عرض مشاركة واحدة
قديم 03-20-2012, 03:29 PM
المشاركة 128
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الفصل الثالث:

- أي شريحة لديها فرصة أفضل في الوصول إلى العبقرية؟

لقد قمت خلال الأربعين سنه الماضية، ومنذ أن كنت في سن السادسة عشره، ببحث مكثف ومركز حول قضية ( العلاقة بين اليتم والإبداع )، بناء على ملاحظة عابرة مررت بها في حينه لمعت في ذهني عن وجود مثل تلك العلاقة.

حصل ذلك عندما كنت اقرأ عن الروائي الروسي العظيم توليستوي، ووجدت انه فقد الأم وعمره سنتان، ولم يشاهد أي من صورها، وحيث أنني أنا أيضا فقدت الأم وأنا في سن الثانية، ولم أشاهد أي من صورها، وكنت في سن مبكرة مغرم بالأدب والكتابة الإبداعية، لمع في ذهني احتمال أن يكون هناك علاقة بين فقدان عزيز ( اليتم ) والرغبة في الإبداع.

وقد قمت على متابعة تلك القضية من خلال دراستي الأكاديمية أيضا، وعالجتها في رسالة الماجستير خاصتي في الأدب الانجليزي، وتمكنت من إثبات تلك العلاقة، وكانت رسالة الماجستير بعنوان "الإبداع والبحث عن الاكتمال".

وقد تبين لي من خلال دراستي المكثفة تلك، وبحثي المستمر والمتواصل، خاصة في مجال الإبداع ونظرياته، ومن خلال دراسة السير الذاتية لعدد كبير من المبدعين والعباقرة الأفذاذ، تبين وبالأدلة الإحصائية، والتحليلية، أن هناك علاقة قوية بين اليتم والإبداع في أعلى حالاته ( العبقرية ).

وعندما قمت على دراسة تفصيلية، وبحثت في سير حياة الشخصيات الواردة أسمائهم في كتاب "الخالدون المائة" لكاتبه الأمريكي مايكل هارت، وترجمه للعربية الأديب أنيس منصور، لتحديد إن كانت هذه الشخصيات من بين الأيتام، فوجدت أن نسبة الأيتام من بينهم تتجاوز عامل الصدفة وبلغت 53% ، وعدد آخر كبير منهم طفولتهم مجهولة مما أشار إلى أهمية اليتم في صناعة العظماء العباقرة الخالدون .

وفي دراسة لاحقة حول سر الروعة في أروع مائة رواية عالمية، تبين لي أن اليتم الفعلي يشكل عامل مشترك عند 43% من بين أصحاب أعظم مائة رواية عالمية وهو أيضا أمر يتجاوز عامل الصدفة.

لكن تبين أيضا بأن اليتم الفعلي ليس هو العامل الوحيد. لا بل لقد أظهرت النتائج أن الباقيين من أصحاب أروع 100 رواية عالمية جاؤوا من بين الأيتام اجتماعيا، أو المأزومين في الطفولة المبكرة.

وقد أكد هذا البحث أن الظروف الاجتماعية الصعبة والمآسي والمصائب والصدمات والأحزان والآلام والإعاقة الجسدية والمرض الفقر الخ...التي يمكن أن يمر بها الطفل والى سن الـ 21 كلها عوامل تؤدي إلى العبقرية.

وهي تجعل الدماغ يعمل بطاقة هائلة، وكلما زاد نشاط الدماغ وزادت الطاقة المتدفقة في ثناياها كلما زاد الاحتمال وازدادت الفرصة بتحقيق نتائج وانجازات عبقرية.

كل ذلك يشير إلى أن الشريحة التي لديها الفرصة الأعظم في تحقيق انجازات عبقرية تأتي غالبا من الشرائح المهشمة في المجتمع، وان الأسباب التي ذكرنها أعلاه تؤدي إلى دفق هائل في طاقة الدماغ، مما يؤثر على كيمياء الدماغ ويجعله قادر على تحقيق انجازات عبقرية لصاحبه.

وتبين أيضا أن الأيتام لديهم أعظم فرصة أن يتحولوا إلى عباقرة أفذاذ، وانه كلما اشتد اليتم والمآسي المرتبطة به، تزايدت الفرصة لتحقيق انجازات عبقرية، طبعا مع توفر الرعاية، والكفالة، والاهتمام، والتعليم، ومن ثم امتلاك الإرادة، ومتابعة التحصيل والتعليم، والتثقيف الذاتي، والتدريب، وأيضا إتقان مهارات واليات التفكير الإبداعي التي تؤدي إلى الإبداع والعبقرية، ويضاف إلى كل ذلك استعداد الشخص إلى بذل الجهد المطلوب للوصول إلى انجازات عبقرية.

يتبع،،

- ما هي الملامح التي تشير إلى الاستعداد العبقري لدى الطفل؟ أي ما هي الصفات والسمات التي يمتاز بها الطفل مشروع العبقري وتؤشر إلى إمكانياته العبقرية المحتملة؟