عرض مشاركة واحدة
قديم 11-02-2010, 09:27 PM
المشاركة 50
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (42)




سهم عتاب



أُلقيتْ في مِهرجان
ربيع حماة السابع


ظَمِىءَ السرابُ على يديْ فحضنْتُه
بين الجفونِ لأهتدي بسرابِ

ومضيتُ أُرضِعُه الدموعَ بلهفةٍ
وأصبُّ في شفتيْه طُهْرَ شرابي

حتى إذا بلغَ الفِطامَ وعقَّني
وغدا يمزِّقُ بالمشيبِ شبابي

أنكرتُه وخلعتُ كلَّ تميمةٍ
كانت تُقيِّدني بحبلِ رِغابِ

* * *
وصحوتُ في صحراءِ عمْري أنتضي
سيفَ الوفاءِ لبلدتي وصِحابي

وحلفتُ ألَّا أنحني لمُقامِرٍ
بالعهدِ بين مَصارعِ الأحبابِ

يترسَّمُ الأحرارُ درْبَ مطامِحي
عبرَ انقلابِ مواسمي لعذابِ

* * *
وتطلُّ من شُرُفاتِ عُمريَ ومضةٌ
شقَّتْ دُجى العاصي كلمعِ شِهابِ

فتبسَّمتْ شُعَلُ الضياءِ وأشرقتْ
شمسُ الربيعِ على سِوارِ روابي

ومَضيْتُ أفتضُّ الرجاءَ وفي يدي
سهمٌ أُفوِّقُ منه سهمَ عِتابِ

للحالمينَ على الضفافِ تبادلوا
خمرَ الصفاءِ وأطيبَ الأنخابِ

للراقدين على الونى وعيونُهم
ظمأى لكلِّ صبيةٍ وكَعابِ

للثائرين الساقطين تعهَّدوا
إصلاحَ مجتمعاتِهم بحِرابِ

للعائدين على الدروعِ تواثَبوا
للحكمِ بين ثعالبٍ وكِلابِ

للحاملينَ رؤوسَهم بمذلَّةٍ
يتناطحون ضُحىً بغيرِ رِقابِ

لمن انتحَوا دونَ الشعوبِ ومهَّدوا
لمعاهد التطبيعِ دون حسابِ

لبسوا عَباءاتِ الضلالِ ومشَّطوا
شعْرَ الذقونِ وأسَّسوا لخرابِ

لمنِ اشترى سيفاً وحطَّمَ نصلَه
ومضى يقاتلُ خصمَه بقِرابِ

هجرَ الثوابتِ للنضالِ بخِفةٍ
خوفَ السقوطِ ولاذَ بالأغرابِ

والشعبُ يلهثُ والرغيفُ مطارِدٌ
والجوعُ منتظِرٌ على الأبوابِ

لمساوِمين على القطيعِ بصفقةٍ
ورعاتُه سقطوا على الأعتابِ

فكبيرُهم تركَ العصا وصغيرُهم
حَجَرَ المذَبَّةَ مولَعاً بذُبابِ

وعلى العَراءِ تناثرتْ أغنامُهم
وصدى الثُّغاءِ يُذيبُني بثيابي

حنَّتْ لتيجانِ الفسادِ رؤوسُهم
فسعَوا لقصرِ المُلْكِ بالألقابِ

شربوا مياه الرافدينِ وأغلقوا
أفواهَهم بعَمامةٍ ونِقابِ

واستعذبوا للغاصبينَ ولاءهم
وتفنَّنوا بوسائلِ الترْحابِ

هذا يروِّجُ لاقتسامِ ترابِه
وهناكَ من يدعو لفرْضِ عِقابِ

سهروا على وعدٍ بحفظِ نظامِهم
إمَّا بدا في الأفْقِ برقُ سحابِ

وغفَوا على بُرَكِ الدماءِ ورمَّدوا
نارَ الجراحِ برَّفةِ الأهدابِ

والطامعون بنا يساندُ بعضُهم
بعضاً ويسجِدُ بومُهم لغُرابِ

يتربَّصون لدينِنا وشعارُهم
دفعَ الشبابِ لبلقَعٍ ويبابِ

حملوا على الإسلامِ في دعواتِهم
وتنكَّروا لفجيعتي ومُصابي

فعلى الفضائيَّاتِ ينتصبُ الخنا
يسري إلى الأرواحِ والألبابِ

غزْوٌ ثقافيُّ السماتِ مدبَّرٌ
ينسابُ منه السمُّ في الأعصابِ

والقائمونَ على الخِطابِ تمرَّسوا
بوسائلِ الإيجازِ والإسهابِ

ويلٌ لمنْ رضِيَ المَهانةَ خانعاً
واختالَ مُرتدَّاً على الأعقابِ

لم يقتِلونا بالقنابلِ إنَّما
قتلوا العقيدةَ في صُدورِ شبابِ

* * *
إنِّي لأُقسِمُ بالشعوبِ وزحفِها
بعدَ الإلهِ بسورةِ الأحزابِ

بالريحِ تقتلعُ الخِيامَ فتنطفي
نارُ الغُزاةِ بخَندقي وشِعابي

بالطفلِ يطلقُ من يديه حجارةً
ودماؤه عُرْسٌ على الجلبابِ

بصبيَّةٍ نفَرتْ بليلةِ عرسِها
لتُزَّف للشهداءِ تحت قِبابِ

بالأمِّ تحتضنُ الشهيدَ وصوتُها
يدعو أخاه لصولةٍ وضِرابِ

بدمِ القَعيدِ الشيخِ يطلِقُ صرخةً
حمراءَ ضمَّختِ الثرى بخضابِ

لن يبلغَ الإخصابَ بِذْرُ مخادِعٍ
غازٍ يذُّرُ الكفرَ فوقَ تُرابي

فإلامَ يحترِفُ الذين تهوَّدوا
صمتاً وتُوأدُ صرختي برِحابي

* * *
يا أُمةً عزَّتْ بدينِ محمَّدٍ
لا تركُني لمقامِرٍ ومرابي

واللهِ ما نزَلَ االبلاءُ ولا دَجى
ليلُ الخطوبِ بغيرِ ما أسبابِ

سِرتمْ فُرادى للقتالِ وعُدْتُمُ
زُمراً تسابقُ في طريقِ إيابِ

فتداعتِ الأممُ الذئابُ عليكُمُ
ورَضيتُمُ بتداعياتِ ذئابِ

وإذا تصدَّى للغُزاةِ كواسِرٌ
وُصِفوا من الإرهابِ بالإرهابِ

نسِيَ الذين تَهوَّدوا وتأمركوا
أنِّي شددْتُ إلى الجهادِ رِكابي

مزَّقتُ ألويةَ الخنا ورميتُها
وكشفتُ عن مُقَلِ الضياءِ ضبابِ

* * *
يا أمَّتي شمسُ الشآمِ مُضيئةٌ
لم تحتجِبْ بستائرٍ وحِجابِ

سطعَتْ على قِممِ النضالِ فأزهرتْ
كلُّ الجراحِ وطوَّحتْ بسَرابي

فترسَّمي دربَ الشآمِ فإنَّها
نِبراسُكِ الأسمى لنَيْلِ ثوابِ

وليفْرِضوا كلَّ العقوباتِ التي
يتوعَّدون وأنصتي لجوابي

لن يُرهِبونا بالوعيدِ لقد قضى
زمنُ الوعيدِ بفتْكَةِ الأنيابِ

ستظلُّ ساريَةُ الشآمِ على المَدى
مرفوعةَ الراياتِ فوقَ هِضابي

ويعودُ للأقصى الجريحِ أذانُهُ
ويضِجُّ ذكرُ اللهِ في المِحرابِ

وتعودُ بغدادُ الرشيدِ منارةً
للعِلمِ تسطعُ في دُجى الأحقابِ

فاستبْشِري بالنصرِ نصرُكِ قادمٌ
إنِّي أراهُ مسطَّراً بكتابي

وترقَّبي فتحَ الفُتوحِ فإنَّه
آتٍ يبدِّدُ رِيبةَ المُرتابِ




24/4/2004