عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
3335
 
أنس بن سليم الرشيد
من آل منابر ثقافية

أنس بن سليم الرشيد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
14

+التقييم
0.00

تاريخ التسجيل
Mar 2011

الاقامة

رقم العضوية
9807
09-24-2011, 11:19 PM
المشاركة 1
09-24-2011, 11:19 PM
المشاركة 1
افتراضي المثقفون المجازيون
إن لفظة ( ثقافة ) كغيرها من الألفاظ التي يتغير مدلولها بتقدم الأزمان ..
ومتى ما تعقدت مشكلات الحياة فإن هذا بدوره يعقد من المدلول الثقافي ويجعل من الثقافة لبوسا لا يستحقه إلا من تماهى مع تلك المعطيات والإشكاليات فأعطى وأنتج ..
فليس المثقف هو الذي يقرأ من هنا وهناك فحسب ؛ إذ القراءة الحقيقية ما كانت تنتج ثقافة راجعة ومؤسسة من المكتوب لا مكتوب ..
إن ثقافة مجتمع انتقل من سلطة الفرد إلى سلطة القانون , غير ثقافة من لم يزل يردح في سلطة الأفراد ؛ ولهذا عندما يكون المثقف إما شاهدا ومسوغا لثقافة (سلطوية) فحسب أو مكرسا بخطابه المفاهيم والقناعات المحافظة التي تدور في فلك السائد القديم ! فإن هذا يعد مثقفا مجازيا !
فبالنظر إلى سؤال القضية الأساسية للمثقف تجاه مجتمعه .. هل خاض المثقف في قضايا ومشاريع انتشال الإنسان من أوحال التسلط أم كرسها بجهله هو قبل العامة ؟!
إن الدولة الحديثة تسير بجناحين يساعدانها على الطيران والتحليق نحو التقدم هذان هما المثقفون الإشكاليون , والسياسيون المتنفذون الذين يحسنون تصريف الأفكار التي أنتجها المثقفون الإشكاليون على أرض الواقع اليومي إلى آليات أو إجراءات تزيل العنف المتصاعد ضد الإنسان .
لكن ما نراه أن الثقافة لدينا تقاسموها فئتان اعتبرا ضدان , ولكنهما في الحقيقة وجهان لعملة واحدة , والفئتان هما هذه الفئة المجازية والفئة الأخرى هم من يطلق عليهم المشايخ الرسميين ..
يجمعهما التكالب على المصالح الخاصة واستخفافا بالمصالح العامة ولهذا كانا يحاربان – شعروا أم لم يشعروا – الارتقاء بالإنسان كطاقة خلاقة باستطاعته أن يصنع الحضارات التي بدورها ستحيي الفكر النقدي ومفهوم الحرية والعقلانية وحقوق الإنسان وسيادة القانون .. فأصبحوا سلطويين أكثر ممن سلطهم !!
القانون الثقافي لديهم ينص على حماية السلطة ويجلبون له النصوص السماوية ما يجعله هو نفسه نظاما سماويا لا يتنازع فيه اثنان !! ومن يحاول أن يراجع في هذا النظام فإنه يعد خروجا على الثوابت , وإثارة للفتنة , فالنار وبئس المصير !
وفي وسط هذا التسلط تظهر فئة مثقفة طموحة , ولكنها تعاني التهميش ومصادرة دورها ؛ ولهذا تجدها تشعر بالاغتراب فتهاجر بأقلامها نحو ثقافات أخرى للبحث عن الذات , عن الإنسان الذي بداخلهم ! .. وكل ما تطرحه من قراءات موازية للواقع والأحداث يقابل بالحيلولة بينها وبين إنضاجها واقعيا فتظل مستغرقة في الجدل النظري والافتراضات الطوباوية بين دفتي كتاب علاه التراب , وبالمقابل تجد أصحاب ثقافة المجاز يملكون الإعلام فيأطرون خطابهم ويعمقون التصديق به محافظين على النسق السلطوي !!
أرأيت كيف أنهم الوجه الآخر للعملة مع شيوخ التشريع من حيث الانخراط في دائرة أحادية الرأي , والتطبيل لكل خطاب سلطوي يزيد من انتفاعاتهم الشخصية مفرغين خطابهم من عنصره الثقافي .

وأخيرا : إننا لن نبدأ في الوقوف في سلم التقدم ما لم يوجد أثر لتلك الثقافة التي هي في بحث متواصل عن إجابات للأسئلة الذاتية والموضوعية المتلازمة المتجددة المنطلقة من أساسات الحرية الفكرية سياسيا واجتماعيا.