عرض مشاركة واحدة
قديم 03-18-2013, 03:06 PM
المشاركة 112
أسرار أحمد
( سارة )
  • غير موجود
افتراضي
في أعماق المحيطات ، تلك التي لطالما نسجت حولها أروع القصص و الحكايات ، إنَّها المحيطات لكم جرت فوقها سفن البحَّارة و التجَّار و كم عدَّت جسراً يصل ما بين الدول و القارات ، نبحر في أعماقها ، لنرى العجائب و الآيات ، فالأسماك تتمايل ما بين الحشائش مختلفة الألوان، تارةٌ تلوح أسرابٌ كبيرة صفراء ، لتتبعها طويلة حمراء ، و عجباً للسمان الكبار إنَّها القرش بأسنان كالمنشار ،
ترى ما هذه الأنوار التي تضيء كالمصابيح في دجى الأيام و تزين الحشائش بأروع الأنوار .
إنَّها الدرر ما بين أفواه الأصداف التي عبَّرت عن نعاسها ففتحت أفواهها لتنير من حولها بدرها المكنون .
و ما بين هذه الآيات نسير رويداً ...رويداً ...رويداً ...
لنصل إلى قصر كأنَّه من عالم الأحلام .
أووووو....إنَّه قصر الحورية الحسناء ، حبيبة الأسماك و آخذة الدر
من أفواه الأصداف .

ترى كيف كانت حوريتنا الحسناء تأخذ الدرر من أفواه الأصداف ؟؟؟؟؟هيَّا نذهب للأسماك لنستمع إلى أروع الحكايات
ابتدأت السمكة الصفراء الحديث قائلة ، كنَّا كل يوم بعد الغداء نتسابق مع حوريتنا الحسناء ، كلٌّ منَّا في رتل ، الصفراء بلونها الذهبي ، و الحمراء بطولها الجميل ، على أنغام اصطكاك أسنان القرش بحجمها الكبير و لكنَّ ذيل حوريتنا الحسناء كان دائماً سبَّاقاً في الميدان ، لتأخذ الدرر من أفواه الأصداف تاركةً الأسماك في غيظها تكتوي إلى أن طال غيابها حتَّى ساد القلق و عمَّ في قلوب الجميع..
و بعد طول انتظار نادت الحمراء جموع الأسماك لزيارة الحورية علَّهم يعرفوا سبب غيابها الطَّويل ،
انطلقت الأسماك باتِّجاه القصر بألوانها المتنوعة لتبدو في سيرها و كأنَّها قوس قزح أطلَّ من بعد المطر،في أجمل و أبهى الحلل، و عند الوصول و بعدما استأذنوا الحارس بالدُّخول .
خالوا أنفسهم، دخلوا في بوابة الزَّمن و عادوا للعصور الوسطى ، زمن الخليفة هارون الرَّشيد و كأنَّهم، الآن في ضيافة زوجته زبيدة .
ثم بعدما هدؤوا أدركوا أنَّهم داخل قصر الحورية الحسناء .
و في قاعة الانتظار أهلَّت أخيراً الحورية الغائبة بوجهها الحزين و الكلُّ مشدود إليها لمرآها العابس التعيس ......
صكَّت القرش أسنانها محاولةً أن تعزف لحناً علَّ الجميع ينشد
أغنية يزيح بها الحزن عن وجه الحورية الحزين
ثمَّ بدؤوا بالغناء
في الأمس كانت حورية
تضحك في بحرٍ مسرورة
ماذا حدث غابت زمناً
باتت عابسة محزونة
هيَّا ابتسمي قولي حالاً
فيم الحزن يا مزيونة
صمت الجميع ورفعت الحورية رأسها ليبين عن وجهها هذا الوجه الَّذي اكتسب بياضه من حبَّات الثَّلج و هاتان العينان بالحور الذي في طرفهما و كأنَّهما نزلتا من رياض الجنان ، و بدأ الثَّغر يتكلَّم ليفصح اللسان عمَّا طواه القلب ،
بينما كنت أتنقل في أرجاء المحيطات نزلت عند كوخ قديم لأستريح بعض الوقت و غلبتني عيناي فنمت ، و إذ بي أستيقظ لأرى حورية
حورية من أجمل ما خلق الله تتقطَّر الرحمة من عينيها توقظني و تدعوني لأتناول معها كوباً من الحساء ، كان بيتها متواضع لكنني شعرت أنه مليء بالأسرار ثمَّ دعتني لأصعد معها إلى العلية
و إذ بي أرى مكتبة تربعت على أغصان الأشجار فيها ما لذَّ و طاب من أصناف العلوم و الآداب و الفنون ، فيها الاكتشافات و الاختراعات و المؤلفات و المصنَّفات و الألواح و الرسومات ، و إلى جانب العلية غرفة صغيرة تحيك بها الحورية الملابس التي تبيعها و من ريعها تغني مكتبتها بنفائس الكتب و درر العلوم و الفنون .
لم أذق في حياتي أطيب من هكذا حساء على الرغم من بساطته
شعرت بأنَّه ألذ و أطيب من الموائد الفاخرة التي تقدم كل يوم في قصري الرائع الكبير
عندها أحسست بتفاهتي .
أمضي وقتي كلَّ يوم باللعب و السباق هذا و أنا الذي تيَّسرت لي كل أسباب الحياة ، و غيري يفني أيامه بالجدِّ و العلم و العمل .
كوخٌ صغيرٌ أثمر علماً و فناً و أدباً و قصر كبير ضاعت فيه أيامي لعباً .
صاحت القرش سنبني من اليوم كوخ فاخر إلى جانب قصرك العظيم ، ندعوا إليه حوريتنا العالمة و ما أنتجته من
روائع العلوم و الآداب نتعلَّم كل يوم درساً علماً ، فنَّاً ، أدباً
و من يحرز أعلى نشاط يأخذ الدرر من أفواه الأصداف و بعدها نعود للتسابق في الميدان
تتبع