عرض مشاركة واحدة
قديم 04-28-2012, 12:01 PM
المشاركة 485
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

4- اللقطـــة الوصفيـــة الكبيـــرة:
ترتكز اللقطة الوصفية الكبيرةGros plan علىنقل ملامح الوجه المعبرة، ورصد انطباعاته النفسية بدقة تشخيصية وتصويرية، كما فيهذا المقطع الوصفي الذي يبين لنا الكاتب فيه حالة شخصية حفة بعد اختفاء العربي:" دخل حفة إلى الحوش وعلى شفتيه ابتسامة صفراء ،وقال: إنهذه نتيجة مخالفة رأيه، وانه لم يشأ أن يعطي العوض لكن قلبه رحيم، فلم يقو علىمعارضة الناس فجاراهم وعليه، فهو في حل مما يحدث.
دخلت العطراء من البويبة تنظر وتسمع فذهلت وعادت إلىالحوش اللوطاني."(ص:140).
وترد هذه اللقطة الوصفية في موضع آخر ، وذلك لتبيان حالةعمير النفسية والثورية أثناء تأجيج نفوس العمال المضربين حقدا وغضبا:" راغ عمير مخلوع القميص مبحوح الصوت على رأسشرذمة من أولاد بويحيى وأولاد دينار والجريدية والقبائل وانتشروا في ساحة المركز،وكان يهتف ناتئ العينين أحمر الوجه في جانبي فمه رغوة وفي شفته السفلى خط أبيضجاف."(ص:249).
هذا، وتعبر هذه الصور المقربة جدا عن الحالات النفسيةوالانفعالية الشعورية واللاشعورية ، والتي تظهر على وجوه الشخصيات بشكل جليومجسد.
5- اللقطـــة الوصفية الكبــرى جــدا:
يلتجئ الكاتب إلى الاستعانة باللقطة الوصفية الكبرىZOOM / Très gros plan ، وذلك لتبئير الموصوفات والعناصر المنقولة، حيث يتم التركيز علىالأشياء الدقيقة من الوجه والجسد والرجلين ، وذلك لتقريبها بشكل جيد إلى القارئالمتلقي أو الراصد المتخيل. ومنهنا، نرى الكاتب في روايته الواقعية يصف كلبا عبر هذه الرؤية ، وذلك لكي يبين شراسةالحيوان تجاه الآخرين، وشروعه في الشر للانقضاض على الصبية، بعد رجوعهم من نزهةالوادي:" اعترضهم كلب هزيل، شرير يردهم بنباحه، ويهددهمبعينيه المخضرتين المحمومتين وأنيابه المكشرة، فارتدوا إلى القنطرة ولاذت العطراءبالرجوع وظهر حمة الصالح يعدو بين النخل يتبع الريبة ويصيح على كلبه." (ص:34)
كما يركز الكاتب بشكل مكبر جدا على يد العطراء ، وذلكللتركيز على ما تفعله الصبية بنبتة كانت بيديها، فتقطعها غضبا وحنقاوحقدا:" فقالت العطراء وهي تنظر إلى يديها وتبرم حشيشةبين أصابعها:
-
اعطاهالي حمة الصالح من العيون.
صاحت رقية بابنتها:
-
قلت لكاعطيها انتاعها، خلي تمشي علينا.
فمرستها وقطعتها وألقتها."(ص:39)
وهكذا، نجد أن اللقطات الكبرى جدا في رواية البشير خريفتحدد لنا الأبعاد النفسية للشخصية الرئيسية أو الثانوية أو العابرة ، أو تعكس لنامختلف الوظائف والمسارات التصويرية لمختلف العوامل والممثلين ذهنيا ووجدانياوحركيا، وتبرز لنا أيضا ملامحها الشعورية واللاشعورية بكل وضوح وجلاء.
q
زوايـــاالتقـــاط الصـــورة الوصفيـــة:
يلتقط الكاتب البشير خريف العناصر الموصوفة على غرارالكتابة الإخراجية السينمائية من زوايا متنوعة، حيث يستعمل السارد اتجاهات عدة ،وذلك لالتقاط صوره الروائية الوصفية، فقد يكون اتجاه الالتقاط أفقيا أو عموديا أوسفليا أو متحركا. ويمكن توضيح ذلك من خلال الشواهد والأمثلة النصية التالية:
1- اللقطـــة الوصفيـــة العموديـــة:
تلتقط هذه الصورة الوصفية من الأسفل إلى الأعلى، ويعنيهذا أن عدسة التصوير والوصف تتجه من تحت إلى أعلى ، وذلك للتعبير عن التساميوالتحرر والاستعلاء والسيادة والتفوق، واستجلاء ماهو علوي وروحاني ، بعيدا عن عالمالبشر المحنط بالماديات كما في هذه الصورة الرمزية:" خرجت الأنثى ووقفت، وتبعها الذكر، ولبثا هنيهة،كأنهما لم يدركا ما تبدل في وضعهما، وكأنهما لم يحفلا كثيرا بما منحا من حرية، ثمأمال الذكر رأسه ونظر إلى طاقة الشباك وخفف وطار، وتبعته أنثاه وتبعتهما العطراءببصرها، فرأتهما يحلقان إلى عنان السماء، ثم يتجهان إلى سحاب أبيض سمقت إليه نخلتانمتساندتان، وأضحيا نقطتين متتاليتين، وحطا في لفافة النخل." (ص:298)
ومن هنا، تبدو هذه اللقطة العلوية العمودية تعبير صادق عنالرغبة في التسامي، والتحرر من الكائن المادي، والتخلص من قيود الحس، وذلك نحوالفضاء العلوي المطلق.
2- اللقطـــة الوصفيــة الأفقيــة:
تعتمد اللقطة الوصفية الأفقية الثابتة على رصد الموصوفأفقيا كما في هذا الشاهد الوصفي:" حولت عينيها(العطراء) إلىزوجها(محمد الحفناوي) وقارنت، إنهما يشبهان بعضهما تماما كما تشبه البسرة الغمقة، نعم، يشبهانبعضهما، غير أن النظر لذا أذى ولذلك شفاء، ذلك له عينان وأنف وفم، وذا له عينانوأنف وفم، كل رقبته وشعره، لكن شتان بين الرخمة والطير البرني.
وعادت تنظر إلى الشاب، فتخيلت أنها تغسلبصرها
." (ص:305).
وهكذا، يتسم اتجاه الإدراك في هذه الصورة الوصفية بكونهاتجاها أفقيا ثابتا يقوم على النظرة المواجهة.
3- اللقطـــــة الوصفيــــة السفليــــة:
المقصود بهذه الصورة التقاط العناصر الموصوفة من عدسةتصويرية موجهة إلى الأسفل ، وغالبا ما يكون الغرض من هذه النظرة الوصفية التعبير عنالضعف والانكسار والانسحاق والانهيار، كما في هذه الصورة الخرافية التي تناجي فيهاالبنات فرعون المنكسر توسلا واستغاثة ، وذلك لمساعدتهن على إضفاء الجمال عليهن، وإنكانت هذه الصورة تحمل في طياتها مؤشرات جاهلية ووثنية قديمة العهد:
" وقفت إحدى الفتيات على ربوة وصاحت بالواد، كأنها جاهلية تخاطبإلاها:
-
فرعون،يا فرعون، طول شعري وكبر قعري،
وتلك من العادات التي لبثت حية، من القدم إلى يومنا هذاوهي لا تقل فائدة- لوتدبرها المؤرخون- عنآثار الحجارة المنقوشة، لعلهم يجدون بي