ماهو العدل ؟ السؤالُ الأولُ الَّذي يَرِدُ إلى الذِّهنِ ويتطلَّبُ إجابةً دقيقة ً واضحة هو : ما معنى العدل ؟ وما معنى الظُّلم ؟ لاستعمال كلمة العدل لدينا أربعة موارد : أ. المورد الأول : يُقصدُ بالعدل في هذا المورد كونُ الشَّيْء موزونا ً , فإذا نظرنا إلى محموعة ٍ فيها أجزاء مختلفة تهدفُ إلى هدفٍ خاص فإنَّهُ لابدَّ من توفِّر شروطٍ معيَّنة لذلك من حيثُ المقدار اللازم من كلِّ جزء ومن حيثُ كيفيَّة ارتباط تلك الأجزاء ببعضها , وباجتماع هذه الشُّروط جميعا ً تستطيع تلكَ المجموعة أن تبقى وأن تُعطي الأثرَ المطلوب منها وأن تفي بالخطَّة الموضوعة لها . فمثلاً أيُّ مجتمع يريدُ لنفسهِ البقاء والإستقرار فإنَّهُ لابدَّ أنْ يكون متعادلاً , أي يكونُ كلُّ شيْء فيهِ موجوداً بالقدر اللازم و ليس بالقدر المساوي , وكل مجتمع متعادل يحتاج إلى فعّاليات متنوعة , منها اقتصادية وأخرى سياسيّة وثالثة تربوية ورابعة قضائيَّة وخامسة ثقافيَّة ...... , ولابدَّ من تقسيم هذهِ الفعّاليات بينَ أفراد المجتمع واستخدام أفراد لها بالقدر الضُّروري . فالتَّعادل الإجتماعي يفرضُ النَّظرَ بعين الإعتبار إلى ميزان الإحتياجات لتخصيص ميزانيَّة مناسبة وصرف قوَّة لازمة . وهنا تبرزُ مسألة " المصلحة " مصلحة الجميع التي فيها بقاء ودوام " الكل " وهنا يبرز الإهتمام بالأهداف الكلِّيَّة . فيصير " الجزء " وسيلة فقط وليسَ لهُ أيُّ حساب مستقل . ومثل هذا يكون التَّعادل الفيزيائي : فالسَّيّارة مثلاً قد صُنعت لهدفٍ معيَّن ولحاجات خاصَّة , ولهذا فهي إذا أريدَ لها أن تكون صناعة متعادلة فلا بُدَّ لها أن تركَّبَ من كلِّ مادَّة بقدر ما تفرضهُ الضُّرورة ويوجبهُ الإحتياج . وكذلكَ التَّعادل الكيميائي . فالعالم كلُّهُ متعادل وموزون ولو لم يكُنْ كذلك لمْ تقُمْ لهُ قائمة ولمْ يوجدْ نظامٌ ولا حساب ٌ ولا مسيرٌ معيَّنٌ , وقدْ جاءَ في القرآن الكريم : ( وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ . ) الرَّحمن7 . وذكر المفسِّرون عند تناولهم هذه الآية أنَّ المقصودَ بها هو كونُ العالم قد روعيَ في بنائهِ التَّعادل , فاستفيدَ من كلِّ شيْء ومن كلِّ مادَّة بقدرِ ما يلزم , وقد قيسَت الفواصلُ بدقَّة ٍ متناهية . وجاءَ في الحديثِ النَّبوي الشَّريف : " بالعدلِ قامت السَّماوات والأرض " . والطَّرفُ المقابل للعدلِ بهذا المعنى إنَّما هو اللا تناسب وليسَ هو الظُّلم . ************************************************** **************** للكلام بقيَّة تأتي لاحقا ً بإذن اللهِ تعالى . حميد عاشق العراق 2 - 3 - 2013