عرض مشاركة واحدة
قديم 03-17-2013, 11:14 PM
المشاركة 111
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشاطر3
ما أحلى منظر الغروب ! حين تعانق الشمس مياه البحر وقد احمر الشفق وصفحة الماء كشفتي الأم . بينما الجميع على سطح المركب يشدهم رونق الطبيعة وقد ابتسم الأفق لمقدم الليل ، توقف المركب عن المسير فجأة و انطفأ مصباح بدأ نوره يشع ، أسرع العم مصطفى إلى مقصورة القيادة ، أفجعه دخول المياه المالحة إلى الجناح السفلي ، ، هرع إلى إطلاق نداء استغاثة فوجد جهاز الإنذار والاتصال معطلا ، أخرج هاتفه النقال من جيبه ليجده خارج التغطية ، صرخ بصوت مرعب : " ياسر..ياسر !! أينك ياسر ؟ هاقد أصبحنا في عداد الأموات ، ها قد تقطعت حبال الأمل" أجابوه بهبة واحدة ، فوجدوه منكسر الرجاء ، دامع العين ، يئن لهول الصدمة ، فانخرطت طاموا في العويل بينما الأم تقطبت ملامحها ، وظهرت على وجهها علامات السنين ، رد ياسر باستغراب " ماذا تعني ؟ ماذا سنفعل؟" فأجاب مصطفى بقلة حيلة " سنموت سنموت " أطلق علي صفيرا أتبعه بصياح فأخذته الأم بين ذراعيها :" ما من جدوى بني ، لن يسمعك أحد ، فنحن بعيدون جدا جدا "*لكن أردف في الحال : " عمي أين قارب النجاة ؟ " فرد العم بيأس ، أتظن هذا الكيس ينجينا من انفعال البحر ، أتظن أن أحدا سيفتقدنا ، أتظننا نستطيع بلوغ الشاطئ بهذا الصفاق و لو هدأ البحر " أسرع ياسر بفتح أحزمة الغشاء المطاطي وهو يردد : " لا باس سنحاول " انخرط الجميع في العمل ، وقد دلهم مصطفى على مكان وجود مضخة الهواء ، ولحسن حظهم ممدوا أنبوبها إلى السطح فبدأ الزورق يتشكل . وزعت الخالة قمصان االنجدة على الجميع وحملت لوحتها التي لا تفارقها ، كيف لا وهي تذكار يوبيلها النحاسي .
على الزورق استوى الخمسة بشق الأنفس ومعهم سوسو تحرك ذيلها بدون توقف ، الخالة تتلو صلواتها وقد استحكم الظلام ، حين سمعوا ابتلاع البحر للمركب الجميل وهم لا يبتعدون عنه إلا بامتار معدودات ، فهزت حركة الماء الصفاق الذي يطفو بتوازن هش ، فكفة الخالة مائلة مما جعل زوجها يساعدها لتصل إلى مركزه .
الأم تنشد في أذن الصغير بصوتها العذب أنشودة مرحة ، وبين الفينة والأخرى تمسح دمعة تهوي من عينيها قائلة : " أخاف أن أموت قبل أن تعلم يا بني ، أني مجرد أم ربتك ، أما والداك فقد ماتا في حادثة سير بعد مولدك بستة أشهر "
كانت جملة أقوى من غرق المركب ، " آه أمي ماتت وأبي مات ، ونحن سنموت ، ما هذا يا إلهي
أنا السبب ، أنا الغراب ، أنا البومة ، أنا الشر تخلصوا مني ، أنا قاتل آبائي ، أنا من يقتلهم مرتين " يبكي منتحبا وأمه تمسح على رأسه بمرونة وهو يردد أنا الغراب ..أنا الغراب ... أنا البومة....تقبل جبينه وتقول " أبوك وأمك يريدانك قويا يا بني ، كن صلبا حتى أنت مستعد للقائهما ...لا تستسلم ، أنظر هناك رغم أننا في هذه الورطة ..... هناك نجوم تتلالأ و ثريا في الفضاء تتزين فتملأ الدنيا أملا و فألا حسنا "


تتبع إن شاء الله مع تحياتي لكم جميعا وللاستاذ ايوب خصوصا .