عرض مشاركة واحدة
قديم 11-10-2011, 01:21 PM
المشاركة 27
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
حوار مع الروائي المصري يوسف القعيد: يعيش ليحكيويكتب
سلوى اللوباني من القاهرة: الكاتب الصحفي يوسف القعيد ينتمي الى جيل الستينيات الادبي، الجيل الذي قدم للقراء اجمل الاعمال الادبية واكثرها ثراءً، مكانته الادبية مترسخة على الساحتين المصرية والعربية من خلال اعماله الروائية القيمة التي تعكس همه الاساسي وهو المشاركة الفعالة في قضايا وطنه، له العديد من المقالات في الصحف العربية، شغل في مجلة المصور عدة مناصب من محرر الى نائب رئيس التحرير الى ان حصل على اجازة منذ عام 2000 فهو يعد لرواية ضخمة تتحدث عن قريته وحياته، وله مقالة اسبوعية في جريدة "الاسبوع"، يوسف القعيد انسان متواضع جداً، ملتزم ودقيق في مواعيده، يتمتع بروح النكتة، واكثر ما يجذبك اليه هو طريقته في رواية الحكايات، فلديه الكثير من الحكايات، وكل سؤال عنده له حكاية تعبر عن رأيه وفكره، دار الحوار مع يوسف القعيد حول الثقافة والمثقفون بمناسبة مؤتمر اتحاد الكتاب الذي اقيم في مصر مؤخراً، والجدير بالذكر ان يوسف القعيد قدم كلمة الاديب العالمي نجيب محفوظ في الحفل.
* قال الامين العام للجامعة العربية في افتتاح مؤتمر الكتاب لعام 2005 ان الثقافة "وصلت الى السطحية والتخلف"، بينما وصلت الى الذروة في عهد جمال عبد الناصر كما ذكرت في كتابك "عبد الناصر والمثقفون والثقافة" برغم كل ما يقال عن الاجراءات الاستثنائية وقمع الحريات؟
- كان هناك ادراك لأهمية المثقف في عهد جمال عبد الناصر، كان جمال عبد الناصر مهتم بالثقافة والمثقفون، وسأروي لك حكايتين، الاولى أنه كان من عادة جمال عبد الناصر عندما يسافر الى خارج مصر، ان يفتح الراديو على القاهرة، ولفت انتباهه صوت مطربة جديدة اسمها عفاف راضي، وشعر بانها موهبة وصوتها (فيه حاجة من صوت المطربة فيروز)، فاتصل بالصحفي محمد حسنين هيكل (وزيراً للاعلام) قائلاً "فيروز مطربة عظيمة واللبنانيين يستحقونها، وعفاف راضي تصلح لان تكون فيروز مصرية"، فطلب الاهتمام بها وتوفير الملحنين لها، والحكاية الثانية هي عند زيارته جريدة الاهرام وقابل الاديب نجيب محفوظ فسأله (ازاي الحسين وأهل الحسين بتوعك)؟ انا لم أقرأ لك شيئاً منذ فترة، واجاب "هيكل" غداً ستصدر رواية جديدة لنجيب محفوظ. هذا يدل على اهتمامه بالثقافة وحرصه على المتابعة والتقييم، فهو كحاكم عربي اهتم بالبحث عن صوت آخر بالرغم من ان تلك الفترة توفر لديه ثلاثي بنفس الحجم والقيمة لم يجتمع منذ ايام الخديوي اسماعيل وهم محمد عبد الوهاب، ام كلثوم، عبد الحليم حافظ، ومع ذلك كان جمال عبد الناصر مهتم بالبحث عن صوت جديد ذو قيمة، وبالرغم من الاعتقالات التي حصلت في عهده ( وأنا ضدها وضد اعتقال حرية اي انسان) انما كان هناك ازدهار ثقافي، ولم يكتب حرف ادبي شعراً او نثراً او قصة او مسرحية ومنع من التقديم او النشر في عهد جمال عبد الناصر، فهو كان مهتم بفكرة ودورالثقافة ودور المثقفين، وهناك حكاية اخرى على اهتمامه بدور ومكانة المثقف ففي عام 1969 قام الادباء العرب بزيارة لمصر بعد هزيمة 5 يونيو للاجتماع، وهو الذي تمخض عنه فكرة معرض القاهرة الدولي للكتاب، لدعم مصر في مواجهة العدوان الصهيوني، وتفاجئوا بوجود جمال عبد الناصر بينهم جاء للاجتماع بهم.
* هل تعتقد بالفعل ان الكاتب مؤثر في المجتمع؟
- الكاتب هو ضمير المجتمع ومرآته وجرس الانذار الخاص به، فهو ينذر مجتمعه بالاخطار قبل أن تأتي، أي عندما يقول شيئاً يحدث تاثيراً لدى الناس، ومر الكاتب في مجتمعنا بثلاث مراحل وهي المشاركة، ومن ثم التبرير، ومن ثم المشاهدة (الفرجة)، ونحن الان مشاهدين ليس لنا أي تأثير، حالياً نعاصر أهم كاتبين، وهما الاديب نجيب محفوظ والصحفي محمد حسنين هيكل، بالاضافة الى فاتن حمامة كفنانة، ويوسف شاهين كمخرج وبالرغم من ذلك لا يوجد تأثير لاي منهم على الناس، بمعنى لو قام أحدهم بالتواجد في أي مكان على سبيل المثال في (ميدان التحرير) ليقول شيئاً، لدي شك ان يستمع لهم أحد أو يتأثر بكلامهم.
* لماذا؟
- لاننا في مجتمع الامية فيه مرتفعة جدا، ولا يوجد قراءة وحتى القارئين أميين، حتى الشباب الحاصل على شهادات جامعية يعاني من أمية حقيقية، أمية ثقافية، سياسية، فكرية، أمية مواقف، فهو غير مستعد ان يتخذ موقف ما تجاه قضية معينة، مجتمعنا لا يحترم المثقف لمجرد انه مثقف، فمثلاً يوسف السباعي كانت مناصبه أهم من ثقافته، احسان عبد القدوس كذلك، عبد الرحمن الشرقاوي، فتحي غانم، كانت مناصبهم أهم (100 مرة) مما يكتبونه، ومع تعريفي للمثقف( وانا شديد الحرص على هذا التعريف) هو الانسان الذي يهتم بالقضايا العامة التي لا تشمله شخصياً، فالمثقف ليس بالشهادة الجامعية، ولا (بفك الخط) ولا باجادة لغة اجنبية، المثقف شخص يحمل هموم وطنه بداخله، فأنا شخصياً في عهد السادات، لم يكن لدي مشكلة شخصية ولكن وطني كان يعاني من مشاكل عديدة، فقدمت أعمال روائية تعبر عن هذه المشاكل، هذا المثقف (بمفهومي) لم يعد له اعتبار أو وجود.
* هل برأيك من الضروري ان ينتمي الكاتب لفكر معين؟
- يمكن للكاتب ان لا ينتمي أو ينتمي لفكر معين، ومع ذلك لا أدين الكتاب وهم كثر الان الذين لا يحملون فكر معين، فمنهم من يكتب لمجرد متعة الكتابة اي المتعة الشخصية.
* هل يمكن القول بانه بسبب عدم انتماء الكتاب الحاليين لفكر معين أدى الى تراجع الثقافة وتأثيرها؟ فمعظم جيل الستينيات وأنت منهم كانوا ينتمون الى فكر معين؟
- قد يكون احدى الاسباب، فمن الافضل الانتماء لفكر معين، وبالنسبة لي أقاوم أمران اساسين، الاول "ان الافكار لم تعد تصلح في الواقع"، فالواقع الآن واقع مصالح، لم يعد هناك افكار بل مصالح، لذلك انا اقاوم الفكرة التي تقول أن الفن يجب ان يكون للمتعة فقط اي لا يوجد من خلاله رسالة، هي فكرة خاطئة لانها تقوم بتخصيص الكتابة بمعنى ان اكتب دون ان يكون لدي قضية تحركني، والامر الثاني بالنسبة لكاتب مثلي يقوم عمله بالرهان على القراء، اكتب حتى يشعر الناس بان هناك خللا ما لادفعهم الى تغييره، فأنا أقاوم فكرة انصراف القراء عن القراءة ومستمر بالرهان عليهم، حتى لو انصرفوا عني فهو انصراف مؤقت، ولكنهم سيعودون مرة ثانية للقراءة.
* اذن انت متفاءل؟
- لا انا لست متفاءل، بل انا متشاءم جدا ولكني اخاطب نفسي بهذه الافكار لاشجع نفسي على الاستمرار بالكتابة، فبديل الكتابة عندي هو الجنون، لذلك اقول لنفسي ان القراء اذا انصرفوا لفترة سيعودون ثانية.
* ولكن بشكل عام هل ترى ان التراجع الثقافي الذي نعاني منه الان هو مؤقت، هل ستزدهر الثقافة من جديد؟
- الواقع كلما تدهور ووصل الى مرحلة ما بعد المأساة ينتج أدباً أفضل، فالازدهار وغياب المشاكل ورضا الناس عن حياتهم لا ينتج أدباً، ولكنني مندهش لأننا في حالة انهيار لم يحدث سابقاً ومع ذلك لم ننتج أدباً، في حين انه في عهد جمال عبد الناصر كان هناك بناء ومشروع أنتج أدباً، فمن المفروض ان يكون انتاج الادب الان أفضل مما أنتج في عهد جمال عبد الناصر، لانه كلما انهار الواقع كلما ادى الى ابداع ادبي أكثر، ولكن للاسف الشديد الواقع ينهار كل لحظة ومع ذلك لا يؤدي الى ابداع ادبي جديد، والواقع تخطى قدرة الروائيين للكتابة عنه، الواقع تجاوزنا تماماً، ومع ذلك ما زالت كتباتنا اقل بكثير مما كان ينشر في الستينيات.
* بمعنى هناك لوم على الكاتب؟
- لا فالمجتمع نفسه قد تغير، والمجتمع الذي كان يعتبر المثقفين رموزاً أساسية فيه قد تغير وتغير تماماً.
* ولكن هناك رأي يقوم بالقاء اللوم على الكاتب بما يخص عزوف الناس عن القراءة واهتمامهم بالثقافة، فالكاتب يكتب بعيداً عن هموم المواطن الحقيقية او يستخدم لغة لا يفهمها الانسان البسيط؟
- قد ينطبق على الجيل الجديد من الكتاب، فأنا لا أكتب بهذه الطريقة بالعكس أنا قريب من هموم المواطن وأكتب بشكل مبسط ولدي توسع في استخدام اللغة العامية، انما الجيل الجديد من الكتاب لديهم تغريب وابتعاد عن واقع الناس، بل يهدفون الى رفع الناس الى مستواهم وليس العكس، وأيضاً لا يوجد مبرر لدى الناس للعزوف عن القراءة فاذا لم تنل اعجابهم الكتابات الجديدة بامكانهم قراءة أدبنا القديم، فهناك طه حسين، العقاد، توفيق الحكيم، نجيب محفوظ وغيرهم، يمكن قراءة الادب الكلاسيكي المصري والعربي، فأحمد شوقي لم يقرأ جيداً، وصلاح عبد الصبور أهم آخر شاعر مصري لم يقرأ جيداً أيضاً، أوروبا ما زالت تقرأ أدب القرن التاسع عشر، تقرأ كتب بلزاك ودوستفسكي وغيرهم.
* أي من روايتك أثارت جدلاً واسعاً؟
- رواية "يحدث في مصر الان" رفض الناشرون طبعها أو نشرها، لذلك قمت بطبعها على نفقتي الخاصة، ولم أكن أملك المال لذلك قمت ببيع ايصالات للناس لاحصل على ثمن طباعتها، وبعد الانتهاء من بيعها أعدت الاموال لاصحابها، وبالطبع كانت طبعة رديئة جداً، ولكنها طبعت مرة أخرى في الوطن العربي بطبعة جيدة، ورواية "الحرب في بر مصر" عام 1977 منعت في مصر على الاقل 7 سنوات، صدرت في لبنان اولاً ومن ثم فلسطين الجزائر العراق، وصدرت في مصر عام 1985، وقد تعثر تحويل الروايتين الى اعمال سينمائية بسبب الرقابة حتى عام 1990، وآخر رواية لي هي "قسمة الغرماء" صادرة عن دار الساقي في لبنان ولندن، ممنوعة في كل المعارض وآخرها معرض الكويت الدولي، فهي تناقش العلاقة بين المسلمين والمسيحين، فكل ما يدور حول الجنس، الدين، السياسة ممنوع الكتابة عنه فماذا تبقى لنكتب عنه؟
* مرة اخرى اعود لسؤالك هل انت متفاءل بازدهار الثقافة؟
- لكل انسان هدف في الحياة وهدفي البحت هو المعرفة، القراءة والكتابة (أي تشغيل عقلي)، فأنا يجب ان اقنع نفسي بأن غداً أفضل من اليوم، بمقولة " أن أجمل الأيام هي التي لم نعشها بعد"، وان بكرة (غداً) قد يكون أفضل من اليوم، أنا أقول أن بعد بعد بعد بكرة قد يكون أفضل من اليوم، كل هذه محاولات لاقناع نفسي بأن الازدهار قادم، لأن الانسان اذا قرأ قوانين الواقع جيداً سيفعل كما فعل سعد زغلول (يدخل القبر ويقول شدي اللحاف مافيش فايدة)، وانا لا أريد أن أصل لهذه المرحلة.
* وهنا كان وقت الحوار قد قارب على الانتهاء بانتهاء أسئلتي، فالكاتب يوسف القعيد على موعد للقاء أديبنا العالمي نجيب محفوظ وكما ذكرت سابقاً التزامه ودقة مواعيده، فوجهت له الاسئلة التالية من باب الفضول...
* هل لديك طقوس معينة للكتابة؟
- اعمل من الساعة 5-11 صباحاً، ولا يعني ذلك بانني اكتب يوميا لمدة 6 ساعات، ليس بالضرورة ان يكتب الكاتب يومياً، فيمكن أن اقرأ، أو أشغل نفسي بقضايا مرتبطة بالعملية الابداعية، فالذي يقول انه مسيطر على العملية الابداعية سيطرة كاملة غير مبدع، والذي يدعي ان الوعي الخاص به هو الذي ينجز العملية الابداعية كلها فهو ايضا غير مبدع، فاحيانا اللاوعي يقوم بحل مشاكل كثيرة في العملية الابداعية، التعمد في الابداع يؤدي الى خروج جثث وليس شخصيات حية، مسألة الابداع فيها قدر كبير من اللاوعي وفيها قدر كبير من الاحتشاد.
* ما حكاية اسمك؟
- في رواية "مرافعة البلبل في القفص" ذكرت حكاية اسمي بالتفصيل، اسمي الحقيقي محمد و يوسف هو اسم والدي، وكان علي الاستجابة لطلب اختصار اسمي من ثلاثي الى ثنائي، فاخترت اسم يوسف، ولالجدير بالذكر أن أول ثلاث روايات صدرت لي كانت باسم "محمد يوسف القعيد".
* توصف عادة بالحكاي، حكاياتك كثيرة ولا تنتهي، لماذا؟
- هناك بيت شعر لاحمد فؤاد نجم "اذا خفت ما تقولش، واذا قلت ما تخافش"، لا يوجد لدي كلام يجب أن أقوله أو لا اقوله، فالحكاية بالنسبة لي تعبير عن فكري ورأيي.

من أعمال الكاتب الصحفي يوسف العقيد روايةالحداد، عزبة المنسي، أيام الجفاف، البيات الشتوي، الحرب في بر مصر، شكاوي المصريالفصيح، اطلال النهار، قطار الصعيد، طرح البحر، قسمةالغرماء