عرض مشاركة واحدة
قديم 03-25-2011, 01:17 AM
المشاركة 8
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي




خصائص النثر الجاهلي:

هذا العرض السريع لفنون النثر الجاهلي، والأعلام الذين اشتهروا في كل فن، يمكن أن يخرج منه بجملة من خصائص النثر الجاهلي، الذي تناول - في مضمونه - قضايا تهم الفرد والجماعة معاً، في تلك المجتمعات القبلية التي تتحكم فيها عادات وأعراف موروثة، وتنشد أخلاقاً وشمائل وغايات لا تكاد تحيد عنها.

فكان ذلك النثر، بفنونه كلها متمماً للشعر الجاهلي أيضاً في تصوير جوانب أخرى من الحياة العربية، تصويراً أقرب إلى الحقيقة والواقع، بما في تلك الحياة من مفارقات ومتناقضات. فبينما تلاحظ توجُّه القوم إلى نواح خلقية وتهذيبية، وميلهم إلى الخير والإصلاح في وصاياهم، وبعض خطبهم وحكمهم، إذ بك تؤنس منهم ارتداداً إلى الغضب والتهور، وإشادة بالأحساب والأنساب، وإشاعة للعصبيات والمفاخر القبلية، والمصالح الخاصة، في المنافرات وبعض الخطب والحكم الأخرى، ولو أدى ذلك إلى إشعال نار الحرب.


إن تصوير النثر الجاهلي لذلك كله هو تصوير أقرب إلى الحقيقة والواقع، لأن واضعي بعض تلك النصوص، أو صائغيها، قد حاولوا، بقوة ملاحظتهم ومزيد عنايتهم أن يجعلوها محاكية لأصولها الأولى، مستهدين في ذلك بقرائن مختلفة. ولهذا فإن تلك النصوص النثرية - مع ما اعترى معظمها من تغيير أو زيادة أو نقص - هي في روحها وبنائها مقاربة لأصولها الجاهلية، حتى يمكن أن يكون الحديث عن خصائص النثر الجاهلي مقارباً للحقيقة.


فهذا النثر، بفنونه المختلفة تغلب عليه العناية والتجويد، والبعد، ما أمكن، عن الهلهلة والضعف. فيأتي مرسلاً طبيعياً تارة، ومتكلفاً محلى بالسجع والتصوير البياني تارة أخرى، بحسب الفن النثري من جهة، وبحسب الحال والمقام من جهة ثانية، رغبة في تحقيق الإمتاع، أو التأثير والإقناع لدى السامع، والنفوذ إلى مكامن نفسه. ومعنى ذلك أنهم كانوا يتخيرون الكلام ويحرصون على القوة والجزالة، والتنغيم الموسيقي بين الجمل إذا احتاجوا إلى ذلك، كما في سجع الكهان والمنافرات.


ومن مراعاتهم للمقام، أن نصوصهم تترجح بين الطول والقصر، ولكل منها موضع يحسن فيه. فالخطبة نفسها قد تطول وقد تقصر، وكذلك الوصية، أما الحكم والأمثال وأسجاع الكهان فلا تخرج عن القصر والإيجاز.


ويغلب على ذلك النثر الوضوح والسهولة في ألفاظه وتراكيبه، إلا ما نجده في سجع الكهان من غرابة في الأداء، وغموض في التعبير، إمعاناً منهم في الإيهام والإبهام، وكذلك ما قد نجده من ألفاظ تبدو لنا اليوم غريبة، في طائفة من وصاياهم ومنافراتهم وبعض خطبهم، وما هي بغريبة عندهم.




محمود فاخوري


- - - - - -


مراجع:

ـ الجاحظ، البيان والتبيين، (القاهرة، لجنة التأليف والترجمة والنشر 1948).

ـ شوقي ضيف، العصر الجاهلي (القاهرة، دار المعارف 1960).

ـ طه حسين، في الأدب الجاهلي (القاهرة، دار المعارف 1958).

ـ ناصر الدين الأسد، مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية (دار المعارف، مصر 1962).

ـ يحيى الجبوري، الشعر الجاهلي: خصائصه وفنونه (بيروت، مؤسسة الرسالة 1979).

ـ محمد النويهي، الشعر الجاهلي، جزآن (القاهرة).

ـ أبو الفرج الأصفهاني: الأغاني (دار الكتب والهيئة المصرية، مصر 1927وما بعدها).

ـ ابن قتيبة، الشعر والشعراء، تح. أحمد محمد شاكر (القاهرة 1966).

ـ ابن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، تح. محمد أبو الفضل إبراهيم - دار المعارف بمصر 1960.

ـ أحمد الشايب، تاريخ الشعر السياسي في العصر الأموي (مصر 1945).

ـ شوقي ضيف، التطور والتجديد في الشعر الأموي (دار المعارف بمصر 1959).

ـ أنيس المقدسي، تطور الأساليب النثرية (بيروت 1935).

ـ إحسان النص، الخطابة في العصر الأموي (دار المعارف بمصر 1963).

ـ طه حسين، حديث الأربعاء، ج1 (مصر 1953).

ـ شوقي ضيف، العصر العباسي الأول، العصر العباسي الثاني (دار المعارف - القاهرة).

ـ زكي مبارك، النثر الفني في القرن الرابع (بيروت 1975).

ـ جرجي زيدان، تاريخ آداب اللغة العربية، الجزآن (2، 3).

ـ نجيب محمد البهبيتي، تاريخ الشعر العربي (القاهرة 1961).

ـ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة (القاهرة، دار الكتب المصرية 1956).

ـ محمد زغلول سلام، الأدب في العصر المملوكي (القاهرة، دار المعارف 1971).

ـ بكري شيخ أمين، مطالعات في الشعر المملوكي (بيروت، دار العلم للملايين 1984).

ـ أسامة عانوني، الحركة الأدبية في بلاد الشام خلال القرن الثامن عشر (بيروت، المطبعة الشرقية).

ـ محمود فاخوري، محاضرات في الأدب العثماني (حلب، مطبعة جامعة حلب 1981).

ـ زكي مبارك، المدائح النبوية (القاهرة، دار الكتاب العربي 1967).

ـ ابن الأحمر، روضة النسرين في دولة بني مرين (المطبعة الملكية، الرباط 1962).

ـ ابن بسام، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (لجنة التأليف والترجمة والنشر، جامعة القاهرة 1939).

ـ ابن خلدون، العبر وديوان المبتدأ والخبر في أخبار العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر (دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1956-1961).

ـ ابن عذاري المراكشي، البيان المغرب في أخبار ملوك الأندلس والمغرب، تحقيق ومراجعة ج. س. كولان وإ. ليفي بروفنسال (دار الثقافة، بيروت 1983).

ـ آنخل جونثالث بالنثيا، تاريخ الفكر الأندلسي، نقله إلى العربية حسين مؤنس (مكتبة النهضة، القاهرة 1955).

ـ أحمد بن الأمين الشنقيطي، الوسيط في تراجم أدباء شنقيط، ط2 (مكتبة الخانجي بمصر 1380هـ/1961م).

ـ إحسان عباس، العرب في صقلية (دار المعارف بمصر 1959).

ـ أحمد بن محمد المقري، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب (ط محمد محيي الدين عبد الحميد القاهرة 1949، نشر دار الكتاب العربي، بيروت).



الموسوعة العربية





هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)