عرض مشاركة واحدة
قديم 10-02-2010, 01:35 PM
المشاركة 5
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
(5)
المتشعبة الفسيحة فوجدتهم قد أورثونا بذلك فيها علوماً نفيسة جمة وافتقروا لنا منها قلباً خسيفةً غير ذمة إلا أني وجدت ذلك نشراً غير ملتئم ونثراً ليس بمنتظم إذ كان لا كتاب نعلمه إلا وفيه من الفائدة ما ليس في صاحبه ثم إني لم أر لهم فيها كتاباً مشتملاً على جلها فضلاً عن كلها مع أني رأيت جميع من مد إلى تأليفها يداً وأعمل في توطئتها وتصنيفها منهم ذهناً وحلداً قد حرموا الارتياض بصناعة الأعراب ولم يرفع الزمن عنهم ما أسدل عليهم من كثيف ذلك الحجاب حتى كأنهم موات لم يمد بحيوانيه أو حيوان لم يحد بإنسانيه فإنا نجدهم لا يبينون ما انقلبت فيه الألف عن الياء مما انقلبت الواو فيه عن الياء ولا يحدون الموضع الذي انقلاب الألف فيه عن الياء أكثر من انقلابها عن الواو مع عكس ذلك ولا يميزون مما يخرج على هيئة المقلوب وما هو مقلوب وما هو من ذلك لغتان وذلك كجذب وجَبَذَ ويئِسَ وأَيِسَ ورَأَى ورَاءَ ونحوه مما ستراه في موضعه مفصلاً محللاً محتجاً عليه وكذلك لا ينبهون على ما يسمعونه غير مهموز مما أصله الهمز على ما ينبغي أن يعتقد منه تخفيفاً قياسياً وما يعتقد منه بدلاً سماعياً ولا يفرقون بين القلب والإبدال ولا بين ما هو جمع يكسر عليه الواحد وبين ما هو اسم للجمع وربما استشهدوا على كلمة من اللغة ببيت ليس فيه شيء من تلك الكلمة كقول أبي عبيد النبيثة ما أخرجته من تراب البئر واستشهاده على ذلك بقول صخر الغَي، لصخر الغَي ماذا تَستَبيثُ، وإنما النَبِيثةُ كلمة صحيحة مؤتلفة من ن، ب، ث، وتَستَبيثُ كلمة معتلة مؤتلفة من ب و ث أو من ب، ى ث، يقال بُثتُ الشيء بَوَثاً وبِثتُه وأَبَثتُه إذا استخرجته إلى غير ذلك من قوانين التصريف التي جفت أذهانهم عن رقتها وغلظت أفهامهم عن لطفها ودقتها.
فاشرَأبَّت نفسي عند ذلك إلى أن أجمع كتاباً مشتملاً على جميع ما سقط إلي من اللغة إلا ما لا بال به وأن أضع على كلمة قابلة للنظر تعليلها وأحكم في ذلك تفريعها وتأصيلها وإن لم تكن الكلمة قابلة لذلك وضعتُها على ما وَضَعُوه وتركتها على ما ودعوه تحبيراً أُقَيّنُه وأُرهفُه وتعبيراً أتقنُه وأُزَخرِفُه ثم لم تزل الأيام بي عن هذا الأمل قاطعة ولي دونه زابنةً مدافعه وذلك بما يستغرق زمني من جواهد الأشغال ويا طر متن قوتي من لَواهِدِ الأعباء والأثقال مع ما كنت أُلاحظه من موت الهمم وقلّة المُغلّينَ ثمناً بنفائس الحكم وتولي دولة إعمال اللفظ والقلم في طاعة الله وسبيل المجد والنفع بالمال والجاه لاقتناء المجد واجتلاب الحمد حتى نفذ ما لَوَى من عِنانِي إليه وعَوَى من لساني وجنَانِي عليه وهو المُتَقَبَّلُ المُطَاع والمُتَقَيَّلُ غير المُضَاع أمر الموفق مولانا الملك الأعظم والهمام الأكرم تاج المآثر وسراج المعارف محيي ميت الفضل ومقيم مناد السياسة بالعدل معيد دوائر الكرم بإيراقها بَعدَذَيّها ومُطلع نجوم الفهم بإقامة الهِمَمِ على حين إخفاقها فالآفاق بثنائه عبقه والألسنة بصفة علائه علقه والبلاد بميسور نعمه وآلائه معقوده وأيديهم فيه إلى الله تعالى بالقبول ممدودة وحق له ذلك منهم بما أوسع العباد من فضله وأفاض على البلاد من حسن سيرته وعدله فالكل مستقر في وارف ظلاله ومستمر مستدر لأهاليل واكف سجاله أوطأهم من التراب ما كان أقض وأساغهم من الشراب ما كان أغص وأجرض فعاد اللبب رخياً ولان لهم من أخادع الزمن ما كان أبياً حين ألحفهم ظلال كرمه الوافية وأسبغ عليهم أذيال نعمه الضافية.
أطال الله مدة بقائه وحفظ عليهم دولة عزه وعلائه وحمى حوزة الإسلام بسلامة ذاته وحفظ حياته وتبكيت عداته وإمضاء شباته وجعل المناوين له من حساده ومعانديه