عرض مشاركة واحدة
قديم 02-25-2011, 11:25 PM
المشاركة 9
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي





باب ذم الفقر


قال أكثم بن صيفي: الفاقة تمنه الشرف وتخمل الذكر، وتوجب المذلة:


كم من كريم سيد ماجدٍ .... شيمته خلف وإجمال


أخمله الفقر فأزرى به .... وناقصٍ سوده المال


لا تحمد الناس وإن عظموا .... فانما تكرمك الحال


ذو المال معبود وإن لم يكن .... له على الإخوان إفضال



وما عال الفقر على أحد ولا عدل عليه إلا رد عن الحجة وقورن بالخيبة، وانتكثت دونه الحيل، وضاق عليه الزين، واتسع فيه الشين، وسيم خسفاً وجشم إفراطاً وحمل هضيمة وألزم في كل أحواله عاراً ومذمة، وكان ضرعاً مستجدياً. روي في بعض الأحاديث: كاد الفقر يكون كفراً. وأنشد:



المال فيه مجلة ومهابة .... والفقر فيه مذلة وقبوح



آخر:


سميت الدهر حين رأيت دهراً .... يكلفني التنصف للرجال


آخر:


لعمرك إن المال قد يجعل الفتى .... سنياً وإن الفقر بالمرء قد يرزى

آخر:


ذريني للغنى أسعى فاني .... رأيت الناس شرهم الفقير


وأصغرهم وأهونهم عليهم .... وإن أمسى له كرم وخير


يباعد في الندي وتزدريه .... حليلته وينهره الصغير


ولتلقى ذا الغنى وله جلال .... يكاد فؤاد صاحبه يطير


له فضل عليهم غير عرف .... سوى أن ماله مال كثير


قليل عيبه والعيب جم .... ولكن الغنى رب غفور




وقال بعض الحكماء: المال يسود غير السيد ويقوي غير الأيد:



الفقر يرزي بأقوام ذوي حسب .... وقد يسود غير السيد المال


آخر:


كم سود المال قوماً لا قديم لهم .... وأخمل الفقر سادات من العرب


وفي كتاب كليلة ودمنة: الفقر داعية الى أصحابه مقت الناس، وهو مسلبة للعقل وللمروءة، ومذهبة للعلم والأدب، ومعدن للتهمة ومجمعة للبلايا. من نزل به الفقر والفاقة لم يجد بداً من ترك الحياء، ومن ذهب حياؤه ذهب سروره، ومن ذهب سروره مقت وأوذي، ومن أوذي حزن، ومن حزن فقد عقله واستنكر حفظه وفهمه، ومن أصيب بفهمه وعقله وحفظه كان أكثر قوله وععمله قيمةً عليه لا له.

فإذا افتقر الرجل اتهمه من كان له مؤتمناً وأساء به الظن من كان يظنبه حسناً، وإن أذنب غيره ظنوه وكان للتهمة وسوء الظن موضعاً، وليس من خلة هي للغني مدح إلا هي للفقير عيب، فإن كانه شجاعاً سمي أهوج، وإن كان جواداً سمي مفسداً، وإن كان حليماً سمي ضعيفاً، وإن كان وقوراً سمي بليداً. فالموت أهون من الفاقة التي يضطر صاحبها إلى المسألة لا سيما من البخيل. قال: وكان أحيحة بن الجلاح ينزل بالمدينة، فافتقر فجفاه إخوانه وأحباؤه وجفته زوجته، ثم أنه أثرى فاستفاد نيفاً وتسعين ببراً للنخل بالمدينة وكان له نخلة على ثلاث منها. فكان يأتيها بنفسه ويسقيها ويتعهدها. فقال في ذلك:


استغن أو مت ولا يغررك ذو حسب .... من ابن عم ولا عمٍ ولا خال


إني أكب على الزوراء أعمرها .... إن الكريم على الإخوان ذو المال


والمال يغشى أناساً لا طباخ بهم .... كالسيل يغشى أصول الدندن البالي


الدندن من النبات: ما قد بليت. لا طباخ لا فائدة.وله أيضاً:


أطعت العرس في الشهوات حتى .... أصارتني عسيفاً عند عبدي


إذا ما جئتها قد بعت عذقاً .... تقبل أو تعانق أو تفدي


والسائر في هذا المعنى قول أوس بن حجر:


وإني رأيت الناس إلا أقلهم .... خفاف العهود يكثرون التنقلا


بني أم ذي المال الكثير يرونه .... وإن كان عبداً سيد الأمر جحفلا


وهم لمقل المال أولاد علة .... وإن كان محضاً في العشيرة مخولا


آخر:


إذا قل مال الرجل قل صديقه .... وأومت إليه بالعيوب الأصابع


آخر:


إذا قل مال المرء قل حياؤه .... وضاقت عليه أرضه وسماؤه


وأصبح لا يدري وإن كان حازماً .... أقدامه خير له أم وراؤه


وقال بعض الفرس: الموت شديد وأشد منه الغربة، وأشد الشدة الفقر، فإن الرجل إذا افتقر كان ضرع اللسان لا يزال يضرع فلا يقبل منه.




يتبع
.
.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)