عرض مشاركة واحدة
قديم 04-28-2012, 08:42 AM
المشاركة 481
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بيت شباب تكرّم صاحب «طعم الرماد»
هذه الليلة يلتقي محبّو يوسف حبشي الأشقر وقرّاؤه في بيت شباب، مكانه الأثير، لإحياء ذكرى الأديب الكبير الذي مضى ١٥ عاماً على رحيله. الاحتفال يقام بمبادرة من «لقاء بكفيا الكبرى الثقافي» الذي يهدف إلى إعادة الاعتبار لأدباء لبنانيين بارزين «كي تبقى وجوههم مضيئة في ذاكرتنا الجماعيّة»، بتعبير الإعلامي والناقد ميشال معيكي.
تسعى الجمعيّة التي تأسست قبل ثماني سنوات، إلى لعب دور ثقافي فعّال، عبر مخاطبة الوجدان الجماعي. هكذا نظّمت مثلاً احتفالات تكريميّة للأديب النهضوي أمين الريحاني، للكاتب الرائد توفيق يوسف عواد، لعازف البيانو العالمي وليد عقل، وللعلّامة الشيخ عبد الله العلايلي....
وها هو «لقاء بكفيا الثقافي» ينظّم بالتعاون مع مجلس بلدية بيت شباب، الشاوية والقنيطرة احتفالية في ذكرى رحيل يوسف حبشي الأشقر. يتطرّق اللقاء إلى جوانب عدّة في مسيرة يوسف حبشي الأشقر، الأديب والإنسان. وتشارك في الندوة التي يديرها معيكي، الأكاديمية مايا الأشقر ابنة الكاتب الراحل، والدكتور لطيف زيتوني، والكاتب والناقد محمود شريح، والإعلامي جورج كعدي.
ويعرض خلال اللقاء شريط وثائقي بعنوان «طعم الرماد». مادة الشريط الذي تبلغ مدته ساعة، توليف لمقتطفات من أحاديث تلفزيونيّة عدّة أجراها معيكي مع الأشقر في النصف الأول من الثمانينيات، ضمن برامج مختلفة كان يقدمها المذكور على «تلفزيون لبنان». يضاف إلى المادة الأرشيفيّة مقابلات مع نجلي الأشقر: مايا، وإميل الذي انتحر قبل سنتين. يظهر الشريط مرارة الأشقر تجاه تلك الحرب العبثية، كما نجدها في كتاباته الأخيرة. ونسمعه يصف المتحاربين بأنهم مجرد أدوات تهدف إلى خراب لبنان.
ويعتبر معيكي أنّ يوسف حبشي الأشقر لم يأخذ حقّه من الحفاوة والنقد، وبقي على هامش المشهد الثقافي، لأنّ الأضواء لم تكن تعني له شيئاً. كما أنّ الأوضاع السائدة في ثمانينيات القرن الماضي، لعبت دوراً في هذا الاتجاه. ويستغل معيكي المناسبة، للتذكير بالثغر التي تشكو منها المناهج التربوية اللبنانية، إذ تغيب عنها أعمال بعض الرواد المجدّدين في الرواية اللبنانية.
لقاء تكريمي في ذكرى رحيل يوسف حبشي الأشقر، السابعة من مساء اليوم في مسرح دير مار أنطونيوس، بيت شباب. للاستعلام 03/884470

******
قراءة في دفتر الحرب
عبد المجيد زراقط
يلفت في تاريخ الرواية اللبنانية المتعلّقة بالحرب الأهلية أنّ محمد عيتاني أنهى روايته «حبيبتي تنام على سرير من ذهب» بفصل عنوانه «نحو العاصفة»، إذ إنّ المجتمع اللبناني -كما تمثّل في الرواية -كان يتجه نحو عاصفة الشرّ (الموت). ما استشرفه عيتاني حدث، وقامت الحرب التي تدور أحداث رواية يوسف حبشي الأشقر «الظل والصدى» في فضائها ومناخها. وهو الفضاء/المناخ الذي أفضى إليه المسار الروائي لثلاثية الأشقر الممتدّ من «أربعة أفراس حمر» فـ«لا تنبت جذور في السماء» إلى مقدّمة «الظل والصدى».
في هذه الرواية الأخيرة، يعاين القارئ الحرب (الشرّ)، بوصفها قوة قاهرة تتحكم بمصائر العباد والبلاد كأنها قدر لا يقاوم، وقد صُوّرت أدوات هذا القدر (أمراء الحرب) في الرواية في صور جعلت غير قارئ يسأل الروائي «كيف تجرؤ، وأنت تعيش بينهم؟». أجاب يومها: «من حسن الحظ...» ثم صمت لحظة، وأضاف بعدما هزّ رأسه وابتسم ابتسامة ساخرة: «... أو من سوئه أنهم لا يقرأون!». تعيد هذه الإجابة إلى الذهن صورة سياسي كان يقلّب ورقة بين يديه، على شاشة التلفاز، ويقرأ «مُستطيَر» وهي وصف لـ«شرّ» الحرب المستشرَف من سياسيّ آخر. فسواء كان هذا السياسي لا يجيد القراءة فعلاً أو كان يسخر، فإن الحرب/الشرّ التي عشنا ويلاتها وقرأناها، لم تعلّم، كما يبدو، أمراء الحرب القراءة التي تجعلهم يمضون في خط آخر، أراد إسكندر، الشخصية الرئيسية في «الظل والصدى»، أن يمضي الوطن فيه.
فقد بقي من أبطال الثلاثية، في الجزء الأخير منها، إسكندر المثقف الثري الليبرالي المنفصل عن عالمه، وأنسي المثقف اليساري. قاتل أنسي ثم هاجر بعدما عرف حقيقة الحرب، ورفض مواصلة دور الأداة. وصعد إسكندر إلى كفرملات، موطن الميليشيات، ليحقّق هدفين: أولهما المشاركة في دفن أمه وثانيهما وهو الهدف الأساس، الاحتجاج على الحرب بفعل يدفع المشاركين فيها، أو بعضهم، إلى الإحساس بالإثم والندم...
قديماً، في «أربعة أفراس حمر»، أقدم يوسف الخروبي وهو يحتج على عالمه، على إنقاذ غريق. كان يعرف أنه لا يجيد السباحة، فغرق... وها هو إسكندر يعيد ما قام به صديقه القديم، فيقدم على فعل يحتج به على عالمه، فيعود إلى عالم معادٍ، عالم الميليشيا، وهو يعرف أنه لا يجيد السباحة فيه ويعرف أنه سيغرق (يقتل). لكنه يمضي لأنه يُريد أن يحدث غرقه (قتله) إحساساً بالإثم/الندم يحرّك سعياً إلى الخلاص من الحرب/الشرّ.
وهذا ما يحدث، إذ يعي يوسف خليل (الميليشياوي) الحقائق، فيترك الميليشيا، لكنه لا يهاجر كما فعل أنسي بل يسلّم نفسه للمخفر، ويكتب تجربته لمن يريد أن يقرأ في دفتر الحرب. وهكذا تحقق لإسكندر ما أراده، إذ إنه سعى إلى موت في خطّ أوّل يحرّك العالم الذي يتوجه إليه في خط ثان.
فهل نجيد اليوم، ونحن نمضي «نحو العاصفة» من جديد، القراءة في دفتر الحرب الذي كتب يوسف خليل تجربته فيه، ونتحرّك في خط آخر سعى الروائي الكبير يوسف حبشي الأشقر، الذي لم يأخذ حقه من العناية بعد، إلى بيان معالمه في نص روائي ممتع وكاشف وراءٍ في آن؟

الاخبار
الخميس ٤ تشرين الأول 2007