عرض مشاركة واحدة
قديم 08-10-2011, 09:43 PM
المشاركة 3
محمد عبدالرازق عمران
كاتب ومفكر لـيبــي
  • غير موجود
افتراضي
( سلو قلبي )
سلو قلبي غــــــــداة سلا وثابا
لعلّ على الجّــــــــمال له عتابا
**
ويسأل في الحـــــوادث ذو صواب
فهل ترك الجّـــــــمال له صوابا
***
وكنت إذا سألـــــــت القلب يوما
تولّى الدّمع عــــــن قلبي الجوابا
***
ولي بين الضـــــــلوع دم ولحم
هما الواهي الذي ثــــــكل الشبابا
***
تسرّب في الدمـــــوع فقلت : ولّى
وصفّق في الضـــــلوع فقلت : ثابا
***
ولو خلقت قلـــــــوب من حديد
لما حملت كمـــــــا حمل العذابا
***
وأحباب سقــــــــيت بهم سلافا
وكان الوصل مــــــن قصر حبابا
***
ونادمنا الشبـــــــاب على بساط
من اللّذات مــــــــختلف شرابا
***
وكلّ بساط عيش ســـــوف يطوى
وإن طال الزّمـــــــان به وطابا
***
كأن القلب بــــــــعدهم غريب
إذا عادته ذكـــــــرى الأهل ذابا
***
ولا ينبيك عـــــــن خلق الليالي
كمن فقد الأحبـــــــّة والصحابا
***
أخا الدنيا أرى دنـــــــياك أفعى
تبدّل كـــــــــــلّ آونة إهابا
***
وأن الرّقط أيقـــــــــظ هاجعات
وأترع في ظــــــــلال السّلم نابا
***
ومن عجب تشـــــــيّب عاشقيها
وتفنيهم ومــــــــا برحت كعابا
***
فمن يغترّ بالـــــــــدنيا فإني
لبست بها وأفــــــــنيت الثيابا
***
لها ضحك القـــــــيان إلى غبيّ
ولي ضحك اللــــــبيب إذا تغابى
***
جنيت بروضــــــها وردا وشوكا
وذقت بكأسها شـــــــهدا وصابا
***
فلم أرى غير حــــــكم الله حكما
ولم أر دون بــــــــاب الله بابا
***

ولا عظمت فـــــــي الأشياء إلا
صحيح العلـــــــم والأدب اللّبابا
***
ولا كرّمـــــــــت إلا وجه حرّ
يقلد قومه الــــــــمنن الرغابا
***
ولم أر مثل جمـــــــع المال داء
ولا مثل البخــــــــيل به مصابا
***
فلا تقتلك شـــــــــهوته وزنها
كما تزن الطـــــــعام أو الشرابا
***
وخذ لبنيك والأيـــــــــام ذخرا
وأعط الله حــــــــصته احتسابا
***
فلو طالعت أحــــــــداث اللّيالي
وجدت الفقر أقــــــــربها انتيابا
***
وأنّ البرّ خيــــــــــر في حياة
وأبقى بعد صـــــــــاحبه ثوابا
***
وأنّ الشرّ يصـــــــــدع فاعليه
ولم أر خــــــــــيرا بالشرّ آبا
***
فرفقا بالبنيـــــــــن إذا اللّيالي
على الأعقاب أوقـــــــعت العقابا
***

ولم يتقلدوا شــــــــكر اليتامى
ولا ادّرعوا الدّعــــــاء المستجابا
***
عجبت لمعشر صــــــلّوا وصاموا
عواهر خشــــــــية وتقى كذّابا
***
وتلفيهم حــــــــيال المال صمّا
إذا داعي الزّكــــــــاة بهم أهابا
***
لقد كتموا نصــــــــيب الله منه
كأن الله لم يـــــــحصي النّصابا
***
ومن يعدل بحــــــــبّ الله شيئا
كحبّ المال ضــــــلّ هوى وخابا
***
أراد الله بالــــــــــفقراء برّا
وبالأيتام حــــــــــبّا وارتيابا
***
فربّ صغير قـــــــــوم علّموه
سما وحمى المســــــوّمة العرابا
***
وكان لقومـــــــــه نفعا وفخرا
ولو تركوه كـــــــان أذى وعابا
***
فعلّم ما اســـــــتطعت لعلّ جيلا
سيأتي يحدث الــــــعجب العجابا
***

ولا ترهق شبــــــاب الحيّ يأسا
فإن اليأس يخــــــــترم الشّبابا
***
يريد الخالق الـــــــرّزق اشتراكا
وإن يك خصّ أقـــــــواما وحابى
***
فما حرم المــــــــجدّ جنى يديه
ولا نسى الشقــــــيّ ولا المصابا
***
ولولا البخل لـــــــم يهلك فريق
على الأقدار تلقـــــــاهم غضابا
***
تعبت بأهله لــــــــوما وقبلي
دعاة البرّ قد ســــــئموا الخطابا
***
ولو أنّي خطـــــــبت على جماد
فجّرت به الينــــــــابيع العذابا
***
ألم تر للهواء جـــــــرى فأفضى
إلى الأكواخ واخـــــــترق القبابا
***
وأنّ الشمس فـــــي الآفاق تغشى
حمى كسرى كـــــما تغشى اليبابا
***
وأنّ الماء تــــــروى الأسد منه
ويشفى من تلــــــعلعها الكلابا
***

وسوى الله بـــــــينكم المنايا
ووسّدكم مع الــــــرّسل الترابا
***
وأرسل عائلا مـــــــنكم يتيما
دنا من ذي الجـــــلال فكان قابا
***
نبيّ البرّ بـــــــــيّنه سبيلا
وسنّ خلاله وهــــــدى الشّعابا
***
تفرّق بعد عيســـــى النّاس فيه
فلمّا جاء كـــــــان لهم متابا
***
وشافي النفس مــــن نزعات شرّ
كشاف من طبائــــــعها الذئابا
***
وكان بيانه للـــــــهدى سبلا
وكانت خيله للـــــــحقّ غابا
***
وعلّمنا بناء الـــــــمجد حتى
أخذنا إمـــــرة الأرض اغتصابا
***
وما نيل المطــــــالب بالتّمني
ولكن تؤخـــــــذ الدّنيا غلابا
***
وما استعصى علــــى قوم منال
إذا الإقدام كــــــان لهم ركابا
***

تجلّى مولد الــــــهادي وعمّت
بشائره البــــــوادي والقصابا
***
وأسدت للــــــبريّة بنت وهب
يدا بيضاء طــــــوّقت الرقابا
***
لقد وضعته وهّــــــاجا منيرا
كما تلد السمـــــاوات الشّهابا
***
فقام على سمـــــاء البيت نورا
يضئ جبال مـــــــكّة والنّقابا
***
وضاعت يثرب الــــفيحاء مسكا
وفاح القاع أرجــــــاء وطابا
***
أبا الزهراء قد جــــاوزت قدري
بمدحك غير أنّ لـــــي انتسابا
***
فما عرف البـــــلاغة ذو بيان
إذا لم يتّخــــــــذك له كتابا
***
مدحت المالـــــكين فزدت قدرا
فحين مدحتك اقــــتدت السّحابا
***
سألت الله فــــــي أبناء ديني
فإن تكن الوسيـــــلة لي أجابا
***

وما للمسلمـــــين سواك حصن
إذا ما الضرّ مــــــسّهم ونابا
***
كأن النحس حـــين جرى عليهم
أطار بكل ممـــــــلكة غرابا
***
لو حفظوا سبيـــــلك كان نورا
وكان من النّحــــوس لهم حجابا
***
بنيت لهم مـــــن الأخلاق ركنا
فخانوا الرّكن فانـــهدم اضطرابا
***
وكان جنابهم فــــــيها مهيبا
وللأخلاق أجــــــدر أن تهابا
***
فلولاها لســـــاوى الليث ذئبا
وساوى الصّارم الـــماضي قرابا
***
فإن قرنت مكــــــارمها بعلم
تذلّلت العلا بهــــــما صعابا
***
وفي هذا الزّمــــان مسيح علم
يردّ على بنـــــي الأمم الشّبابا

( أحمد شوقي / مصر )

* ويأتيك بالأخــــبار من لم تزوّد .
( طرفة بن العبد )