الموضوع: سجين الماضي ..
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
8

المشاهدات
4365
 
سناء محمد
كاتبــة الشمــس

سناء محمد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
357

+التقييم
0.08

تاريخ التسجيل
Apr 2011

الاقامة

رقم العضوية
9873
04-20-2012, 11:40 PM
المشاركة 1
04-20-2012, 11:40 PM
المشاركة 1
افتراضي سجين الماضي ..
لم تصلح الكرسي الذي كسرته .. لماذا اتصل جارنا أبو حاتم يشكو شجارك مع أبناءه ؟ .. لم أعد أحتمل استهتارك .... شخصية ضعيفة .. نعم تنقصه الثقة بالنفس .. لم أتحدث معه منذ أيام .. لم أعد أطيق الكلام معه ....... أنت فاشل .. فاشل .. فاشل .

- ليث ... ليث أين أنت ؟

أفاق ليث من شروده المعتاد - وهو يصارع ذكرياته المقيتة المعشعشة في ذهنه الممتلئ بآلاف الصور والمشاهد - على نظرات زوجته لين وهي تبتسم ابتسامة باهته وتراقبه منذ مدة .

حدَق بها طويلا وكأنه لم يسمع ما قالت ليرجع الى أرض الواقع بعيدا عن عالمه المجهول . هزَ رأسه متجاهلاً نظراتها :

- ماذا تريدين ؟

- لا شيء .. كنت أكلمك و لم تقل لي رأيك في الذهاب إلى بيت أختي وزوجها لنبارك لهما بالمولودة الجديدة .

نظر إليها عابسا وقال بلهجته الساخرة :

- ماذا ؟؟.... وما شأني بذلك ... إذهبي وحدك .. هل أمسكت يدك ومنعتك ... لدي عمل أقوم به الليلة ولست متفرغا .

قال كلماته هذه ووقف يعيد ترتيب هندامه ويلبس نظارته السوداء التي لطالما أخفى وراءها نظراته الشاردة , فيما كانت لين ترمقه بحنق ودموعها منحبسة بالكاد تخرج , إلتَف ليث ناحية الباب خارجا ًإلى عمله وقال مودعاً :

- لا تتصلي بي , إذا احتجتك سأتصل بك .

عشر سنوات ... عشر سنوات يا لين ولا زالت حياتك كما هي , لم يتغير شيء ... ليتني إنفصلت عنه عندما تشاجر مع أمي أيام الخطوبة ورفض دخول منزلنا شهرا كاملا .... ليتني لم أضيع فرصة طلاقي منه عندما مدَ يده وصفعني , عندها وقف أهلي بجانبي ولكنني كنت غبية .... آآآآآآآآه يالقسوة قلبه .... كم هو أناني لا يفكر إلا بنفسه ...حسبي الله ونعم الوكيل ...

ركب ليث سيارته الفارهه واتجَه الى عمله متأففا ومتذمرا من الزحام الذي يملأ شوارع المدينة , وكعادته أخذ ينظر إلى ساعته الذهبية كل بضع دقائق وهو يشتم هذا ويلعن ذاك , وبينما هو ينتظر عند الإشارة الضوئية , اقترب من سيارته طفل صغير في العاشرة من عمره بثياب رثَة

- عمو عمو ... أرجوك إشتر مني قطعة حلوى ..... عمو الله يخليك .... عمو

تجاهل ليث الصبي في بادئ الأمر ونظر أمامه بنظراتٍ ملؤها الإشمئزاز من منظره , فقد تعود أن يرى الناس من فوق , إلا أن إلحاح الصغير جعله يمد يده ويدفعه بقوة ليرتطم على الأرض وتسقط من يده علبة الحلوى لتتناثر القطع التي بداخلها على جانب الرصيف بعد أن لوثتها مياه المجارير .

قام الصبي الصغير عن الأرض وهو يبكي , فبضاعته فسدت في لحظة غضب متعجرفة مغرورة إنطلق صاحبها لوجهته غير آبه بدموع صبيِنا وهو يمسحها بطرف كمه ..

وصل ليث إلى عمله مسرعاً ومتمللاً من بروتوكولات التحية الصباحية التي عادةً ما يتبادلها مع موظفيه , وجلس على كرسيِ مكتبه وهو يفتش ويقلب الأوراق التي وضعتها السكرتيرة على مكتبه محاولا تصيد الأخطاء والثغرات , فهو لا يتهاون لأبسط الأخطاء مهما صغرت .

آآآههها .... هنا خطأ ... ضرب ليث الجرس منتظراً وصول السكرتيرة , إلا أنها لم تأت .. فأعاد ضربه ثانية وثالثة ورابعة , لتقف المسكينة بخوف وحذر وهي لا تدرك كم مرة ضغط مديرها على
الجرس , صرخ في وجهها :

- كم مرة يجب أن أضغط على الجرس حتى تشرفي مكتبك ؟

- أستاذ ... أنا لم ..

- أنت غادرت مكتبك لا تكذبي .

- صدقني لم أبتعد كثيرا .. ك..كنت سأعطي الملف لزياد ..و ..ومكتبه أول مكتب كما تعلم .

- لا أريد أن أسمع أي تبريرات , انصرفي واستدعي خالد .

بلعت السكرتيرة ريقها من هول ما حدث وذهبت لتستدعي خالد لينال هو الآخر نصيبه من الإنتقادات .







بقلمي.. يتبع..