة بشكل مباشر وغير مباشر من الأبجدية الآرامية التي تبنتها لغات غير سامية في وسط وجنوبي وجنوب شرقي وأقاصي شرقي آسيا. وتتضمن هذه الكتابات في الهند: البراهمية Brahmi (الأبجدية الأم للعديد من التفرعات في الهند وما وراءها)، والخاروشتية Kharoshthi التي ظهرت في القرن الخامس قبل الميلاد في شمال غربي الهند الذي كان آنئذ تحت الحكم الفارسي(وقد تأثرت الخاروشتية أيضاً بالبراهمية المبكرة)، والفارسية الإيرانية التي أخذت باستخدام أبجدية آرامية غير سامية منذ نهاية القرن الثالث قبل الميلاد، وقد عُرفت بالأبجدية البهلوية Pahlavi، وبها كتبت الآفستا Avesta (النصوص المقدسة من الديانة الزرادشتية). وهناك الصُغْدية Sogdian وهي كتابة ولغة اتسع انتشارها في آسيا الوسطى بين القرنين الخامس والعاشر الميلاديين، وهناك كذلك التركية الكوكية Turki Kök التي استخدمتها القبائل التركية من عام 500-700م في جنوبي سيبيريا الوسطى وشمال غربي منغوليا وشمال شرقي تركستان، وهي أصل الكتابة الهنغارية المبكرة. ونحو عام 1300م امتزجت الكتابة الويغورية Uighurian (التي استخدمها شعب يتكلم إحدى اللهجات الطورانية المبكرة في منغوليا وشرقي تركستان) بالكتابة التيبتية ليشكلا معاً كتابة الكاليكا Kalika التي أصبحت الكتابة الرسمية للإمبراطورية المغولية. أما كتابات الشعوب المغولية، من مثل الكَلموكية Kalmuck والبورياتية Buriat وأبجدية المانشو Manchu الموحدة فهي جميعها مقتبسة من كتابات أخرى غير سامية.

وبصدد الأبجدية الأرمنية والجورجية(وكذلك الألبانية المشابهة لهما) فإن القديس مِسروب Mesrop، هو الذي استنبطها، استناداً إلى التقاليد المحلية المتوارثة، وذلك نحو عام 400م. الأرمن (اللغة).
اليونانية: ظهر هذا الفرع في المرحلة الانتقالية المضطربة من العصر البرونزي والحضارة الموكينية Mycenaean إلى عصر الحديد والفن الهندسي الإغريقي المبكر، نحو القرن الثامن قبل الميلاد، وبمرور الزمن انبثقت منه تفرعات جديدة، مباشرة وغير مباشرة، فهو يحمل الأبجدية الإتروسكية Etruscan. الإتروسكيون. واللاتينية بيد، والأبجدية الكيريلية Cyrllic باليد الأخرى، فصار بذلك الجد الأعلى للأبجديات الأوربية كافة، وكذلك لبعض التفرعات الثانوية في آسيا الصغرى وإفريقيا.
وفي الشرق الأقصى، ما وراء المؤثرات الهندية، تعد الأبجدية الكورية المعروفة بـ: أُن - مون Un-mun الأبجدية الأصيلة الوحيدة. ويرى بعض علماء اللغات أنها تمتلك النظام الصوتي الأكثر كمالاً من حيث الاستخدام التطبيقي بين سائر اللغات. ومازال أصل هذه الأبجدية موضع جدل بين العلماء والمؤرخين، إلا أنها بلاشك ليست ابتكاراً مستقلاً، بل تتصل بطريقة ما بالفرع الهندي الأساسي وبأنشطة المبشرين البوذيين.


نبيل الحفار، مسعود بوبو

مراجع :

ـ إبراهيم جمعة، قصة الكتابة العربية(دار المعارف، مصر1984).

- GUSTAV BARTHEL, Konnte Adam schreiben? Weltgeschichte der Schrift, Du Mont (Köln 1972).

- S JENSEN, Die Schrift in Vergangenheit und Gegenwart (Berlin 1969).

- I. J. GELB, Von Der Keilschrift zum Alphabet, Grundlagen einer Schriftwissenschaft (Stuttgart 1958).



هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)