عرض مشاركة واحدة
قديم 04-25-2020, 05:49 PM
المشاركة 1036
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
.... أَجْوَدُ مِنْ حَاتِمٍ ....

هو حاتم بن عبد الله بن سَعْد بن الحَشْرَج ، كان
جواداً شجاعاً شاعراً مُظَفَّرَاً ، إذا قاتل غَلَب ، وإذا
غنم نهب ، وإذا سُئل وهب ، وإذا ضَرَبَ بالقِداحِ
سَبَق ، وإذا أَسَرَ أطلقَ ، وإذا أثْرَى أنفق ، وكان
أقسم بالله لا يقتل واحدَ أمِّه .
ومن حديثه أنه خرج في الشهر الحرام يطلب حاجة ،
فلما كان بأرض عنزة ناداه أسيرٌ لهم : يا أبا سَفَّانَة
أكَلَنِي الإسار والقمل ، فقال : ويحك ! ما أنا في بلاد
قومي ، وما معي شيء وقد أَسَأْتَني إذ نَوَّهْتَ باسمي
ومالَكَ مَتْرَك ، ثم ساوم به العَنَزِيين ، واشتراه منهم ،
فَخَلَّاه وأقام مكانه في قِدِّه حتى أتى بفدائه ، فأدَّاه
إليهم .
ومن حديثه أن ماويَّةَ امرأةَ حاتم حدَّثت أن الناس
أصابتهم سَنَةٌ فأذهبت الخُفُّ والظّلف ، فبتنا ذاتَ
لَيلةٍ بأشدِّ الجوع ، فأخذ حاتم عديَّاً وأخذْتُ سَفَّانة
فعلَّلْنَاهما حتى ناما ، ثم أخذ يُعْللني بالحديث لأنام ،
فرققت له لما به منه الجَهْد ، فأمسكت عن كلامه
لينام ويظن أني نائمة ، فقال لي : أَنِمْتِ ؟ مراراً ،
فلم أجبه ، فسكت ونظر من وراء الخِبَاء فإذا شيء
قد أقبل فَرَفَع رأسَه ، فإذا امرأة تقول : يا أبا سَفَّانة
أتيتُكَ من عند صِبْيَةٍ جِيَاع ، فقال : أحضِريني صبيانَكِ
فوالله لأُشْبِعَنَّهُم ، قالت : فقمتُ مُسْرِعةً فقلت : بماذا
يا حاتم ؟ فوالله ما نام صِبْيَانُكَ من الجوع إلا بالتعليل ،
فقام إلى فَرَسه فذبَحه ، ثم أجَّجَ ناراً ودفع إليها شَفْرة ،
وقال : اشْتَوِي وكُلِي وأطْعِمِي ولدك ، وقال لي :أيْقِظِي
صبيتَك ، فأيقظتهما ثم قال : والله إن هذا للؤم أنْ
تأكُلُوا وأهلُ الصِّرمِ* حالُهم كحالكم ، فجعل يأتي الصِّرْمَ
بيتاً بيتاً ويقول : عليكم النار ، فاجتمعوا وأكلوا ، وتَقَنَّع
بِكِسائه وقعد ناحيةً حتى لم يوجد من الفرس على الأرض
قليل ولا كثير ، ولم يذق منه شيئاً .
وزعم الطائيون أن حاتماً أخذ الجودَ عن أُمِّهِ غنية بنت
عفيف الطائية ، وكانت لا تبقي شيئاً سَخَاءً وجوداً.



* الصرم - بالكسر - جماعة البيوت