عرض مشاركة واحدة
قديم 04-24-2013, 02:58 PM
المشاركة 400
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
والان ننتقل للبحث في سر روعة :5ـتوم جونزللمؤلف هنري فيلدينغ


رواية "توم جونز» لفيلدنغ: إننا صنيعة ظروفناالاجتماعية


- اذا كانت «النهاية السعيدة» اعتبرت دائماً واحدة من السماتالأساسية في نمط من انماط السينما الهوليوودية، فإن من المؤكد ان هذه السينما لمتكن هي من اخترع «النهاية السعيدة». وحتى من دون ان يكون ثمة ما يؤكد ان هذه «النهاية» كانت لها بداية ما في الأدب أو غير الأدب، يمكنالقول ان الخاتمة التي تنتمي اليها رواية «توم جونز» احدى أهمالروايات في تاريخ الأدب الانكليزي، يمكن التوقف عندها باعتبارها رائدة لـ «انتصارالطيبة» على الشر،الذي يأتي من خارج البطل ومن داخله، في نهاية الأمر.

- فهذهالرواية التي كتبها هنري فيلدنغ ونشرت للمرة الأولى عام 1749،تختتم احداثها على ذلك الانتصار الكبير لطيبة الإنسان،وعلىلحظة يكتشف فيها هذا الإنسان انالجانب الخيّر في شخصيته يتفوقفي نهاية الأمر على الجانب الشرير. وفي هذا المعنى تعتبر «توم جونز» واحدة من أولى الروايات الغربية التي جعلت أيمانها بالإنسان موضوعاًأساسياً ومحركاً لأحداثها.

- وهي، في هذا، وليس في أحداثها، ولا في بنيانها، على رغم أهمية هذهالعناصر، أثرت كثيراً في معظم ما كتب من أدب انكليزي بعدها.

- غير ان فيلدنغ كان يصرّدائماً على أن ينفي عن نفسه، وأدبه، طابع الريادة حتى في هذا المجال، اذ كان لايفوته ان يشير الى انه انما يدين لثلاثة من الكتاب سبقوه وهم: اللاتيني لوسيانوسوالانكليزي سويفتوالاسبانيسرفانتس،وخصوصاً في مجال الكتابة المرحة،والكتابةالتي تعالج أصعب المواقف وأكثرها ايلاماً معالجة ملحمية.

- وفي هذا اعتبر أدبفيلدنغ - وعلى رأسه رواية «توم جونز» - فاتحة الأدب الروائيالحديث فيبريطانيا، وربما في العالم.

- ليس من السهل تلخيص احداث رواية وزع مؤلفها احداثها على ثمانيةعشر كتاباً تشكل في مجموعها سعة ستة مجلدات سميكة.

- فهي عمل «بيكاري» حافل بالشخصياتوالحبكات والخبطات المسرحية، يتخذ من المجتمع المدني ميداناً له، ويحاول أن يكونصورة متكاملة عن ذلك المجتمع وأخلاقياته في زمن صعود الطبقة الوسطى مع ازدهارالثورة الصناعية، وفي زمن بدأ الفكر فيه يجد ميادين لتحركه في حيز العلاقاتالاجتماعية، معطياً الفرد ومشكلاته مكانة أساسية.

- وفي المقابل يمكن رسم الخلفيةالتي تدور فيها الأحداث. وهذه الخلفية يشغلها أساساً،ذلك الطفلالوليد الذي يعثر عليه أرمل ثري يعيش في سامرست، هو السيد آلوورثي، في فراشه ذاتمساء. يفتن السيد بالوليد ويقرر ان يتبناه، وهو يعتقد ان أمه خادمة تدعى جينيجونز. ومن هنا يسميه توم جونز. واذ يسوي آلوورثيالمسألة بطرد المدرس باتريدج الذي يظن انه هو الأب يختفي باتريدج معالخادمة

- فيما تتزوج شقيقة آلوورثي التي تعيش معه بريدجت من الكابتن بليفيلوينجبان ولداً هو ماستر بليفيل يربى سوية مع توم. وينمو الوالدان معاً، حتى تعودالرواية وتلتقطهما بعد ذلك بتسعة عشر عاماً، حين يكتشف توم ان حبه الطفولي لجارتهالطفلة صوفيا، أضحى حباً بالغاً.

- لكن صوفيا منذورة للزواج من ماستر... وهنا تبدأالاحداث بالتعقد، والمؤامرات بالتركّب. وينتهي هذا الجزء بدفع آلوورثي الى طرد توممن المنزل. فيفعل ما يوقع توم في يأس شديد اذ فقد في آن واحدعطف ابيه بالتبني ومسرح طفولته وحبه

- فيقرر ان يتوجه الى بريستول للارتحالبحراً. ولكن يحدث في الآن نفسه ان تهرب صوفيا لتقيم عند قريبة لها في لندن. وهكذاتنتقل الأحداث كلها الى العاصمة التي يصلها توم بدوره. لكن توم،على رغم حبه لصوفيا وحزنه الشديد، لا يتورع عن مواصلة حياة لهو وشبق جنسي كان بدأهاباكراً، وجعلته يرغب في كل امرأة يراها. وهكذا يحدث له ذات يوم ان يرتبطبعلاقة مع سيدة سرعان ما يتبين انها هي جيني جونز، التي يفترضانها أمهالحقيقية التي هربت بعد ولادته.

- فيغرق توم اذ يعرف هذا، في يأس شديد وقد خيل اليه انه انما ارتكب معصية حب المحارم. غيران الحقيقة تكون في مكان آخر، لأن توم سيعرف لاحقاً ان امه الحقيقيةليست جيني، بل بريدجت شقيقة آلوورثي،التيتعترف لشقيقها بكل شيء وهي على فراش الموت، مؤكدة ان الوالد الحقيقي لتوم هو شاب التقته ذات يوم ثم ارتحل ومات بعد ذلك.

- وعلى رغم ما انكشف من ان توم وماستر أخوان غير شقيقين، فإن ماستريواصل مؤامراته ضد توم طمعاً في الحصول وحده على ثروة آلوورثي وعلى فؤاد صوفيا.

- ولكن يحدث أن يصحو ضمير واحد من الذين شاركوا ماستر في مؤامراته ضد توم، ويرسلرسالة مطولة الى السيد آلوورثي يحكي فيها كل شيء واصفاً كيف ان ماستر بليفيل يتآمرضد توم منذ الطفولة، وأن تلك المعاملة هي التي جعلت توم يسلك دروب الشر والمجون.

- وهكذا تبدأ النهاية السعيدة: آلوورثي يعفو عن توم جونز ويجعله وريثه الوحيد. وصوفياتعلن حبها لتوم بعدما فهمت ان كل العبث الذي عاشه والمجون الذي كان من سماته، ليساسوى النتيجة الظالمة للظروف التي عاشها. وتنتهي الحكاية بانتصار الخير علىالشر.