عرض مشاركة واحدة
قديم 09-14-2010, 05:56 AM
المشاركة 34
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( التبرم من الخلق )
-------------------------------------


إن الإنسان عندما يزداد قربا من الله عز وجل ، ورقة في علاقته مع رب العالمين ؛ تنتابه حالة من حالات الإدبار والتبرم من الخلق ..وكأن هناك حالة من الضدية أو الاثنينية بين الخالق والمخلوق :
إن التفت إلى الخالق انشغل عن المخلوق ، وإن التفت إلى المخلوق انشغل عن الخالق .

إن الإنسان الذي يدمن النظر إلى المتاع الزائل ، فإن قلبه من الطبيعي أن ينشغل عن النظر إلى الجمال
العلوي ، وخاصة إذا كان الالتفات مع محبة وميل ..
إذ أن هناك فرقا بين النظرة الساذجة العابرة للدنيا ، وبين النظرة المعمقة المشوبة بالحب والميل ..
يقول أمير المؤمنين علي ( عليهِ السلام ) في وصفه للدنيا :
( من نظر إليها أعمته ، ومن نظر بها بصرته ) ؛ فنحن تارة ننظر إلى الدنيا ، وتارة ننظر بالدنيا .

وعليه ، فإن هذه الحالة من الاثنينية حالة طبيعية :
فالذي يشغل قلبه بما تراه عيناه ؛ من الطبيعي أن لا يتفرغ إلى جمال العالم العلوي ..
ولكن في نفس الوقت الذي يتلذذ باللذائذ المعنوية ؛ سوءا كانت لذائذ جوف الليل ، أو لذائذ الصلاة الواجبة ؛ فإنه يعيش حالة الجفاء مع المخلوقين ، ومع الوقت يعيش حالة التقوقع والانعزال عن الناس ..
ومع الأسف قد يظن أنه على خير !.. نعم ، هم ليسوا بمثابة { الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا } ، ولكن ليست هذه هي الحالة الفضلى أو المثلى للإنسان الكامل .

إن الأنبياء والأوصياء هم قمة الخلق ، وليس هناك علاقة متميزة بالله عز وجل ، كعلاقة النبي وآله ..
ولكن النبي كان أكثر الناس التصاقاً بالناس ، وأكثر الناس تعاملاً مع الناس !..
فقد ورد عن النبي محمد ( صلى اللهُ عليهِ و ألهِ و سلم ):
( الخلق عيال الله ، فأحبّ الخلق إلى الله من نفع عيال الله ، وأدخل على أهل بيت سروراً ) ..
وسئل ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) :
( من أحبّ الناس إلى الله ؟.. فقال : أنفع الناس للناس )..
والنبي الأكرم ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) يقول :
( أحسن الناس إيماناً ؛ أحسنهم خُلقاً ، وألطفهم بأهله .. وأنا ألطفكم بأهلي ) .

فإذن ، الجمع هو الكمال ، والذي يعيش مع الله - عز وجل - حالات روحية وشاعرية وشعورية على حساب الخلق ، هذا إنسان ناقص .. والذي يعيش مع الناس على حساب ذكر الله عز وجل ، أيضا هذا إنسان ناقص ..
( اليمين والشمال مذلة والطريق الوسطى هي الجادة
) .

منقول
14/ 9 / 2010