عرض مشاركة واحدة
قديم 01-20-2011, 07:03 PM
المشاركة 4
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
مرحبا بالأخ بن عاشور ,
وليسمح لى والإخوة بعرض تساؤل بسيط ..
متى نكف بالله عليكم عن انتحال أقوال أدباء ورموز الغرب فى المجال الفكرى واستيراد وجهات النظر التى ما أنزل الله بها من سلطان , وعندنا من الفكر والتراث والحكمة والعبقرية ما يكفي لتأسيس عشر حضارات إنسانية !
ما طبعنا منها من المخطوطات إلا العشر ..
وما قرأنا من هذا المطبوع إلا نفس النسبة ,

وليس هذا فقط ,
بل يشعر البعض منا بالضآلة الذاتية إلى جوار آداب الغرب رغم أنها فى قيمته الفكرية لا تساوى جناح بعوضة أمام التراث العربي الهائل الذى اهتم به الغربيون أنفسهم أكثر من اهتمامنا نحن بمراحل
ويكفي لاثبات هذا التناقض الفاضح مع الأسف ,
أن تحقيق كتب التراث العربي كان السبق فيها والأوفر حظا للغرب لا للشرق !
بل إننا لم نعرف بعض كتبنا التراثية أصلا إلا عندما حققها بعض المستشرقين وأخرجوها للنور !

وغرقنا فى فترة الخمسينيات وحتى الآن فى أقوال نيتشه ومونتسكيو وجان جاك روسو واستوردنا الشعر من توماس ستيرن إليوت وهوميروس !
بيننما نحن أول أمة فى التاريخ تقوم حضارتها وبنيانها على الكلمة ,
وفى ذلك قال الأقدمون .. ( نحن أمة بيان لا بنيان )

الأمر يبدو لى كملحمة ساخرة كوميدية حقا ,
أن نقتفي نحن العرب أصحاب الشعر واللغة والثراء الغير طبيعى فى المفردات والقوالب اللغوية , نقتفي أثر بيان حضارات الغرب التى لا تتجاوز ثراء لغاتها مجتمعة واحد بالمائة من اللغة العربية وآدابها ؟!
ومن الحوادث المعبرة فى هذا الشأن ..
ما رواه محقق التراث والمخطوطات د. يوسف زيدان صاحب رواية ( عزازيل ) أثناء لقاءه فى إحدى الفضائيات عندما سألته المذيعة عن سر غرامه بالمخطوطات والتاريخ رغم أنه أستاذ فلسفة ,
فقال لها ..
( هذه خيبة ثقيلة جدا .. فقد قضيت العمر مع جيلي منبهرين بفلسفة وفلاسفة وآداب الغرب , وفى إحدى المرات فى نهاية السبعينيات جاء وفد يهودى إلى دار المخطوطات والكتب المصرية ,
ولما كان الوفد سياحيا , من المفروض أنه لا علاقة له بدار الكتب وليست مدرجة بالمنطق على قائمة الأماكن التى يتقصاها السائحون , فقد لفت الأمر نظرى , وحرصت أن أعلم عما يبحثون وماذا أخذوا معهم
ففوجئت أنهم قاموا بنسخ بعض مخطوطات فلاسفة ومفكرى الإسلام الكبار من بن رشد وبن النفيس وغيرهم , وحملوها معهم ,
فوقع الأمر علىّ وقع الصاعقة , كيف أننا نستورد ثقافتهم الضحلة تحت تأثير التغريب والتجهيل الموجود فى إعلامنا , بينما هم يبحثون عن الفكر الحقيقي فى تراثنا نحن ! )

انتهى كلام د. يوسف زيدان ..

وليس هناك عيب أن نناقش ونرى آراء فلاسفة وأدباء الغرب , ولا أن نتبنى بعضها , لو كانت له قيمة فكرية حقيقية ..
لكن متى يتم هذا ؟!
عندما يتوافر لدى الأديب منا الحد الأدنى من ثقافته وتراثه وآدابه , لا أن نفعل كما فعلت الأجيال المتغربة والتى تربت فى أحضان العلمانية والإشتراكية والحداثة وفلسفة اللامعقول !
ولو أنهم أهل فكر حقا ,
فليسألوا أنفسهم هل يوجد فى الغرب من يتطرق لدراسة الآداب العالمية قبل أن يحيط بالمعرفة آدابه وتراثه !
إن الغرب صنع لنفسه حضارة فكرية من أقوال بعض مجانين الرومان ! وقام بتضخيم صورتهم وصدر لنا هذا الجهل المعلب على أنه الحضارة الحقيقية ,
حتى تناولته أقلام الفترة الوسيطة فى الإسلام وقاموا بالرد على تلك الأفكار وفندوها , مثلما فعل المعتزلة مثلا ,
واحتفي الغرب بنجوم وتاريخ مصطنع نصفه من الأساطير والنصف الباقي من الأكاذيب ,
ومع ذلك فالأدباء والشعراء والمفكرون والجماهير عندنا تتلقي هذا فى استكانة ودونية وتنظر إليه فى انبهار فاضح يعبر حقيقة عن مدى الجهل الذى نجهل به آدابنا وعلومنا وحكمة عظمائنا على مر العصور ,

وفى خصوص موضوع اليوم ,
فهل هذا كلام يمكن قبوله من أهل الأدب
هذا الشاعر أو الأديب الغربي يتهم الرواية بالكذب والخرافة وينصف الشعر عليها !
وهذا كلام ضحل للغاية , لأن الآداب الإبداعية لا نقيسها بهذا المقياس أصلا !
لأنها الأدب مجال يستخدم الخيال للتعبير عن الحقيقة وخدمتها ,
وإلا بماذا يفسر الأديب الملهم أن الشعر أصلا قائم على التصوير الخيالى الذى يجافي الواقع ,
ولو أنه طابق الواقع لما أصبح شعرا أصلا !!
ولا يمكن وصف الصور والتشبيهات اللامعقولة بأنها كذب وإلا كان اتهاما ضحلا
وكذلك الرواية ,
فحتى لو تم بناؤها على أحداث حقيقية لابد للأديب أن يتدخل بالخيال فيملأ فراغ الأحداث بصورة درامية تخدم النص وتقدمه للجمهور مليئا بالتفاصيل ,
ولو كان من الواجب على الروائي ألا يقدم إلا الحقيقة لأصبح الروائيون عبارة عن كتبة محاضر فى أقسام الشرطة يسجلون الوقائع وحسب !

ومن الغريب أن يأتى هذا الكلام من أديب غربي بينما آدابهم شعرا ونثرا مبنية أصلا على محض أساطير ليس فيها من الواقع مقدار خردلة من الحقيقة ,
وهاهى أعظم ملحمة شعرية لديهم وهى ملحمة الإلياذة والأوديسا , عبارة عن أساطير متتابعة لحكايات زينا وهركليز وأخيليس وهكتور مروض الخيول !!!

أين العقول يرحمكم الله ؟!