عرض مشاركة واحدة
قديم 10-26-2010, 10:45 PM
المشاركة 20
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (16)



لعيني بُناةُ المجد



أُلقيتْ في مهرجان
ربيع حماة الرابع



على صَهواتِ الشِّعرِ والشِّعرُ مولَعٌ
بملحمةِ الإبداعِ أغزو القوافيا

وأقطِفُ من زهرِ النُّجوم سنى الهدى
وأًثقُبُ بالنُّورِ المبين لآليا

وأَنظِمُ أطواقاً لجِيدِ حبيبةٍ
تبادلُني أنخابَ حبِّي أغانيا

على ضِفتيْ عاصٍ على الدَّهرِ طائعٍ
لدى الأهلِ لم يتركْ عليه طواميا

تدورُ عليه الدَّائراتُ فينتشي
ليغدقَ نشواناً وينعِمَ راضيا

وتحت جناحيْ شاطئيهِ ترَّنمتْ
عصافيرُ حبٍّ ترسلُ اللَّحنَ صافيا

فبينَ الرِّياضِ الحانياتِ قصائدٌ
من العشقِ تستهوي الحبيبَ المُداريا

تغازلني الآمالُ في رَبواتِها
ويجذُبُني العاصي فأهبطُ واديا

* * *
دَرجتُ بها طفلاً تعلَّقّ قلبُهُ
بمرضِعةٍ هيفاءَ عزَّتْ تساميا

رضعتُ لبانَ الحِّب منها فأينعتْ
هياماً بقلبي خالداً متناميا

تسلَّقتُ أشجارَ البساتينِ يافعاً
وهامَ بألوانِ الجَّمالِ شبابيا

وغازلتُ أوتارَ النَّواعيرِ شاعراً
وأرقصتُ أسرابَ البلابلِ شاديا

تحدَّيتُ أوكارَ النُّسورِ ولم أَزلْ
أحثُّ لآفاقِ الخلودِ جناحيا

رضيتُ بها الإملاقَ أفدي ترابَها
وعزَّةَ أهليها ونبلَ رفاقيا

وعشتُ على جمرٍ أُبرِّدُ غلَّتي
بومضةِ برْقٍ لم تفارقْ خياليا

فما عابني إلا حسودٌ بغيبةٍ
وما شانني إلا وذلَّ أماميا

* * *
هي الجَّنةُ العذراءُ ما مسَّ طهرَها
غويٌّ يُبينُ الخيرَ يخفي المساويا

أخافُ عليها من عَذولٍ وشامتٍ
وأخشى غريباً حاقداً ومُعاديا

ولمْ أَجفُها يوماً لكسبٍ ولمْ تكنْ
خزائنُ أهلِ الأرضِ ضِمنَ حسابيا

يحجُّ لها العشَّاقُ في كلِّ موسمٍ
ويُحيونَ للشِّعرِ الأصيلِ أماسيا

تنزَّلَ فيها الوحيُ بالشِّعرِ مُعجزاً
توشِّيه أثواباً ويسمو معانيا

بها شامخاتُ المجدِ تزهو أوابداً
على الدَّهرِ فاسألْ شَيزراً وأفاميا*

أقدِّسُ فيها كلَّ ديرٍ ومسجدٍ
وألثُمُ أحجاراً وأبكي غواليا

وألهو مع الأطفالِ أجني براءةً
لأنفِضَ عن روحي الضَّنى والمآسيا

أرى بهُمُ نفسي فأسرفُ لاهياً
لعلِّي أداوي بالبراءةِ دائيا

ويُخجِلُني شيبي وقحطٌ بهامتي
فأمضغُ آلامي وأكتمُ مابيا

وأستعطفُ الأيامَ تمضي ولا أرى
حبيباً يساقينيْ الضِّياءَ مَجانيا

فأغفو على نارٍ أُحِسُّ لهيبَها
بأوردتي الظَّمأى يقضُّ مناميا

وأصحو على برْقٍ يقودُ سحابَةً
تُدمدِمُ في أُفْقيْ فتَهمي سمائيا

وتسكِبُ في شعري الطِّلا وأعبُّه
فيُقبلُ مخموراً ويُدبِرُ صاحيا

وأرسُمُ لوحاتي بظلِّ وريفةٍ
وتصطخِبُ الألوانُ تحت ظلاليا

فيزهو ربيعٌ بالجَّلاءِ مضمَّخٌ
وتخطِر أيامُ الجِّهادِ بباليا

غداةَ طلعْنا صِبيةً وكواعِباً
نهلِّلُ للثُّوارِ تصْلي الأعاديا

طَلعنا عليهم نقرعُ السَّيفَ بالعصا
كما يقْرَعُ الأطفالُ بالقدْسِ غازيا

هنا فوقَ ساحِ النَّصرِ غنَّتْ دماؤنا
فعادتْ سرايا الغدْرِ حُمْراً دواميا

تُجرِّرُ أذيالَ الهزيمةِ والخنا
وتندبُ مجداً هالكاً متهاويا

ولمَّتْ فِرنسا خِزيَها وتقهقرتْ
ورفَّ لواءُ النَّصرِ في الشَّامِ عاليا

* * *
حنانيكِ يا مهْدَ البطولةِ والنَّدى
حنانيكِ عادَ العيدُ حرَّانُ صاديا

يعاتبُنا الأقصى فنغلقُ دونَهُ
مسامعَنا خوفاً فيصرخُ باكيا

أفيقوا دُعاةَ السِّلمِ لا سِلمَ يُرتجى
إذا كان من يدعو إليه مُرائيا

ففي كلِّ يومٍ للسَّلامِ حكايةٌ
وفي كلِّ يومٍ ينزِفُ الشَّعبُ غاليا

أفيقوا .. أفيقوا سلمُ " شارونَ " كاذبٌ
أفيقوا فوَكرُ السِّلمِ يُخفي أفاعيا

أفيقوا وسيروا وحدةً عربيَّةً
تدُكُّ بصدقِ السَّائرينَ رواسيا

* * *
أرى هَمَزاتٍ للشَّياطينِ أينعتْ
تُطبِّعُ أفكاراً وترجو تلاقيا

وهل يرجِعُ التَّطبيعُ شعباً مشرَّداً
ليشربَ من سُمِّ العقاربِ هانيا

* * *
تفرَّستُ أقطابَ السِّياسةِ جُلَّهمْ
فلم ألقَ إلا واهماً ومُداجيا

تفرَّستُ فيهم فالوجوهُ غريبةٌ
ولستُ أرى فيهم طبيباً مداويا

فرحتُ أُداوي الجُّرحَ بالدَّمعِ واجماً
وأستنفرُ الأطفالَ جيشاً محاميا

وأَصفعُ " أمريكا " ومن لفَّ لفَّها
بطفلٍ يرى بالموتِ للدَّاءِ شافيا

* * *
لعينيْ بُناةُ المجدِ والمجدُ شامخٌ
بمقلاعِ طفلٍ يَزْحَمُ الهولََ حافيا

بثوبِ فتاةٍ مزَّقته بلهفةٍ
تضمِّدُ جرحاً نازفاً بفؤاديا

لعينيكَ بشَّارُ العروبةِ صغتُها
قصيدةَ حبٍّ تصفعُ اليوم باغيا

تنكَّبْ سلاحَ الحقِّ واقحمْ بنا اللَّظى
فليس لها إلاَّكَ رُمحاً وماضيا

فأنتَ لها يا حيدراً بزئيرهِ
يدكُّ عروشَ البغيِ كالرَّعدِ داويا

تقدَّمْ .. تقدَّمْ خُضْ بنا البحرَ إنَّنا
بفكرِك نستهدي عرَفناكَ هاديا

ودعْ كلَّ نكسٍ خائفٍ مُتخاذلٍ
يلوذُ بأوكارِ السَّلامِ تفاديا

سنُعلي أذانَ الفجرِ فالفجرُ قادمٌ
وينطقُ صخرُ القدْسِ صِلٌّ ورائيا


15/4/2001


* شيزر وأفاميا من بلدات حماة الأثرية