عرض مشاركة واحدة
قديم 01-17-2011, 01:12 AM
المشاركة 21
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


هل تعتقدين أن المرأة الكاتبة مطوّقةٌ بالبناء اللغوي الذي ينوء تحت ثِقل المجتمع البطريركي، أم أن المرأة تستخدم ذات البنية "الذكورية" بنفس الكفاءة لكن فقط عبر طرائق مختلفة عما يقدمها الرجل؟



أنت تجعلني أشعر أنني من طراز عتيق جداً! مثل هذا السؤال لم يكن مطروحاً ولا يمكن تصوره في زمني. كم أنا سعيدة أن حركات التحرر النسائية قد قطعت خطوات واسعة حتى للآن!


حين كتبتُ عن حق المرأة في المساواة، لم يكن هذا المصطلح (الفيمينزم-
feminism) قد صُكَّ بعد لأفيدَ منه، ولم أفد أيضاً من "جوليا كريستيفا" أو " هيلين سيكسوس".



بالرغم من هذا أفترضُ أنني كنت أفكر في الطرائق التي من خلالها يتكلم الرجال والنساء حول أغراضهم المشتركة. تأمل "الخروج في رحلة بحرية "، روايتي الأولى، حين كانت مسز آمبروز تتكلم بينما زوجها يكتفي يقول: "هراء، هراء". وحين كان تيرينس وراشيل يحاولان أن يتعلما اللغة التي يتحدثها العشاق فيما بينهم، غير أن كليهما بدا معوّقاً ومشوّشاً للآخر. الجنس والنشاط الجنسي بدا كمناطق محرمة (تابوو) بالنسبة لي، أو موضوعات لا يجوز الخوض فيها من قِبلي حتى بدت شخوص رواياتي وكأنهم أحياناً يتكلمون من عوالم متوازية.


إنها رواية جديرة بإعادة النظر إليها مجدداً. حين أنظر إليها بعد سنوات طويلة من كتابتها، أعتقد أن بها بقاع لامعة ومناطق أخرى تجعل وجنتيّ تشتعلان خجلاً. ولكن بوجهٍ عام أعتقد أن راشيل كانت بصدد شيء ما، وفي طريقها لتحقيق هدف مهم، لأنها كانت المواجهة الحاسمة للإشكالية: كيف تتعامل مع المسألة الجنسية وتفصح عنها في ظل مجتمع بطريركيّ حتى النخاع.


في رواية "ثلاثة جنيهات" كنت غاضبةً جداً إذ أكتب عن توغّل البطريركية. ليس فقط البطريركية التي تمارس على النساء لكن على الرجال أيضاً، الذين بدوا لي وكأنهم يفقدون حواسهم ووعيهم حين يضطلعون بوظائف سلطوية في المجتمع.
لهذا بصدق، أزعم أن الإشكالية تكمن في الخلاف والتباين بين لغة القوة والسلطة في مقابل لغة الإحساس والعاطفة، أكثر مما تكمن في الخلاف والتباين بين لغة الرجل ولغة المرأة. أظن أن تلك الفكرة كانت محور "غرفة يعقوب" أيضا.


مستر ومسز رامساي في ( صوبَ المنارة)، كان لدى كلٍّ منهما أيضاً بنية لغوية متباينة وخطاب مختلف: هو أفكاره محصورة داخل قضبان قفص، بينما هي تتكلم لغة العاطفة وتشغلها جماليات العاطفة. ولأنه كان طامعاً في القوة والنفوذ اقترب جداً من السلطة الملكية، بينما هي ظلت متخففة من الأسر في منظومة ما وظلت مستقبلةً تفعّل حدسها وحسب بعيداً عن دائرة نفوذه.


إذا شئت الحديث عن تأثيري في حركات التحرر النسائية (الفيمينيزم، أشعر بالفخر حين يقول الناس أنني نشّطت إحدى تلك الحركات)، وأيضا عن تأثير الفيمينيزم على تأويلات وترجمات أعمالي، تجد مقالاً حديثاً وجميلاً ربما احتجت أن تلقي عليه نظرة. هذا المقال كتبته لورا ماركوس وعنوانه "فيمينيزم وولف، ووولف الفيمينيزم" .

وهو ضمن كتاب حررّته سو روو، بالاشتراك مع سوزان سيللر، وعنوان الكتاب "رفيق كامبريدج إلى أعمال فرجينيا وولف"، عن مطبوعات جامعة كامبريدج 2000. هذا الكتاب يستخدم كافة المصطلحات الجديدة ولهذا فهو معاصر جداً. آمل أن تجد إجابات أخرى حول هذا الأمر هناك.




حين استقر في يقينك أنك ذاهبة إلى الجنون، ماذا كان شعورك تجاه هذا، وماذا كانت ردة الفعل؟



للأسف دخلت للجنون بالفعل مرات عديدة وليس مرة واحدة، (كان مرضاً عقلياً على كل حال).

المرة الأولى كانت بعد موت أمي، ويمكنكم أن تتخيلوا إلى أي مدى كان اضطرابي وتأزمي وقتها. كانت مرحلة عصيبة ومشحونة للغاية لأن كل العائلة كانت غارقة في الحزن. كنت أشعر أنني على غير ما يرام، كانت حالتي تسوء ونبضي يتسارع، وقلبي يضرب في قوة، لم أكد أتحمل هذا. ولهذا أوقفوا دروسي ولكنهم أيضاً أوقفوا كل الأشياء التي أحببت.


من ردود الفعل أنني بدأت أخشى الآخرين، وكنت أحمر خجلاً إذا ما كلمني أحد. وكان ما فعلته حيال هذا الأمر هو جلوسي في غرفتي وقراءة أكداس من الكتب حتى بدأت أتحسن. على الأقل حين غدوت كاتبة أفدت جداً من القراءات الكثيرة التي قرأتها.


وعادة ما كان يدفعني للوقوع داخل براثن المرض مجدداً وقوع شيء سيئ. ولابد أن أعترف أنني أحببت القراءة وأنا في حال جيدة عما كنت أقرأ بينما أنا مريضة.. أتمنى لكم أن تنعموا بحياة سعيدة لتستمتعوا بالقراءة.




لماذا أقدمتِ على إغراق نفسك في النهر؟




لقد انتحرت لأنني بدأت أسمع أصواتاً من جديد، وكنت أعلم أنني لن أستطيع مواجهة أية انهياراتٍ جديدة.

لكن عن: لماذا أغرقت نفسي، فلست متأكدة الآن من السبب. لا أعتقد أنني فكرت ملياً في الأمر قبل الإقدام على هذه الخطوة.

بالتأكيد هناك إشارات عديدة (للبحر) في كتبي، ودائما ما كان البحر شيئاً أوليّاً وأساسيّاً بالنسبة لي حيث كنت أستمع إلى صوت الأمواج فيما تتكسر وأنا في فراشي في مرحلة طفولتي الأولى في بيتنا الصيفيّ في سانت آيفيز.



كتبت قصتين مبكرتين عن الغرق ، تراجي-كوميدي، بعنوان "مأساة مروّعة في داكبوند" والأخرى في عام 1903 "قصة امرأة غارقة"، التي تخيلتها نفسي. لكنهما في الواقع لما يتعديا الكتابات التجريبية.


أغرقت نفسي في نهر "أووز" . أظنني رأيت في هذا حلاً فورياً وسهلاً، لأنني استطعت الخوض داخل المياه بمجرد المشي إلى حيث أسفل حديقتنا في بيت الرهبان (منزلنا في سُسيكس).

كان هذا أفضل من أن أخنق نفسي بالغاز في جراج، تلك الميتة التي قررت أنا وزوجي ليونارد أن نموت بها في حال غزو الألمان ( تذكروا، كان هذا في عام 1939 مع بداية الحرب العالمية الثانية، وكان زوجي يهودياً. فقررنا أن نفتح الغاز علينا سوياً حال حدث الغزو).


كان هذا شيئاً أحمقَ بالفعل. لو كنت عشت لكنت سأرى أن الألمان لم ينجحوا في الغزو، وكنت سأرى زوجي وقد نجا من الحرب، وكنت سأرى روايتي "بين فصول العرض" وقد طُبعت. كان الغرق بالتأكيد شيئاً يجب تجنبه.




كيف انتحرتِ؟



أشعر بالعار أن أقول أنني أغرقت نفسي في نهر أووز. وهو نهر يجري حتى أسفل الحديقة في منزل الرهبان حيث كنت أعيش مع زوجي ليونارد في سُسيكس.


حين أنظر إلى الوراء الآن، أرى حمق تلك الخطوة. كنت أظن أنني أنقذ زوجي وشقيقتي وأرفع عنهما عبء مساعدتي في مرضي الوشيك، لكنني بالتأكيد قد تسببت في إيلامهما أكثر جراء فعلتي.


أما عن كيف انتحرت، فقد أثقلتُ جيوب ثوبي بالأحجار ودلفتُ إلى النهر ببطء حتى انتهت قامتي وانتهت حياتي. تجدون مشهد موتي مصوّراً كتابياً وسينمائياً في فيلم سيفوز بأوسكار عام 2002، انتحرتْ عني في الفيلم الحسناء نيكول كيدمان.




هل استخدمتِ شخصية "سبتيمس سميث" كأداة لنقد التوجهات الاجتماعية تجاه الخلل العقلي انطلاقاً من معاناتك الخاصة من مرض الاكتئاب باي-بولا Bi-pola ؟



ما هو اكتئاب باي-بولا؟ يجب أن أعترف أنني لم أسمع به من قبل (تذكروا أنني مت عام 1941، ومرض الاكتئاب لم يكن له كل تلك الأسماء آنذاك).


بالتأكيد كنت أحب دوماً انتقاد النظام الاجتماعيّ الذي اعتاد أن يعامل المرضى العقليين (بخاصة المصابين بصدمة القذائف الحربية وهو المرض الذي كان يعاني منه سبتيمس)، على نحو ازدرائي وجاهل.


أحد أهم محاور رواية "مسز دالواي" كان (الطبقية الاجتماعية)، وكان الأطباء المعالجون لسبتيمس من الطبقة الوسطي التي تقلد الطبقة الأعلى وتترفع على من هم دونهم، حتى على هؤلاء الذين يدفعون لهم أتعابهم من أجل العلاج.


كانوا يتصورون أن المرض العقلي هو شيء من عدم التحكم الجزئي في النفس، وهذا التصور محض هراء طبعاً. الأمور الآن دخلت في مناطق التنوير، هكذا أخبروني.


لم أعرف مطلقاً اسماً للمرض الذي كنت أعاني منه. كنت أشعر أنني مغمورة بشيء يدقُّ بعنف داخل مخي: مثل اصطكاك أجنحةٍ في رأسي، هكذا وصفت إحساسي يوماً.




كنت أشعر به مثل مرض عضويّ أكثر من كونه شيئا يشبه الحزن أوالقلق. أحد الأطباء قال أن الأمر يعود إلى إحدى الغدد الموجودة في مؤخرة العنق، وبقية الأطباء بدوا وكأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون.


وعلى هذا أعتقد أن أفضل إجابة على تساؤلك هي: نهلتُ من خبرتي الخاصة في تجربة مرضي العقلي للكتابة عن سبتيمس و"صدمة القذيفة" التي أصابته، لأرسم كيف كان الناس متحاملين على المرضى العقليين في تلك الأيام وعن مدى الجهل في التعامل معهم، اجتماعياً أكثر منه طبيّاً.



يتبع
.
.
.


هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)