الموضوع: سجين الماضي ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-26-2012, 05:09 PM
المشاركة 2
سناء محمد
كاتبــة الشمــس
  • غير موجود
افتراضي
وصل خالد الى مكتب المدير ليقف صامتاً و يائساً من أي تبريرات يمكنه أن يقدمها , وبعد أن انتهى ليث
من كلماته المألوفة في التثبيط والإستهزاء بمستوى العمل , دخلت السكرتيرة مكتبه على عجل لتبلغه عن مجيء صاحب الشركة الدكتور صابر , فأمرها بالخروج بينما يقوم هو بأخذ وضعية جلوسه التي تنم عن الثقة والإنشغال بالعمل .

دخل الدكتور صابر مكتب ليث ليقف الآخر على عجل متظاهراً سعادته وترحيبه الكبير لصاحب الأمر , أشار
الدكتور صابر بيده ان إجلس وجلس على كرسي المكتب , شعر ليث بالإمتعاض الكبير من تصرفه إلا أنه كتم غيظه وتظاهر بعدم المبالاة , وانتظر ما سيقوله الدكتور صابر, إلا ان صابر آثر السكوت قليلا ريثما يجمع أفكاره ويصل الى طريقة لبدء الحديث معه , ولكنها كانت لحظات طويلة , فابتدأ ليث قائلا :

- خير دكتور هل هناك شيء

- لا أدري كيف أبدأ .. ما دمت قد سألتني سأتكلم بصراحة ..

- تفضل

-أنت تعرف أننا عندما سلمناك إدارة الشركة كنا نهدف الى بناء صرح قوي .. متماسك وتسوده روح التضامن بين أفراده ... فكما تعلم شركتنا تحتوي على موظفين أكفاء بشهادات متميزة ومن أرقى الجامعات ....

- ثم ماذا ؟؟!!

- أنت ما رأيك ؟ كم موظف قدم شكاية منذ مجيئك ؟؟!! وكم موظف تم فصله من قبلك ؟؟!

- دكتور أولئك...

- أنا لم أنته من كلامي بعد.

- تفضل.

- أنا لا أنكر أن العمل تحسن من عدة جوانب... إلا ان الشكاوي من قبل الموظفين كثرت في الآونة الأخيرة.. ومع وجهة نظر مقنعة .. لقد تجاهلتٌ العديد من الشكاوي , وفي كل مرة أقنع نفسي ان إختياري كان صحيحاً .. إلا أن تقيم نائب الشركة وهو قريبي بتقدير ضعيف دون الرجوع إلي فأنا لا أسمح لك .

- قريبك هذا غير كفء , و يتأخر عن موعد الدوام دائماً .

- قلت لك مراراً أن ترجع إلي فيما يخص الموظفين .

- وما يهمك أنت , ألم تزد أرباح الشركة أم هذا لا تراه .

- انتبه الى كلامك وتذكر انت تخاطب من .

تأفف ليث محاولا إبداء رباطة الجأش :

- ماذا تريد الآن ؟

- لا أريد شيء .. فقط وقع على استقالتك وخذ أتعابك .

نظر ليث متمعناً بما في داخلها ثم ألقاها ووقف على أشده وصرخ في وجه الدكتور صابر :

-ماذا تظنني أحد موظفيك , أنا المدير العام للشركة .. أم تظنني سأسكت بهذه السهولة .

فرد عليه الدكتور صابر ببرود كاد يقتله :

- اذا أردت أن تصرخ فاصرخ خارج الشركة لو سمحت .

- ماذا .... أتهزأ بي ؟! أنا لن أتزحزح من مكاني هذا .

- لا مشكلة القانون يأخذ مجراه , أم نسيت أنك خالفت أحد بنود العقد وأستطيع فصلك متى شئت .

قال ليث بلهجة التحدي وهو يضرب على المكتب بقبضته :

- سوف تندم .... أعدك أن تندم .

قال كلامه هذا ثم خرج وهو غاضب , وإذ بالموظفين قد اجتمعوا على صراخه وصياحه
ومن سوء حظ العم ابو محمود انه جاء في وجهه , فدفعه بقوة ليتلقاه أحد الموظفين قبل سقوطه على الأرض لم يستطع ليث كتم غيظه وهوخارج الشركة فجعل يصرخ وهو أسفلها ناظراً اليها ويلوح بكلتا يديه

- شركة فاشلة .. انتم لا تفهمون شيئأ .. أنا سأريكم أيها الأغبياء ...

جعل الموظفون ينظرون من النوافذ وهم يتهامسون فيما بينهم , أما الدكتور صابر لمَا رأى الموظفين على
ما هم عليه ابتسم قليلا ليظهر تقبله للأمر بروحه المرحة , فتجرأت السكرتيرة وأخرجت رأسها
من النافذة وقالت:

- من لم يتربى في بيته ربته الدنيا .. يا مغرور

- انت ايتها التافهة تقولين لي مثل هذا الكلام .... لو لم تكوني إمرأة .... لأدبتك يا وقحة

ركب ليث سيارته وهو لا يعي شيئاً مما حدث , فجعل يتمم بسباب متتابع ويقود سيارته بسرعة وهو
يضرب المقود كل بضع لحظات .. وفي لحظة مفاجئة ظهرت أمامه شاحنة كبيرة , حاول تفاديها إلا أنه فقد السيطرة على القيادة فارتطمت سيارته بالشاحنة لتنقلب عدة انقلابات وتستقر بعد ذلك على
جانب الرصيف , ويدخل ليث في غيبوبة إثر الحادث .

وصلت سيارة الإسعاف الى مكان الحادث لتنقل ليث الى المشفى سريعاً , بينما يقوم طاقم الإنقاذ بعمليات
إسعافات داخل السيارة .

تلقت لين إتصالاً عاجلاً من المشفى :

- ألو ... منزل السيد ليث عبد الهادي ؟

- نعم .

- سيدتي , نحن نكلمك من مشفى السلام.

- نعم ؟!

- خير إن شاء الله .. إلا أننا نريدك الان .. فقد تعرض السيد ليث لحادث مروري ويجب أن تتواجدي هنا ...

ألو .... ألو سيدتي ... ألو .

أغلقت لين سماعة الهاتف بعد أن أصيبت بذهول كبير لم تستطع التصرف حياله , نزلت دموعها من دون أن شعر, ولكنها تمالكت نفسها , وقامت تتجَهز للخروج الى المشفى .

ما إن وصلت غرفة العمليات حتى قابلها رئيس الأطباء الذي أشرف على حالة ليث .

- دكتور ... أخبرني كيف هو ؟؟

- إطمئني سيدتي .

- هل إصابته بليغة ؟

- بصراحة ... لن أخفي عليك شيئاً ... نعم إصابته كذلك , تعرض لكسور عديدة , أخطرها في فخذه الأيسر .. ولا ندري كيف ستتطور حالته , المهم أنه تعدى مرحلة الخطر , وهو بحاجة لعناية كبيرة في المشفى .

- هل من الممكن أن أراه ؟

- حالياً لا , ولكن بعد ساعات سينقل من غرفة النقاهَ الى غرفته الخاصة , عندها يمكنك رؤيته .

جلست لين في غرفة الإنتظار بين ذهول كبير وحزن عميق ...
معقول ما حدث ؟؟!! في الصباح لم يكن به شيء , لم أتخيل يوماً أن يحدث له ما حدث ... ولكن .. لماذا أنا حزينةٌ الآن ما دمت لا أحبه ؟؟!!

مضت ساعات ولا تزال لين في غرفة الإنتظار , وبعد ثلاث ساعات , سمح لها أن تدخل بهدوء , ولكن دون إثارة ضجة , إذ أن ليث لا يزال تحت تأثير البنج وبحاجة كبيرة للراحة .
اقتربت لين منه بهدوء وجلست على الكرسي المجاور , شعرت برهبةٍ شديدة وهي تتأمل الكدمات البادية عليه , و بعض الخدوش التي سببها تطاير الزجاج على وجهه أثناء الحادث .

كان ليث مستغرقاً في غيبوبته , حاولت لين مدَ يدها على رأسه , إلا أنها لم تستطع , فآثرت الإنزواء على
نفسها .

وبعد ساعة , بدأ ليث يئن وهو لا يدرك ما حوله أو أين هو , ثمَ بدأ أنينه يعلو أكثر , فأسرعت لين في استدعاء الطبيب .

دخل الطبيب مسرعاً إتجاه ليث , وقام بإعطائه إبرة مهدئة تخفف من آلامه , فهدأ ليث و على اثرها استسلم لسبات عميق .




يتبع ,,