عرض مشاركة واحدة
قديم 07-02-2016, 07:29 PM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سر التحول التركي الكبير
نشرت: السبت 02 يوليو 2016
كتبه شريف عبد العزيز

ـ ليس في عالم السياسة المعاصرة مبدأ ثابت منذ قيام الدولة الحديثة في القرن السابع عشر الميلادي حتى اليوم سوى مبدأ " البرجماتية " أو " النفعية " . فهو المبدأ الرئيسي الذي قام عليه النظام الدولي ، واكتسب منه النظام كل صفاته وخصائصه الكائنة ، وغير البرجماتية من مبادئ ومثل وقيم ، ما هي إلا أكاذيب و شعارات براقة لاستهلاك الإعلامي ، يستعبد باسمها الشعوب ، وتحتل بها الدول ، وتنتهك بها السيادة الوطنية للجماعات . لذلك لا شيء مستغرب في عالم السياسية ، فلا علاقات دائمة ، ولا عداوات دائمة ، فقط مصالح دائمة .
ـ من هذا المنطلق القيمي يتضح لنا خرافة ما يسمى الراديكالية في عالم السياسة ، فلا مكان لأصحاب الأفكار الثابتة والمقدمات السابقة والعقائد الحاكمة والمبادئ والقيم ، في عالم لا تحكمه إلا المصلحة . ومن هنا نستطيع أن نفهم سر التحول التركي الكبير الذي جرى هذا الأسبوع في سياستها الخارجية والتي تشبه إلى حد كبير من يقوم بتجرع السمّ ، وقبول ما ظل يرفضه باستعلاء واعتزاز لفترة طويلة .
ـ تركيا هذا الأسبوع تقدم على خطوتين جريئتين في سياساتها الخارجية بإعادة العلاقات الطبيعية مع خصمين لدودين تراشقت معهما لفترة طويلة بدرجة وصلت إلى حافة الهاوية . وفجأة إذ بكل هذه العداوات تتبخر وتتلاشى بصورة جعلت عموم الناس والشعوب المقهورة ، وكل من ينظر إلى تركيا نظرة إجلال وإكبار ، ويعتبرها معقل الحريات ونصرة المظلومين في المنطقة ، جعلتهم في حالة اندهاش كبرى ، بعد أن نالتهم من السلطان " أردوجان " صدمة هائلة لم يكن أشد المتشائمين منهم يتوقعها

فلماذا أقدمت تركيا على التراجع والتطبيع مع روسيا ؟

نستطيع أن نلخص التراجع التركي في كلمتين وهي " الأكراد " و" الاقتصاد "
ـ فالأكراد وحلمهم في إقامة دولة كردستان الكبرى كان بمثابة الهاجس الأخطر في عقل الساسة الأتراك بجميع أطيافهم من اليمين إلى اليسار . هذا الهاجس تحول في غضون العامين الأخيرين إلى حقيقة شبه واقعة بفضل الدعم الأمريكي والروسي والدولي الكبير لآمال وطموحات الأكراد ، ومن ثم فقد حاول الساسة الأتراك محاولات مستميتة ومضنية من أجل فك هذه الشراكة الخطيرة بين الأكراد وسادة النظام الدولي الخبيث ، دون جدوى حتى عبر الأكراد غرب الفرات على الجسور البرمائية الأمريكية في مطلع شهر يونيو متجاوزين به آخر وأخطر خطوط تركيا الحمراء . ومن ثم لم يبق للأتراك سوى تجرع السمّ !!