عرض مشاركة واحدة
قديم 10-25-2010, 09:20 PM
المشاركة 14
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (10)



أفديكِ يا أمَّ الفداء

ألقيت في مهرجان
الربيع الثالث في حماة

غَفَلَ الرَّقيبُ فهاجتِ الأشواقُ
وصحا بقلبِ العاذلِ الإشفاقُ

وتلفَّتَتْ ظمأى العيونِ حبيبةٌ
سمراءُ تملأُ وجهَها الأحداقُ

كَشَفتْ حِجاباً من نسيجٍ قاتمٍ
فسرى بها نحو الضِّياءِ بُراقُ

دَرَجَ الرَّبيعُ فأزهرتْ أحلامُها
وحَنتْ على أزهارها الأوراقُ

وتبسَّمتْ سُمْرُ الضفافِ وأسفرتْ
فتلألأتْ بمروجِها الأعلاقُ

وتواضعَ الحَوْرُ المكابِرُ وانحنى
للبَيلسانِ تشدُّه الأشواقُ

وطوى بها العاصي السقيمُ فِراشَهُ
ذهبَ السَّقامُ وأدبرَ الإرهاقُ

وشدَتْ نواعيرٌ ورقَّقَ شدوَها
همسُ الغصونِ هادِرٌ دفَّاقُ

فتمايلتْ سكرى البيانِ قصائدٌ
فالشِّعرُ يُسكَبُ والضياءُ يراقُ

وحبيبةُ العاصي تعبُّ وتنتشي
والعُشبُ في حللِ النَّدى برَّاقُ

* * *
أفديكِ يا أمَّ الفداء مواسِِماً
لا الضَّنكُ يسكنُها ولا الإملاقُ

ها همْ ألوفُ الزَّائرين توافدوا
تسعى بهم قدَمٌ إليكِ وساقُ

أهلاً بهم حلَّوا كِراماً بيننا
فازدانتِ الحاراتُ والأسواقُ

* * *
هذي حماةُ عشيقتي وخطيبتي
ودمي لها يومَ الزفاف صُداقُ

كم من عَذولٍ رامَ خدْشَ حيائها
فارتدَّ يصفعُ وجهَهُ الإخفاقُ

فنسيمُها برْدٌ لمن حملَ الهوى
ورياحُها لعذولِها إحراقُ

شَمَخَ الإباء بها فطأطأَ شامتٌ
وهوى برأسِ الحاسدِ الإطراقُ

في كُلِّ منعَطَفٍ وكلِّ ثَنيَّةٍ
علمٌ إلى قِممِ العلى سبَّاقُ

فيها تعانقَ مسجدٌ وكنيسةٌ
وبها تخاصرَ مِنبرٌ ورواقُ

سَطَعتْ شموسُ الهديِ من شرفاتِها
وتواصلَ المخلوقُ والخلَّاقُ

أنَّى التفتْتَ بدتْ شمائلُ أهلها
صِيدٌ أماجيدٌ بها ورفاقُ

ومحبةٌ في كلِّ وارِفةٍ نَمَتْ
ومودةٌ وتراحُمٌ ووِفاقُ

صُورٌ من الإبداعِ جلَّ جلالُها
في ظِلِّها يتفيأُ العشاقُ

ملكَتْ قلوبَ الملهَمينَ وعطَّرتْ
حللَ النَّدى فتضوَّعَ الإشراقُ

أشهى الحديثِ إليَّ وصفُ جمالِها
وكأنَّ وصفَ جمالِها تِرياقُ

طبع المحبِّ إذا الحبيبةُ ألمحتْ
حملَ الصَّبابةَ قلبُه الخفَّاقُ

* * *
أنا يا حبيبةُ في هواكِ مطوَّقٌ
عشِقتْ رقيقَ مشاعري الأطواقُ

قلبي على شَفتيْ يطارِحُكِ الهوى
وأنا المحبُّ الهائم المشتاقُ

غنَّيْتُ للوطنِ الحبيبِ قصائداً
نَفَثَتْ لهيبَ حروفِها الأعماقُ

تتراقصُ الآمالُ خلْفَ لهيبِها
ويسيلُ منها جدولٌ رقراقُ

واليوم يحملُني النَّسيمُ سحابةً
لا الرعدُ يسبِقُها ولا الإبراقُ

لكنَّها هَمَلتْ دموعَ صبابةٍ
وخيولُ هامِلةِ الدُّموعِ عِِتاقُ

* * *
أنا في هوى العاصي أصوغُ قصائداً
بين الطِّلا ودبيبها ميثاقُ

صلَّيْتُ في محرابِ حبِّ حبيبتي
فتأرَّجتْ بصلاتيَ الأخلاقُ

أهوى أزقَّتَها وقلعةَ مجدِها
ويشدُّني بالدَّيدبانِ* وثاقُ

فالعينُ تعشقُ والدُّموعُ شواهدٌ
والقلبُ رُغمَ جراحِهِ يشتاقُ

بيني وبينَ تُرابِها وسمائها
عَقْدٌ وعَهْدٌ لا يحلُّ طلاقُ

فإذا دنا يومي ضممتُ ترابَها
وأنا للثْمِ سمائها توَّاقُ

وأغيبُ في حضنِ الحبيبةِ واثقاً
أنْ لن يكونَ إلى النُّشورِ فراقُ


* الديدبان .. منطقة فيها بساتين خلَّابة قرب قرية الضاهرية



15/4/2000