عرض مشاركة واحدة
قديم 01-03-2012, 06:06 AM
المشاركة 173
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

... إلَّا دَهٍ فَلَا دَهٍ ....

روى ابن الأعرابي " إلّا دَهْ فلا دَهْ " ساكن الهاء ،
ويروى أيضاً " إلا دِهِ فلا دِهِ " أي إن لم تعط الاثنين
لا تعط العشرة ، قال أبو عبيد : يضربه الرجل يقول
أريد كذا وكذا ، فإن قيل له : ليس يمكن ذا ، قال :
فكذا وكذا ، وقال الأصمعيّ : معناه إن لم يكن هذا
الآن فلا يكون بعد الآن ، وقال : لا أدري ما أصله ،
قال رؤبة :


* وَقُوّل إلّا دَهِ فَلَا دَهِ *

قال المنذري : قالوا معناه إلا هذه فلا هذه ، يعني أن
الأصل إلا ذه فلا ذه - بالذال المعجمة - فعربت
بالدال غير المعجمة ، كما قالوا : يَهُوذا ، ثم عرب
فقيل : يَهُودا ، وقيل : أصله إلا دهى أي إن لم
تضرب ، فأدخل التنوين فسقط الياء ، قال رؤبة :


فاليومَ قدْ نَهْنَهَنِي مُنَهْنِهِي
وَأَوْلُ حِلْمٍ لَيْـسَ بِالمُسَفِّهِ

وَقُـــوَّلٌ إلّا دهِ فَلَا دهِ
وحَـقَّةٌ لَيْسَتْ بِقولِ التُّرَّهِ

يقول : زَجَرني زواجر العقل ورجوعُ حلم ليس يُنْسب
إلى السَّفَه وقُوّل ، أي ورجوع قُوَّل يقلن : إن لم تتب
الآن مع هذه الدواعي لا تَتُبْ أبداً ، وقَوْلة حَقَّة ، أي
وقَالَة حقة ، يقال : حَقٌّ وحَقّة كما يقال : أهْلٌ وأهْلَة ،
يريد الموتَ وقربه .
روى هشام بن محمد الكلبي عن أبيه عن أبي صالح
عن عَقيل عن أبي طالب قال : كان عبد المطلب بن
هاشم نديماً لحَرْبِ بن أمّيَّة حتى تنافَرَا إلى نُفَيْل بن
عبد العُزَّى جدّ عمر بن الخطاب رضيَ الله عنه ، فأنفر
عبدَ المطلب فتفرقا ، ومات عبد المطلب وهو ابن
عشرين ومائة سنة ، ومات قبل الفِجَار في الحرب التي
بين هَوَازن ، ويقال : بل تَنَافرا إلى غزي سلمة الكاهن ،
قالوا : كان لعبد المطلب ماء بالطائف يقال له ذو الهرم ،
فجاء الثَّقَفِيُّون فاحتفروه ، فخاصمهم عبد المطلب إلى
غزيّ أو إلى نُفَيْل ، فخرج عبد المطلب مع ابنه الحارث ،
وليس له يومئذ غيره ، وخرج الثففيون مع صاحبهم ،
وحَرْبُ بن أمية معهم على عبد المطلب ، فنفِدَ ماءُ عبد
المطلب ، فطلب إليهم أن يَسْقوه فأبوا ، فبلغ العَطَشُ منه
كل مبلغ ، وأشرف على الهلاك ، فبينا عبد المطلب يُثير
بَعيره ليركب إذ فَجَّرَ اللهُ له عَيْناً من تحت جِرَانِه ، فحمِدَ
الله ، وعلم أن ذلك منه ، فشرب وشرب أصحابه رِيَّهُمْ ،
وتزوَّدُوا منه حاجتهم ، ونفِدَ ماء الثقفيين فطلبوا إلى عبد
المطلب أن يَسْقيهم ، فأنعم عليهم ، فقال له ابنه الحارث :
لأنحنيَنَّ على سيفي حتى يخرج من ظهري ، فقال عبد
المطلب : لأسقينَّهم فلا تفعل ذلك بنفسك ، فسقاهم ، ثم
انطلقوا حتى أتوا الكاهن وقد خَبَؤُوا له رأسَ جرادة في خَرَزَة
مَزَادة ، وجعلوه في قِلادة كلبٍ لهم يقال له سَوَّار ، فلما أتوا
الكاهنَ إذا هم ببقرتين تَسُوقان بينهما بَخْرَجَاً* كلتاهما تزعم
أنه ولدها ، ولدتا في ليلة واحدة فأكل النّمر أحد البَخْرَجَيْنِ ،
فهما تَرْأمان الباقي ، فلما وقَفَتَا بين يديه قال الكاهن : هل
تدرون ما تريد هاتان البقرتان ؟ قالوا : لا ، قال الكاهن :
ذهَبَ به ذو جسد أربد ، وشدق مرمع ، وناب معلق ، ما
للصغرى في ولد الكبرى حق ، فقضى به للكبرى ، ثم قال :
ما حاجتكم ؟ قالوا : قد خَبأْنا لك خَبْأً فانبئنا عنه ثم نخبرك
بحاجتنا ، قال : خبأتم لي شيئاً طار فَسَطَع ، فتصوَّب
فوقع ، في الأرض منه بُقَع ، فقالوا : لا ده ، أي بينه ،
قال : هو شيء طار فاستطار ، ذو ذَنَب جرار ، وساق
كالمنشار ، ورأس كالمسمار . فقالوا : لا ده ، قال : إن
لا ده فلا ده ، هو رأس جرادة ، في خرز مَزَادة ، في عنق
سَوّار ذي القلادة ، قالوا : صدقت فأخبرنا فيما اختصمنا
إليك فأخبرهم ، وانتسبوا له ، فقضى بينهم ورجعوا إلى
منازلهم على حكمه .


* البَخْرَج - بِزِنة جعفر - ولدُ البقرة