عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
11

المشاهدات
9258
 
فاطمة جلال
مراقبة سابقة

اوسمتي


فاطمة جلال will become famous soon enoughفاطمة جلال will become famous soon enough

    غير موجود

المشاركات
8,285

+التقييم
1.56

تاريخ التسجيل
Nov 2009

الاقامة

رقم العضوية
8124
04-17-2012, 07:53 PM
المشاركة 1
04-17-2012, 07:53 PM
المشاركة 1
افتراضي قراءة ...لصور صامتة

قراءة...لصور صامتة

في ربيع العمر كانت أمي تعشق جمع الصور تعلقها على وجوه الجدران الباردة
علها تضيء جنان الروح,,, كنت البنت الوسطى , وكانت روحي دائما نزقه فذات مساء
ما زلت أذكره الآن وكأنه يحضرني قلت :
- ألا تعلمين يا أمي أنك تشوهين الجدار بتلك الثقوب..!!!
نظرتْ إليَّ بصمت, فقبلتني وضمنني إلى صدرها الحاني ومضت لم أكن أفهم هذه النظرة
التي رمقتني بها حتى جاء اليوم الذي أصبحت هذه الصور تسكن روحي قبل أن تسكن
البراويز التي غيرتْ من ملامحها حيطان الغربة...

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


بعد نهار طويل ومشقة البحث عن الذات في سراديب الحياة والقطارات التي تمضي بعيدا
عني مُخلفة في روحي دخانها الأسود الذي يُزكم أنفاسي ,والوجوه المتقلبة على صفيح
الأيام , القي بجسدي النحيل فوق غطاء الإرهاق , أشعل مشكاة الحنين بفتيل الذكريات,
تستيقظ في روحي هامات الحزن , فدعوت الله أن لا يكون الأرق زائري هذا المساء وعيوني
محدقة في هذه الجدران البالية , إلا من صور تحملني بعيدا وتوقظ الحنين بي
فيسيل الدمع فوق , وسائدي يا الهي الوحدة تقتلني والصمت يشهر مخالبه في قلبي فتوقظ
روحي صورة لأمي تتأبط كفت أبي برقة وحنين , وبدلال المرأة العربية,جبينها
الساحر , حرير ضفائرها , يداها التي تُشتعل مِن قناديل الفجر قصائد , بحة صوتها
الخمري المعتق كبلابل الصباح عندما تقتات فتات السكر من أناملها ...

أستحضرها ,,, وتحضرني ,,,أناجيها علها تغمرني بحنينها فأشعر أنني أقبل كفوفها البيضاء ,
أشم رائحة عطرها الشرقي , أتمرغ في وجهها , أقبل قرنفل يديها ,
يأسرني هذا الجمال , وتلك الابتسامة التي ما غفت يوما , وجديلتها المنسابة
على خصرها تسابق الريح فوق
سنابل القمح , بيدها تُمسك طرف ثوبها وبالأخرى تطلق ساقيها للريح, وتعلن الأرض
ثورة الزهور ليفترش بساط الربيع فلا تُخدش رقة أناملها

آه يا أمي ...
كيف سرقت الأيام طفولتنا, كبرنا ولم نوغل في العمر بعد فما زلت طفلتك ,ضميني إليك
وعانقي في روحي فجرا لا يشرق إلا من ليلِ عينيك كيف لدور التجميل أن لا تتسابق
وتصنع عطرا كعطرك الفواح برائحة الحناء والبخور , وثوبك المطرز بلون عينيك العشبيتين
كانت كل نساء الحي يتمنونه,, أتذكرين قلت لي يوما سأصنع لك مثله وما زلت انتظر .

كل ما فيك يأسرني يجعلني أرشح حبا وسعادة وكأنني ولدت هذه اللحظات
شالك الأسود كلما نظرت إليك , رأيت قمرا يتوسط كبد السماء وكلما غفت الزهور في
حضنك تغار منك فراشات الربيع , و كلما توسدت العمر في حضنك توقفت عقارب الزمن
ولا أسمع إلا نبض قلبك ,فما زال الحنين يعبق بكفك بحرير ضفائرك بتموج زهر الرمان
فوق الوجنتين ,ما زلت اسمع همسات دعائك وأشتاق إلى الصباحيات الخوالي ,

يا الهي لا تفارق هذه الصور ذاكرتي أعيشها بتفاصيلها , وأنا أشارك متعة خلط الماء
بالطحين ,,فاستغرب متسائلة ,
- يا أمي كيف يصير الطحين خبزا ألا تعلمينني كيف...!!!
فتجيبني بابتسامتها الساحرة
- يا ابنتي عندما تكبرين ستكونين أم بارعة...
آه يا أمي ... كبرت وكبرت هموم الدنيا معي, ليتني لم أكبر يوما, وبقيت تلك الفتاة الصغيرة
التي كلما أوجعها الزمان ارتمت في أحضانك, لتتسلل أناملك في خصلات شعرها تعيد
ترتيب سنابل القمح وتمسح دموع القهر ... ترفلني بالدعاء , وتقرأ فوق روحي
المعوذات ,تُهدهدني حتى أغفو وأستريح من عناء التفكير .

مللت الشوارع الباردة, إنني أشهر ضعفي وموائد الذكريات باتت كسرة خبز تجتاحني
كلما أيقظ الجوع جذور الصبر , فتشتعل الروح بالمزيد من العطش والحرمان, فتقبض
الحياة ذراعيها لتلقي بي على حافة الطريق غريقة في بحر أحلامي ,مطرودة من الفرح ,
كعود يابس لا يعرف الاخضرار , وأحيانا أتكسر فوق ضلوعي ,فأصبح هلامية تتقاذفني
قسوة الأيام
أحدودب الظهر يا أمي وكأنني كبرت قبل أوان الورد بألف عام , حتى نسج العنكبوت
خيوطه حاولت أن أفرغ ما في جعبتي من تعب النهار تحت غطاء الإرهاق الذي يكاد
يصلبني وجعا ,


هي قراءة لوجه أمي ...فأحمد الله أنني ما زلت أكحل عيوني بوجهها الصبوح
سطوري القادمة ما هي إلا قراءة صامتة لبقايا صور تعلن وجودها على جدران غرفتي
وخيالي المتعب يجعلني أسيرة لهذه الصور ...

انتظروني لعلي أستطيع قراءة باقي الوجوه

الحقوق محفوظة



فاطمة جلال
16 نيسان 2012

.......


تَعَـالَ ...
نَعْـجِن مِـن الحِـرَفِ رَغِيفًـا عَـلَى مَوَائِـدِ الـكَلَامِ ...
وَنَـكْتُب رَسَائِـلَ الحَـنِينِ إِلَى اليَـاسمِينِ ....

تعـالَ...
فمن تشتاق الـروحُ اليـهم ؛ قـــد أوغلـوا فـي الغيـاب !

فاطمة جلال

.....