عرض مشاركة واحدة
قديم 08-21-2010, 12:34 AM
المشاركة 162
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أنطوان لافوازييه


حفيد.... السائس !

ولد"لافوازييه"في باريس يوم 6 أغسطس عام 174م وكان الابن الوحيد لوالدين مقتدرين .وقد ماتت أمه وهو لايزال صغيرا فكفله أبوه وعمته العانس.
وكان "لافوازييه" يتمتع بنعمة العبقرية ولكنه قاسى من لعنة الثراء . فقد قادته عبقريته الى المجد وقاده ثراؤه الى الموت.وكان أسلافه قد ارتقوا من الحضيض الى القمة , ذلك أن جد جده لأبيه كان سائسا في الاصطبلات الملكية .
أما والده فكان مشرعا قانونيا لبرلمان الفرنسي.وقد أعد " أنطوان" الشاب نفسه للمحاماة مثل والده , على أن اهتمامه كان يتجه الى العلم فقد كان يفضل البحث والتنقيب على الدفع والتقاضي.

وقد بلغ من استغراقه في تجاربه العلمية أنه كان حتى وهو طالب صغير قد ابتعد بنفسه تماما عن اللهو الطائش الذي ينغمس فيه المجتمع , وكان يعتذر عن الصلات الاجتماعية بدعوى أنه معتل الصحة .
ولم يكن هذا الاعتذار مجرد حجة لا أساس لها , فقد كان يعاني فعلا من سوء الهضم المزمن وكانت الشهور تمر وهو لا يتغذى بغير اللبن , ونصحه أصدقاؤه بأن يقلل من العمل ويزيد من التريض .

ووافق لافوازييه على عرض يمكنه من أن يجمع بين التريض والعمل . فقد دعاه الجيولوجي الشهير "جان جيتار" الى المساهمة في انشاء أطلس تعديني لفرنسا . وكان ذلك يعني فرصة للسفر والتنقل , وكان "لافوازييه" متشوقا لاقتناص تلك الفرصة.


ادارة .... المساحيق!

كثيرا ما كان "لافوازييه" يضطر الى وقف أبحاثه عندما تدعوه الحكومة لأن يقدم لها المساعدة الفنية
. ودعته الحكومة ذات يوم للعمل على حل مشكلة النقص في البارود . فقد كانت فرنسا تشكو من نقص ملح نيترات البوتاسيوم , وهو أحد المركبات الأساسية في صناعة البارود , وكانت تنتجه احدى الشركات الاحتكارية بطريقة غير فعالة . وقد طلب مراقب عام المالية مشورة "لافوازييه" الذي اقترح أن تؤسس الحكومة ما اسماه "ادارة المساحيق !" . وقد عين لافوازييه نفسه أحد أربعة مديرين لهذه الادارة , وقد استطاع خلال سنوات ثلاث أن يرتفع بانتاج فرنسا السنوي من البارود الى حد كبير . ومما هو جديربالذكر أن جهود "لافوازييه" هذه قد ساعدت على نجاح الثورة الأمريكية , لأنه لولا البارود الذي أمدت به فرنسا الثوار لتغيرت نتيجة الثورة !.

موظف...حكومة!

تخللت الفترة التي قضاها "لافوازييه" في ادارة المساحيق تجربتان تدلان على مدى ما يتعرض له العالم الذي يعمل في خدمة الحكومة , ففي أحد الأيام كان " لافوازييه", ومعه زوجته وثلاثة من مساعديه , يجرون تجربة على ملح كلورات البوتاسيوم لدراسة امكانية استخدامه كأحد المفرقعات فحدث انفجار في المعمل أدى الى وفاة اثنين من الحاضرين , وقد نجا لافوازييه من موت محقق وزوجته .

"
اذا تكرمتم , يا سيدي , بعرض أمر هذا الحادث المؤسف على الملك والأخطار التي تعرضت لها , فانني أرجوكم أن تنتهزوا هذه الفرصة لكي تؤكدوا لجلالته أن حياتي فداء له ولفرنسا وأنني سأكون دائما على استعداد للتضحية بها لما فيه المصلحة العامة , اما بتكرار العمل على المادة المفرقعة ذاتها أو بأية وسيلة أخرى ". تلك عبارات "لافوازييه" التي أبلغ بها وزير الملك عن حادث الانفجار , وهي تنم عن نبل أخلاقه واستعداده للتضحية والفداء.

أما التجربة الأخرى فكانت سياسية , ففي عام 1789م عندما استولى الثوار على "باريس" , قررت ادارة المساحيق أن تشحن مازنته 10000 رطل من البارود الصناعي الردئ الى خارج المدينة لاستبداله بنوع أفضل واستدعى المحققون المديرين , الا أن صيحة الرأي العام للمطالبة باعتقال " لافوازييه" لم تخفت الا بعد عودة شحنة البارود الى دار الصناعة .

صاحب بالين ...!

لم يكن "لافوازييه" صاحب بالين وانما كان صاحب ثلاثة ! . ومن هذه الاهتمامات كانت مأساته :
عمل" لافوازييه" ,بالاضافة الى أبحاثه , ملتزم ضرائب . وقد قابل أثناء عمله هذا "ماري ان بيريت " وكانت في الرابعة عشرة من عمرها وهي ابنة كبير الملتزمين " جاك بولز " وتزوجها وكان عمره آنذاك ثمانية وعشرون عاما .


"لافوازييه وزوجته "

ومع أن زواج "لافوازييه" كان من ترتيب والد زوجته حتى لاتقع ابنته تحت ضغط الجهات العليا التي كانت ترغب في زواجها من كونت عجوز فاسد الأخلاق , الا أن الأيام أثبتت أن زواج "لافوازييه" من هذه العروس الطفلة كان ناجحا وسعيدا .

بدات ماري في تعلم اللغتين اللاتينية والانجليزية لترجمة الأعمال العلمية لزوجها الذي كان قليل الالمام باللغات الأجنبية . وترجمت له كتابين هامين للعالم الكيميائي الايرلندي "ريتشارد كيروين" , وأعدت موجزا لأبحاث نشرها "جوزيف بريستلي" و"هنري كافنديش" وغيرهما من علماء الكيمياء المعاصرين لذلك العهد . وجعلت ماري من منزلها مكانا يؤمه العلماء الأجانب والفرنسيون , كما كانت فنانة موهوبة ترسم اللوحات لكتبه , فضلا عن أنها سكرتيرته وذراعه اليمين .

وبعد اعدام " لافوازييه" كتبت وطبعت كتابه الأخير "
مذكرات في الكيمياء" وهو الكتاب الذي كان قد جمع مادته في السجن ولكنه لم يكمله . ويشق علينا هنا أن نذكر أن تلك الزوجة الوفية المشاركة قد كوفئت على عملها أسوأ مكافأة . وذلك لزواجها التعس الذي لم يدم طويلا من الكونت "رامفورد" , وكان "رامفورد" هذا عالما متميزا ومخترعا مشهورا الا أنه كان أيضا مغامرا لا يبارى ووصوليا كبيرا.
ولكن ما السبب في إعدام "لافوازييه"؟
كان السبب الجزئي هو العمل الذي أوجده له صهره , كبير الملتزمين , فقد أصبح لافوازييه بهذا العمل يشغل باله بوظائف ثلاث : عضو المجمع العلمي , مدير الترسانة , ملتزم ضرائب.
وتضافر مع هذا السبب سبب آخر....