عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
15

المشاهدات
4579
 
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي


محمد جاد الزغبي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,179

+التقييم
0.18

تاريخ التسجيل
Jan 2006

الاقامة

رقم العضوية
780
06-04-2019, 01:42 AM
المشاركة 1
06-04-2019, 01:42 AM
المشاركة 1
افتراضي * الرحمة الكاذبة والعدل الكاذب
[justify]
الرحمة الكاذبة والعدل الكاذب

بالطبع يبدو العنوان غريبا بعض الشيئ , فهل يمكن أن تقترن أوصاف الرحمة والعدل والورع مثلا , بالكذب ..
لا سيما وأن المقصود من هذا الوصف ليس مفهوم النفاق , بمعنى أن يظهر الإنسان نفسه أنه رحيم أو عادل وهو ظالم قاس ,
لا , ليس هذا المقصود قطعا
بل المقصود بالفعل أن يكون الإنسان فى قرارة نفسه رحيما وعادلا وورعا , وفى نفس الوقت تكون هذه الأوصاف كاذبة , لا حقيقة فيها , وحل اللغز يكمن فى الحكمة الشهيرة
( إذا زاد الشئ عن حده انقلب إلى ضده )
وهذه الحكمة من نوادر حكم العرب التى تميزت بالعبقرية , فهى حكمة تثبت عبقريتها كل يوم وفى كافة المجالات تقريبا ,
فأى شئ ــ مهما كانت قيمته بين الفضائل ــ من الممكن أن ينقلب إلى رذيلة هائلة إذا زاد عن حده ..
فالرحمة إذا زادت عن حدها فهى ميوعة وضعف فضلا على كونها تنقلب إلى قسوة وحقارة وظلم إذا مورست فى غير موضعها ومثال ذلك من يتباكى على إعدام القاتل السفاح باعتبارها قسوة ويتناسي الجريمة العظمى التى أفضت به إلى عقوبة القتل وكيف أن الإعدام عندئذ هو قمة الرحمة بالمجتمع كونه يردع السفاحين عن القتل ويحمى المجتمع من تفشي القتل والنهب كظاهرة عامة ,
والعدل إذا زاد عن حده انقلب ظلما فاحشا وذلك عندما يساوى الإنسان فى حكمه بين كافة الناس دون مراعاة أمر هام جدا اسمه الظروف القاهرة المختلفة من شخص إلى آخر
بل دعونا نصل إلى أبعد مدى ونتكلم فى فضيلة وعبادة ( التوحيد )
أظن أنه لا يوجد على وجه الأرض فضيلة تعادل فضيلة التوحيد , وعبادة تعادل تلك العبادة التى افترضها الله على خلقه كافة منذ بدء الأكوان ,
ومع هذا هناك من يمكن أن يتطرف فى التوحيد فينقلب التوحيد إلى الشرك الصريح ,
فهناك فى التاريخ من تطرف فى مفهوم التوحيد التى يعنى الإعتماد على الله وحده وعبادته وحده بدون أى وساطة من المخلوقات , فوصل به الأمر لرفض الإيمان بالرسل والأنبياء , وذلك باعتبارهم وساطة بشرية بينه وبين خالقه !!
فهذا التطرف هو بعينه ما يفسر لنا ظهور الأفكار العجيبة المرضية التى نستمع إليها من حين إلى آخر من شخصيات تثير غيظ وحفيظة أى إنسان عاقل , ولعل أبلغ الأمثلة على ذلك من رفض أن فكرة ذبح الحيوانات وعاش نباتيا تحت تأثير مفهوم الرحمة والرفق بالحيوان !! , وعلى اعتبار أن ذبح الحيوانات وأكلها هو من قبيل القسوة والوحشية والسادية !
ولست أدرى أين عقول أصحاب الرحمة الكاذبة فى هذا القول , ولماذا لم يطبقوا هذا المبدأ على إطلاقه ويمدوا الخط على استقامته ,
فهم بموجب قولهم هذا أشخاص نباتيون أى أنهم يأكلون مما تنبت الأرض , والنباتات هى مخلوقات حية بالطبع , ومع هذا فهم يقبلون بقطعها وإنهاء حياتها والإستفادة بثمارها وأعوادها دون أن تنتابهم تلك الرحمة بهذه النباتات المسكينة التى يستخدمونها كطعام وكعطور وألوان وما إلى ذلك من أنواع الرفاهية التى تعتمد على قتل النباتات ,
فلماذا لم يقولوا عندئذ أن قتل النباتات وحشية
وقد تمادى أصحاب الرحمة الكاذبة فوجدناهم يزايدون على الله تعالى بجلاله وسلطانه ويأخذون مكانه , فيرفضون مبدأ وجود النار ــ نعوذ بالله منها ومن أهلها ــ تحت مبدأ أن هذا العذاب الرهيب لا يتناسب أبدا مع جرائم الدنيا مهما بلغت باعتباره عذابا دائما ومستمرا !!
فهؤلاء الناس المغيبة عقولهم وقلوبهم يزايدون على أنفسهم قبل أن يزايدوا على الله , لأنهم لو تعرضوا مثلا لجريمة قتل أو اغتصاب أو سرقة تخص أهلهم ستجدهم أول المنادين بحرق المجرمين الذين أحرقوا قلوبهم !!
وسبحان الله العلى العظيم الذى قال فى محكم كتابه
[وَلَوِ اتَّبَعَ الحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ] {المؤمنون:71}

[/justify]