عرض مشاركة واحدة
قديم 03-27-2013, 10:16 AM
المشاركة 954
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع....والان مع عناصر القوة في رواية -19- الحب في المنفىبهاء طاهرمصر

- لعلّ من يقرأ أعماله يلاحظذلك التنوع في بيئات القصص وأجوائها من البيئات المحلية في الصعيد والريف المصريإلى بيئة القاهرة بطبقاتها وأجوائها الغنية، ثم هناك ما يمكن تسميته بالبيئةالعالمية والإنسانية، تلك التي جمع فيها شخصيات من ثقافات وبلدان مختلفة ووطّنهم فيدولة جديدة، هي الرواية أو القصة القصيرة، هذا واضح مثلاً في قصته (بالأمس حلمت بك) وقصته (أنا الملك جئت) وروايته الفريدة (الحب في المنفى).

- من يدقق في قصصهورواياته سيلاحظ أنه من أكثر الكتاب تميزاً في تقنية "الحوار"، حتى يغدو عندهعنصراً أساسياً لا تستغني القصة عنه. حوارات أشبه بالسيناريو حتى وهي موجزة، تنبضبالحياة وتسمح للشخصية بتقديم نفسها، وتمنح القارئ متعة خاصة في الاقتراب من أنفاسالشخصية ومن تدرج منطقها.

- رغم كل شيء يشدد في إبداعاته وكتاباته على دور الثقافة في فهم المجتمع وفيتحليله وفي صيانته، لأن الثقافة مرادفة للحرية وللوعي وللعطاء النبيل. ولا يمكنللثقافة أن تنهض ببعض ذلك دون أن يكون المثقف نفسه مستقلاً صلباً بعيداً عن الأشكالالمعروفة من شراء الذمم وفسادها.

- بهاءطاهر، مبدع ومثقف تنويري، بأوضح معاني التنوير، قاص وروائي مجدّد، مسرحي ومترجم،إذاعي عريق، كاتب مجيد في مقالاته ودراساته، ناقد مسرحي، وخبير بشوؤن السيناريووالدراما، يعرف الصعيد الذي يسكن روحه، ويعرف القاهرة ويعيشها، مثلما يمتلك خبرة فيمدن العالم، وفي ناسه، يعرف درس التاريخ ويراه مستمراً فينا، بمحتواه الأسطوريالقديم أو بوقائعه التي يمكن تجريدها في صورة تجارب وأفكار إنسانية متكررة.

- في سياق الإبداع السردي يسلك اسم بهاءطاهر في جيل الستينات، الجيل الذي رسخ الكتابة ونقلها إلى أحوال جديدة رؤيةوتشكيلاً.

- لبهاء طاهر صوته الخاص وتجربته المميزة بعيداً عن الفكرة الجماعية فيمبدأ التجييل.

- يمكنك أن تحدس بمبلغ عنايته بكل ما يكتبه، بحيث تجمع كتابته بينالأناقة التعبيرية والغنى الرؤيوي، ورغم وضوح حسمه لوظيفة الكتابة، فإنه أبدا لميقع في فخاخ الأيدلوجيا أو لغة الشعارات.

- الكتابة عنده تجربة مغايرة لكل ذلك، لهااشتراطاتها الصعبة جمالياً ورؤيوياً، وربما لهذا السبب لم يكن يستعجل النشر، بل إنمجموعته الأولى تأخرت في الصّدور حتى عام (1972)، كما أن ما نشره ليس إلا نسبةمحدودة مما كتب.

- إنه من أولئك المبدعين الذين يقدّسون الكلمة، ويتعاملون مع الكتابةبحرص واحترام وإجلال.. - ولعل القيمة العالية لإنتاجه المنشور خير شاهد على جرأةالحذف والاصطفاء والاختيار، بحيث لا يمرّر كلمة ولا جملة ولا قصة تمريراً عبثياً أويوردها أو ينشرها دون قناعة كاملة بأنها في مكانها الملائم وأنها تنهض بالوظيفةالإبداعية المأمولة.

- إنتاجه أقل عدداً وكماً من مجايليهومن الأجيال اللاحقة، لكن الإبداع يعترف بالنوع لا بالكّم، وكاتب صعب مع نفسه علىطريقة بهاء طاهر، ينحاز حتماً للنوع وللتميز، وليس لعدد الأعمال أو كثرة الظهور فيالصحافة ووسائل الإعلام.

- كل من كتبوا عنه شهدوا بنزاهته، وبتواريه عن الشهرة التيتلاحقه، لا يميل إلى الظهور في الصحافة ووسائل الإعلام.

- لكن أعماله تفرض نفسهابتميزها وخصوصيتها وسحرها الخاص.

- ينشغل بهاء طاهر بجوهر الكتابة وليس بما يحيط بهامن سلوكيات ومظاهر، ولذلك يمكن القول أن اسم بهاء طاهر من أسماء عصامية قليلة مردّشهرتها إلى الإبداع ولا شيء غيره.

- ورغم غيابه عن مصر والعالم العربي منذ منتصفالسبعينات وحتى منتصف التسعينات فقد عرفه القراء العرب وقدّروا تجربته، فاجتازالامتحان الصعب مما يدلّ بعمق على تميز هذه التجربة وفرادتها الخاصة، وصمودهاالذاتي دون دوافع أو عوامل مساندة مما يشيع في حياتنا الثقافيةالعربية.

- بعض ما ظهر تحت مسمى (القصة القصيرة) عندبهاء، أقرب لشكل الرواية القصيرة (النوفيلا) وخصوصاً قصص: بالأمس حلمت بك، أناالملك جئت، محاورة الجبل.. وهذا الشكل الفني يحتاج دراسة خاصة يمكن أن تعتمد علىأعمال بهاء طاهر، بما يسهم في بلورة شكل (النوفيلا) في الأدب العربي، واكتشافخصوصيتها ومنقطها السردي الذي لا يقف عند حدّ الاختلاف في الحجم أو في عدد الصفحات،بل يتعداه إلى اختلافات جوهرية في الخطاب السردي وفي المبنى الحكائي بما يجعل منهنوعاً متميزاً عن القصة القصيرة والرواية وغيرهما من أنواع سردية.

- يقول عنه محمود أمين العالِم كتابات بهاء طاهر من هذه الكتابات الهامسة التي تنسابإليك بهدوءٍ آسر بليغ تربت على مشاعرك في نعومة ورقة مهما بلغت حدتها الدراميةوعمقها الدلالي، إنه قصاصٌ شاعرٌ متصوّف تفيض شاعريته وصوفيته برؤيا إنسانية حادةتغريك برومانسيتها الظاهرة عما ورائها من حكمة وعقلانية وإحساس عميق بالمسؤوليةوالالتزام، هو عاشقٌ عظيم لمصر، باحثٌ دائب البحث عن أسرارها وأغوارها مهمومٌ بماتعانيه من أوجاعٍ وأشواق.